الحلم يمكن أن يصبح كابوسا! الذكاء يتحول دون سابق إنذار إلى غباء! والرغبة في كسر تمنع نقطة جيدة يمكن أن ينتهي عند القضاء! ثلاثية تجد تفاصيلها في فضيحة التزوير التي طالت أوراق امتحان الباكالوريا بالدارالبيضاء. الحلم تقاسه تلميذ وأسرته التي يرأسها قاض سابق، تحول اليوم إلى مقاول معروف بالمدينة. أسرة اختارت لإبنها ثانوية خاصة لمسايرة تعليمه والحصول على الباكالوريا.. إلا أن كابوسا مزعجا وغير متوقع حول هذا الحلم إلى حالة غش وتزوير فريدة. الذكاء تحول إلى غباء، بعد إصرار صاحب الرقم السري في الإمتحان والأيادي الخفية التي ساعدته على الإستفادة من التزوير على تحطيم عتبة النقطة 20 في ثلاث مواد علمية. غباء صيغ بخط ناضج متمرس في أجوبة على المعادلات الرياضية والعلمية، وعلى رسم جداول الحياة والأرض وتفكيك الشفارات الكميائية والفزيائية. كسر عتبة 20 القوية التي لايقهرها إلا النوابغ .. قد يقود اليوم إلى تدخل الشرطة العلمية والقضاء للتحقيق في النازلة. نازلة صدمت أطر وزارة التربية الوطنية بالدارالبيضاء. جعلت فرحهم بتقلص عدد حالات الغش المعتادة يتحول إلى خوف على حصانة الباكالوريا ورمزتها الوطنية. «حل لغز عملية التزوير التي طالت نتائج هذا التلميذ.. نحتاج إلى تدخل الشرطة العلمية.. وتحقيق قضائي.. وقرار إعفاء المدير إجراء إداري بسيط واحترازي فقط .. » يقول مصدر من داخل وزارة التربية الوطنية. الحاجة ذاتها تقول عنها خديجة بن الشويخ «سنمشي إلى أبعد حد في هذا الموضوع، ولن نتردد في حماية مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين لنيل الباكالوريا». تحقيق، يعتبره القائمون على الشأن التعليمي قد يعزز التحقيق الأولي الذي قادته مديرة أكاديمية الدارالبيضاء. أولى خطوات التحقيق بدأت من مركز التصحيح الذي اكتشفت فيه عملية التزوير ثانوية «الفشتالي» التابعة لنيابة التربية الوطنية بالحي الحسني، التي احتضنت تصحيح مادة علوم الحياة والأرض.. التحقق تتبع المسار الذي سلكته ورقة الإمتحان، لتصل بي يدي الأستاذة التي اكتشفت بمهنيتها وحنكة سنوات قضتها أمام ورق الإمتحان أن الإجابات التي بي يديها لا يمكن أن تكون لتلميذ. وشكها في صاحب الورقة التي بين أيدها، عززه رسم ل «طابلو» الإجابة تخص مادة العلوم الحياة والأرض .. رسم لا يمكن أن تخطه أنامل تلميذ، مهما بغلت قوة ذكائه ونبوغه. المستفيد من عملية التزوير هذه، وحسب مصادر مطلعة، كان تليمذا متوسطا في مستواه الدراسي، تدرج في مؤسسة للتعليم الثانوي الخاص. اجتاز أربعة مواد برسم الدورة الأولى للبكالوريا شعبة العلوم التجريبية. قفز في كل المواد العلمية « الرياضيات، العلوم الفزيائية، علوم الحياة والأرض.» على عتبة 20 وتواضع في مادة الفلسفة بعد أن اكتفى بالحصول 12 نقطة. مقارنة خط المستفيد من التزوير اعتمادا على أوراق الإمتحان، أظهرت أن اختلافا كبيرا بين الخط المكتوب بها موضوع مادة الفلسفة، وبي الخط المحرر به أجوبة المواد العلمية. كان هذا أول خيط يؤكد عملية التزوير. الخيط الثاني، كان المقارنة بين نقاط التلميذ في المقاربة المستمرة.. وأيضا عدم ختم ورقتين من أوراق الإمتحان المشكوك في أمرها بتوقيع مراقب الامتحان. الخيط الثالث.. كان اعتراف التلميذ المستفيد من عملية التزوير، أن الإمتحان الوحيد الذي يمكن أن نسبه له ويقر بأنه مكتوب بخط يديه هي ورقة التحرير الخاصة بمادة الفلسفة. ولم يعترف بالخطوط الأخرى خاصة بالمواد العلمية.. وطالب هو الآخر بالبحث عن مسودات الأصلية التي تدون عليها أجوبته. الخيوط التي تؤكد عملية التزوير.. كانت خلاصة جلسات استماع طويلة استمرت ثلاثة أيام داخل «الثانوية التأهيلية البارودي» وتم الإستماع إلى مجموعة من المتدخلين في عملية الإمتحان « أساتذة، إدارة، مفتشين، ملاحظ جودة الإمتحان، التلميذ وولي أمره». شمل التحقيق المسار الذي قطعته ورقة الإمتحان من ثانوية البارودي إلى نيابة الحي المحمدي عين السبع ثم أكاديمية الدارالبيضاء قبل أن تحط الرحال بمركز تصحيح مادة علوم الحياة والأرض بالثانوية التأهيلية « الفشتالي». مسار تطلب من الجمعية الجهوية لمديرات ومديري الثانويات الإعدادية والتأهيلية بالدارالبيضاء البحث فيه قبل صدور أي قرار في نازلة التزوير. ويعتبرونه خيطا جديدا قد يقود إلى أياد تقف وراء هذه العملية، رافضي في ذات الوقت قرار مديرة أكاديمية الدارالبيضاء القاضي بإعفاء مدير الثانوية التأهيلية البارودي من مهامه الإدارية كمدير. رحاب حنان الأحداث المغربية