شكلت الدعوة إلى اعتماد الدارجة في التعليم الأولي وما أثارته من ضجة ، محور مناظرة تلفزيونية جمعت مساء الأربعاء، المؤرخ والمفكر الدكتور عبد الله العروي المبرز في اللغة والحضارة العربية، ونور الدين عيوش الفاعل الجمعوي ومهني الإشهار. وشدت المناظرة التي شكلت سابقة في تاريخ البرنامج أنظار المغاربة المتعطشين لمعرفة حيثيات الجدل الدائر حول المسألة، سيما بالنظر لوزن الضيف الذي احتجب عن وسائل الإعلام دهرا قبل أن يخرج من معزله بهذه المناسبة. وتبنى العروي فكرة الدعوة للغة عربية مبسطة في التدريس طرحها ، وحاج مناظره حولها بجملة من المعطيات، بينما اقترح عيوش لغة وسطا بين الدارجة والعربية الفصحى. وأكد مجددا رئيس مؤسسة زاكورة للتربية، خلال هذه المناظرة ضرورة استعمال اللغة الأم في التعليم الأولي والابتدائي في تعليم الأطفال بدل اللغة العربية الفصحى، معتبرا أن الطفل يجد صعوبة في التواصل مع المعلم الذي يستعمل لغة مختلفة عن تلك التي يسمعها في البيت، وهو ما يؤدي في نظره إلى ارتفاع نسبة الهدر المدرسي في صفوف التلاميذ لكون المدرسة "لا تعترف بشخصية الطفل". واستدل الدين عيوش، في رأيه على دعوة منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونيسكو، التي تؤكد فيها على أهمية استعمال لغة الأم في التعليم الأولي. في المقابل، اعتبر الأستاذ العروي أن الدعوة إلى استعمال الدارجة في التعليم الأولي "مبادرة نافلة حيث أنه في الثلاث سنوات الأولى من التعليم يتم التواصل مع الأطفال بالدارجة، وبالتالي فما دعت إليه المناظرة يوجد على أرض الواقع". نقاش مغلوط حول قضية مغلوطة و أثارت المناظرة حول الوضع اللغوي بالمغرب، بين المفكر عبد الله العروي، ورجل الإشهار نور الدين عيوش، الكثير من الآراء والتفاعلات على المواقع الاجتماعية، من بينها ما عبر عنه الأستاذ فؤاد أبو على رئيس الائتلاف الوطني للدفاع عن اللغة العربية في تصريحات ل"العلم"، بطرحه جملة من الأسئلة من قبيل هل اتضحت الصورة الآن؟ هل بدا عوار المتصدين للدفاع عن التدريج واعتماد العامية لغة للتدريس؟ هل كشفت المناظرة ثورة المثقفين والعلماء والأكاديميين والسياسيين على مذكرة عيوش ومن معه وهن الفكرة وخفاياها الإيديولوجية؟ وخلص أبو علي، أنه لا أحد في المغرب اليوم يمكنه التشكيك في وهن مذكرة عيوش النظري والمنهجي، مضيفا إذا كان هذا الأخير "استغل قربه من دوائر القرار السياسي لتمرير آرائه التي تفندها الدراسات اللسانية والتربوية، فإننا نقول إن الأمر هو وجود وطن وشعب وليس مصلحة عارضة". مبديا ملاحظات حول الموضوع من قبيل، انحصار النقاش في طرح الجدوى المادية والهوياتية، وكون الدارجة شفوية وجماليتها وإبداعيتها في شفويتها ومعيرتها ستقضي عليها، ثم التأكيد على أن إشكال لغة التدريس لا ينبغي أن يطرح من خلال الوصف العرضي بل من خلال الأسئلة الحقيقية. أما محمد العلمي، الإعلامي المغربي المقيم بالولايات المتحدةالأمريكية، ققال "السؤال الذي كنت انتظر أن يُطرح علي السيد عيوش، هو أي دارجة تريد أن تعلم أبناء الشعب إذا كان تكوينك الفرنسي يحول دون تعبيرك بسلاسة بالدارجة نفسها ، ولماذا لا تطبيق هذا الأمر على عائلتك أولا ألم يكن البر في المقربين أولى؟؟". من جهته، عبر السوسيولوجي المغربي عبد الرحيم العطري، عن ثقته في مدى إقناع عبد الله العروي، مشيرا أن الصناعة المعرفية الثقيلة تنتصر على الرداءة و الخواء "هنيئا لنا بمفكرنا البهي عبد الله العروي". وأشار محمد يتيم، القيادي بحزب العدالة والتنمية، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، أن «لقاء العروي وعيوش، يكشف المسافة الواسعة بين العلم والجهل، بين المعرفة والإيديولوجيا، بين الرزانة والحدلقة بين المنطق العلمي والتسويق التجاري للبضائع". في نفس السياق طرح طارق السباعي، رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام، مسألة "إعداد ناشئة فاشلة بالكاد تفلح في إيجاد عمل حرفي يستخدم فيه الجسم لا العقل"، متسائلا لماذا لم يوضح عيوش للمغاربة كيف تم إهدار 35 مليار في المخطط الاستعجالي للتعليم، ولماذا لم يسألهم خبراءه عن ترشيد النفقات ومحاسبة مهدري المال العام، ولماذا لم يرد ذلك في توصياتك.