عيد بأي حال عدت يا عيد .... بما مضى أم لأمر فيك تجديد لاشك أن عشاق الشعر يعون جيدا دلالات هذا البيت الجميل ونورده هنا في سياق الحدث الذي نحن على مشارفه ونستشهد به للوقوف على إحدى اللحظات الحساسة في تاريخ الشغيلة. يأتي هذا اليوم سانحا الفرصة لتقييم الأداء النقابي ودراسة الأوضاع المهنية والإجتماعية ومساءلة الواقع ومقارنته بالعتبات الدنيا للملفات المطلبية التي طالما تم التلويح بها في وجه المسؤولين طيلة موسم بأكمله ومن أجلها كانت كل الإطارات تعلن أنها ستلجأ إلى التصعيد بكل الصيغ النضالية الممكنة. فإلى أي حد تم قطع أشواط في اتجاه تحقيق المكتسبات وإلى أي حد استطاعت النقابات فرض أجندتها على القطاع الوصي ؟وهل فعلا يحق القول إن تمت مكتسبات انتزعت أم أن مايتم الترويج له من قبل بعض المنابر وبعض الجهات الرسمية لايعدو أن يكون مجرد تمهيد لسلم اجتماعي مغشوش دفع عربونه ولم يتم الوفاء بكل تفاصيل الصفقة؟سلم تلعب خلاله الحكومة وبعض المحسوبين على العمل النقابي دور الإطفائي لربح المزيد من الوقت على حساب اليومي الجاثم على صدور الطبقة الدنيا في السلالم الإدارية وعلى حساب الطلبيات الملحة لعموم الشغيلة والتي لاتعرف التأجيل ولاتحتمل الجدولة ولا الإلغاء؟ لن تكون مادة هذا المقال موجهة صوب الآلة الحكومية التي نعرف إلى أي حد هي محكومة بضرورة الوفاء بكل الإتفاقات لأن الجميع أضحى يعرف نسق اشتغالها على ضفاف العمل المطلبي وطريقة تدبيرها للملفات الإجتماعية .فلابأس إذن أن تكون هذه الكوة فرصة لمقاربة ميدانية وتشريح عملي لواقع الممارسة النقابية ورؤية محايدة لكل تفاصيلها التنظيمية،ومن باب :حتى يغيروا مابأنفسهم اخترت أن تكون مقاربة نقدية علها تسهم في نفض الغبار على جملة من الممارسات والسلوكيات الحاسمة في جعل الفعل النقابي يحيد عن طريق أداء الرسالة السامية التي من أجلها وضعت أسسه الفكرية ومنطلقاته المعرفية. بدءا لابد من الإدلاء بملاحظات هامة تم استقاؤها من معين الواقع الذي يشهد بتأزم أوضاع النقابة وأكتفي بذكر مايلي: 1.ضعف منسوب النضال داخل القطاعات النقابية بظهور نخب لاتؤمن بالحلول الجماعية بقدر ماترى في المناصب داخل النقابة امكانية تحقيق مكاسب لأجل الذات ومن أجل المقربين.ما جعل الإقتناع بالمصلحة الشخصية أمرا تحتمه تلك الممارسات الغريبة ضدا عن موروث الفعل النقابي وأعرافه المتسامية. 2.التناقض الرهيب بين الخطاب والسلوك النضالي فلا الخطاب يشفع للمارسة ولا الفعل الميداني يترجم الخطاب والشعارات الرنانة. 3.غياب ديموقراطية عمالية داخلية داخل النقابات وطغيان كاريزما الزعيم وذوبان القاعدة التام في إرادته الفولاذية.مع غياب تكافؤ الفرص الذي يمكن من تجديد النخب مما يعيق دوران النخب الطبيعي وانفتاحها على مسارات التشكل في إطار تحديد المسؤوليات واحترام مجالاتها . 4.سيادة منطق البيروقراطية داخل هياكل النقابات أدى حتما إلى غياب نضال القرب الذي ينصت إلى نبض القواعد. 5.تراجع خطير في وثيرة الممانعة لدى جل النقابات جعلها مجرد كائن وديع وإطار مروض لم تعد بلاغاته في معظم الأحوال لا تثير أدنى هاجس لدى الدوائر المسؤولة . 6.أفول نجم العمل النقابي الوحدوي الذي يروم توحيد الصفوف ورصها لأجل قوة تمكن من انتزاع المزيد من الحقوق والمكاسب. 7.موسمية النضال النقابي ورجحان اللغة الخشبية وغلبة ردود الأفعال على استراتيجية النضال الديموقراطي وقيمها التي تفتح آفاقا واعدة لاقتحام كل ممكنات الفعل النقابي الأمثل. نتمنى أن يعاد الإعتبار للفعل النضالي المنخرط في قضايا الأمة والمتشبع بالقيم والداعي إلى أنسنة الإحتجاج وجعله في إطاره السليم وإعادته إلى دائرته الأنسب ليتمكن عموم الشغيلة من استعادة الثقة المفقودة والأمل الضائع الشريد.وحسبنا في ذلك أن نتذكر يوم كانت حصونه منيعة وجدرانه رفيعة وصهوته عصية إلا على الصناديد الذين يشهد لهم التاريخ بالصمود إذ مابدلوا تبديلا فوفوا بذلك مواثيق كانت بينهم وبين الجماهير العاملة وحسبنا كذلك تذكر التاريج المجيد الذي لايزال يحكي قصة ثلة من الأفذاذ الوطنيين ممن عملوا في رحابه أعطوا نموذجا لايضاهى في حب الوطن. كيف لا وقد كان ديدنهم الدفاع عن الصالح العام. عيد سعيد وكل عام وأنتم بألف خير.