في لقاءه مع هيئة التفتيش بمركز الدراسات و البحوث الإنسانية و الاجتماعية بمدينة وجدة يوم 22/04/2013، و الذي يندرج في إطار سلسلة من الاجتماعات مع السادة المفتشين عقدت مؤخرا في مجموعة من الأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين ، أكد السيد وزير التربية الوطنية على أن الهدف الأساسي من هذا اللقاء هو عرض التصور الجديد لتنظيم التفتيش، وكذا تقديم رؤية موحدة حول إصلاح المنظومة التربوية . ولن يتأتى ذلك إلا بالرهان على هيئة التفتيش بجميع مكوناتها (التعليم الابتدائي، التعليم الثانوي، التخطيط التربوي، التوجيه التربوي، المصالح المادية والمالية) باعتبارها نقطة الارتكاز المحورية و المدخل الأساسي لتحقيق الإصلاح التربوي المنشود. وقد تطرق السيد الوزير في كلمته المطولة إلى مجموعة من المحاور نعرض لأهم ما جاء فيها: تقاسم تشخيص المنظومة التربوية: في بداية كلمته أخبر السيد الوزير أنه تسلم منظومة تربوية غير مستقرة وتعاني من عدة إكراهات وصعوبات و اختلالات أثرت سلبا على جودتها ومردوديتها (تدبير الموارد البشرية ، الفئوية، الزمن المدرسي وزمن التعلم، بيداغوجيا الإدماج…) وأنه عازم على إصلاحها مهما كلفه ذلك من ثمن . وهو بالمناسبة يعول على هيئة التفتيش وعلى باقي مكونات المنظومة التربوية لإنجاح ورش الإصلاح. عرض خلاصة الاستنتاجات حول عمل هيئة التفتيش: في هذا الصدد، نوه السيد الوزير بالعمل المهم و المثمر الذي قام به السادة المفتشون مؤخرا من خلال إنجازهم لثلاث عمليات تربوية كبرى، كان لها الوقع و الأثر الكبير على تحسين جودة المنظومة التربوية : - الإفتحاص المرحلي للبرنامج الإستعجالي (الذي سيتلوه قريبا الإفتحاص النهائي للبرنامج) والذي قدم تقرير عنه لكل من: الدوائر العليا ،رئيس الحكومة، البرلمان ،المجلس الأعلى للحسابات ، مفتشية المالية النقابات الأكثر تمثيلية ،وكذا المانحين الدوليين . - تتبع ومواكبة عملية الدخول المدرسي 2012/2013 من خلال رصد وجرد المشاكل و الإكراهات الميدانية التي تعيق عملية التمدرس و إيجاد الحلول الملائمة لتجاوزها محليا؛ - تتبع تطبيق الزمن المدرسي وزمن التعلم حيث أثبتت المعانة الميدانية أن مجموعة من المؤسسات التعليمية تشتغل بصيغ زمنية مختلفة؛ كما أشار السيد الوزير إلى التهميش الذي عرفته هيئة التفتيش خلال العقود الأخيرة ، وتأسف كذلك على عدم استثمار تقارير التفتيش بالشكل المطلوب، رغم ما تتضمنه هذه التقارير من اقتراحات و توصيات مهمة، لو تم تفعيلها و أجرأتها في حينها لتغيرت معالم المنظومة التربوية ولتحسنت جودتها ومردوديتها. وفي المقابل، عرض السيد الوزير لسلوكات بعض المفتشين التي تسيء إلى سمعة الهيئة، حيث طلب من الجميع مقاومتهم و التبرؤ منهم ، وهم بالمناسبة قلة قليلة مقارنة مع الغالبية العظمى من المنتسبين لهيئة التفتيش. جودة المنظومة التربوية من مسؤولية المفتش والأستاذ: كما أكد السيد الوزير في معرض كلمته أنه مسؤول عن 6 ملايين و500 ألف تلميذ وتلميذة، و أن المسؤول المباشر عن جودة المنظومة التربوية هو: المفتش والأستاذ، على اعتبار أن الأستاذ هو الفاعل الأساسي و المحوري في العملية التعليمية التعلمية بمعية و بتفاعل مع التلميذ، و المفتش هو الذي يقدم خدمات التأطير و الاستشارة و الإعلام و ويزود الأساتذة بالمعلومات و المستجدات التربوية و المقاربات البيداغوجية الملائمة ويحفزهم على العمل. وذلك من خلال قيامه بالزيارات الميدانية المنتظمة للمؤسسات التعليمية ومراقبته ما يحدث في الفصول الدراسية. وتأسيسا على ذلك ، فإن إصلاح المنظومة التربوية وتحقيق جودة التعليم المنشودة رهين بإعادة الاعتبار وبتثمين دور المدرس و المفتش على السواء. زيادة على ذلك، أخبر السيد الوزير بأنه بصدد التفكير في إلغاء نقطة التفتيش على غرار ما هو معمول به في مجموعة من المنظومات التربوية العالمية، لكنه أضاف على أن هذه الفكرة مازالت في مرحلة الاختمار والدرس وهي قابلة للنقاش و الحوار و المداولة. نظام أساسي جديد: في هذا الموضوع أشار السيد