الندوة الدولية التي نظمتها مؤسسة زاكورة حول إصلاح التعليم والتي حضرها المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة وغاب عنها المسؤولون الحكوميون، شكلت لدى العديد من المراقبين مؤشرا على عودة الدولة لاستلام ملف التعليم من يد الحكومة، خاصة بعد الخطاب الملكي الذي انتقد فيه الملك محمد السادس الوضع الحالي للتعليم وقال عنه : (إن ما يحز في النفس أن وضعه الحالي أصبح أكثر سوءا مقارنة بما كان عليه الوضع قبل أكثر من عشرين سنة) . نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد اعتبرت أن الندوة التي حضرها فؤاد عالي الهمة «لا يمكن أن تساهم بأي حال من الأحوال في إصلاح منظومة التعليم، لأنها تكرس تصورَ الدولة لضرورة التحكم في مداخل ومخارج المدرسة والجامعة المغربية»، كما أن النظام التعليمي بالمغرب يعرف حسب نبيلة منيب مجموعة من الاختلالات التي من دون حلها لا يمكن أبدا أن تتحقق التنمية، ومن أهم هذه الاختلالات هي «احتقار الجامعة المغربية وتهميش البحث العلمي وإبعاد الكفاءات عن الجامعة المغربية، لأن المدخل الأساسي للتنمية هو بناء الإنسان والكفاءات، وعلى المدرسة أن تواكب بناء الإنسان المتسلح بالحس النقدي المواطناتي، لكن مدرستنا المغربية مع الأسف لا تصنع هذه الأمور، بل بالعكس من ذلك، فهي تسعى إلى تخريب المواطن وجعله فردا خانعا ومتشبعا بثقافة الخضوع». أما عن الحصيلة التي وصل إليها المغرب في مجال التعليم والتي تجعله دائما يحتل مؤخرة الترتيب العالمي على مستوى جودة التعليم، فقد أكدت نبيلة منيب على أن ذلك هو نتيجة طبيعية للسياسة التي اتبعتها الدولة منذ الاستقلال هذه السياسة التي «تقوم على الرغبة في التحكم وإفراغ المدرسة المغربية من الجودة والتركيز على الكم فقط، وأنا بصفتي أستاذة جامعية منذ 25 سنة، فقد لاحظت كيف تدنى مستوى الجامعة المغربية، وهذا أمر طبيعي لأن هناك رغبة ممنهجة في تخريب المدرسة المغربية حتى لا تبني مواطنين قادرين على التفكير السليم والحر». أما عما إذا كان استلام الدولة لملف التعليم مرة أخرى وسحبه من يد الحكومة سيؤدي إلى إصلاح بعض الاختلالات التي تعرفها المنظومة التعليمية بالمغرب، فقد أكدت نبيلة منيب أن مشكل التعليم لا يكون باستدعاء مستشاري الملك للندوات، مضيفة أن «المغرب يتوفر على الكثير من الكفاءات التي من الممكن أن تساهم في إصلاح التعليم، لكن يتم تهميشها، ويتم تنظيم ندوات يحضرها من ليس له علاقة بميدان التعليم، ومع احترامي للسيد نور الدين عيوش، فما علاقته بالتعليم حتى ينظم ندوة دولية حول الموضوع؟»، الحل يكمن في أن تولى لأمور لأصحاب العلم والمعرفة في مجال التعليم. أما عن المشكل الآخر الذي يتهدد المدرسة المغربية فيتمثل حسب منيب في المدارس الخصوصية التي يعتزم المغرب الرفع من نسبتها إلى 20 بالمائة، «لأن التعليم الخصوصي لا يخضع لأي مراقبة كما أنه أدى إلى خلق نوع من التمييز بين أفراد المجتمع، لذلك يجب الاستثمار في المدرسة العمومية وإلا فنحن نسعى إلى هدم المجتمع ونفتح المجال واسعا لكل دعاة التخريب والتطرف بالمغرب».