الوزير أن الوزارة بصدد الاشتغال على نظام أساسي جديد يوزع موظفي وزارة التربية الوطنية على أربع هيئات: هيئة التدريس،هيئة الإدارة التربوية، هيئة التفتيش، هيئة التأطير الإداري. و أضاف كذلك على أن مشروع النظام الأساسي سيتم وضعه رهن إشارة الفاعلين و المتدخلين و الشركاء قصد التداول والمناقشة قبل تقديمه إلى الحكومة من أجل المصادقة. توجهات وزارية جديدة: كما أخبر السيد الوزير أنه يفكر بجدية في اتخاذ مجموعة من القرارات التربوية الإستراتيجية أهمها: - إعادة النظر في هيكلة التعليم بالسلك الابتدائي بشكل تدريجي استنادا على مبدأ التخفيف، من أجل تحقيق الكفايات الأساسية المرتبطة بهذا المستوى من التعليم و المتمثلة أساسا في الكتابة والقراءة و التعبير والحساب؛ - إصلاح نظام الباكالوريا من خلال تقليص مواد الامتحان بالنسبة للمترشحين ( الاقتصار مثلا على اجتياز المواد العلمية فقط بالنسبة للتلاميذ العلميين)؛ - توسيع تدريس اللغة الانجليزية من أجل منح فرصة أكبر للتلاميذ و التلميذات الحاصلين على الباكالوريا لمتابعة دراستهم العليا في الدول الأنجلوسكسونية. تدبير الموارد البشرية: وفي هذا الإطار، أخبر السيد الوزير أنه اكتشف في وقت سابق توظيفا مباشرا ل 4900 موظفا لم يخضعوا للمباراة . لكنه أكد في المقابل على أن المنهجية المعتمدة بالوزارة من الآن فصاعدا هو تبني مبدأ الاستحقاق، حيث تم مؤخرا الإعلان عن 8000 منصب بوزارة التعليم خضعت للتباري. كما أوضح أن إنجاز عملية سد الخصاص سوف لن يتم مستقبلا إلا بعد ضبط الخريطة التربوية في شقها المتعلق بالموارد البشرية وبعد إسناد حصص زمنية كاملة للأساتذة. وبخصوص التكوين الأساسي و المستمر، فقد شدد السيد الوزير على أن الالتحاق بوظيفة التعليم لن يتم مستقبلا إلا بعد المرور عبر بمراكز التكوين التابعة لوزارة التربية الوطنية. كم أضاف على أن زمن التكوين العام انتهى، حيث سيصبح التكوين المستمر وظيفيا يسعى إلى تلبية الحاجيات التي يعبر عنها المعنيون بالتكوين. مستجدات تخص هيئة التفتيش: وكشف السيد الوزير في كلمته عن مجموعة من المستجدات تهم هيئة التفتيشأبرزها: - توقيع المفتشين لمحاضر الدخول والخروج ابتداء من نهاية هذه السنة؛ - وضع برنامج العمل السنوي الخاص بكل مفتش ابتداء من السنة الدراسية المقبلة؛ - تعيين مفتش رئيسي على مستوى كل أكاديمية جهوية للتربية و التكوين يساعده فريق مصغر يضم ممثلين عن جميع مجالات التفتيش وتسند إليه مهام التنسيق وتتبع تقاريرالتفتيش واستثمارها؛ - توسيع دائرة اشتغال المفتش من الفصل الدراسي إلى تقويم المؤسسة التعليمية بجميع مرافقها، حيث سيتم إنجاز تقارير التفتيش من خلال تعبئة نوعين من الاستمارات: الأولى تهم المؤسسة التعليمية يتم إرسالها في الحين عبر الإنترنت إلى كل من النيابة والأكاديمية والوزارة، و الاستمارة الثانية هي عبارة عن تقرير تقييمي موجز لعمل الأساتذة ؛ - حضور مفتشي المصالح المادية و المالية في عملية فتح الأظرفة المتعلقة بالصفقات العمومية، ومراقبتهم لمسطرة إنجاز هذه الصفقات وضرورة تأشيرهم بالأحرف الأولى عليها. وقد اختتم اللقاء بتقسيم الحضور إلى ورشتين تخصصيتين أطرهما كل من المفتش العام للشؤون التربوية و المفتش العام للشؤون الإدارية و المالية. وعلى العموم ، يمكن اعتبار عقد هذه اللقاءات مع هيئة التفتيش من أجل تقاسم تقييمات و استنتاجات وزارة التربية الوطنية حول واقع المنظومة التربوية وكذا قصد عرض تصورها الجديد حول تنظيم هيئة التفتيش، مبادرة مهمة و إيجابية يجب تثمينها و ترصيدها . إلا أنه وعلى الرغم من أهمية مجموعة من المستجدات و الأفكار الواردة في تصور الوزارة ، تبقى بعض النقط محتاجة إلى المزيد من التدقيق و التوضيح و التنقيح، في انتظار تعميق التفكير وتوسيع النقاش بين كل الفاعلين و المعنيين بملف التفتيش، في أفق الحسم النهائي في الإشكاليات المؤرقة لمنظومة التفتيش و المتمثلة أساسا في تدقيق الوظائف و المهام، وإعادة النظر في الهيكلة و التنظيم، و إقرار الاستقلالية الوظيفية .