عيد، غير أنه ليس كالأعياد التي يحتفل بها الناس في دعة وراحة وفرح وسرور فهو عيد أحق من كل عيد بترديد قول الشاعر: عيد بأية حال عدت يا عيد هل بما مضى أم لأمر فيك تجديد فهو عيد للمساءلة، عيد لإعلان الانتصارات والاحتجاجات ورفع المطالب فهو عيد تنتفض فيه الطبقات العاملة، وينتفض معها كل الضعفاء والفقراء ليعلنوا بصوت واحد، تطلع الجميع للعدالة الاجتماعية وإنصاف المظلومين والمقهورين وإيجاد العمل للعاطلين، وتوفير وسائل العلاج للمرضى وضمان العيش الكريم للذين يكدحون بالليل والنهار وبثمرة كدهم وعملهم يعيش البعض في الرفاه والبحبوحة ويعاني من أمراض التخمة ويأتي عيد الشغل هذه السنة والعالم يكتوي بالأزمة المالية والاقتصادية التي جاءت نتيجة لنظام مالي واقتصادي عالمي ظالم مبني على الربا والربح الحرام الذي لم يقره أي دين ولا أي مذهب اقتصادي أو اجتماعي يسعى للعدل والتضامن بين الناس. ان الطبقة العاملة والمستضعفين من الناس في العالم كله يعيشون عيد العمل والعاملين وهم في حالة بطالة أو تشرد أو هم في حالة التهديد بالتسريح من العمل ففي كل يوم تواجهنا وسائل الإعلام بمآت من المؤسسات الاقتصادية والتجارية والصناعية والمالية في العالم وقد أصابها الإفلاس أو كاد ويتم تسريح العاملين فيها أو أكثرهم وهكذا دواليك وهو ما دفع الحكومات والمسؤولين في العالم إلى بذل الجهود لإصلاح نظام مالي ربوي غير قابل للإصلاح لأنه مبني على الجشع واستغلال جهود الآخرين بكل وسائل المكر والخداع والغبن إنها قصة واقع يسحب تأثيره على واقع الناس في العالم أجمع. لقد قالوا للناس انها عولمة من أجل الرخاء والازدهار وفتح الآفاق للعيش الكريم للجميع ولكن الذي حصل هو أن الناس الذين كان المفروض فيهم ان يسهروا على توزيع هذا الغنى والبحبوحة على الناس تلاعبوا بما في أيديهم من الأمانات وهو ما أصبح فضائح كبرى في الدول الكبرى. إنها المأساة التي لاشك أنها سترد على لسان العمال والعاملين في مختلف أنحاء العالم، وستكون موضوع الشجب والإدانة والاستنكار على لسان العمال في كل مكان. وإذا كان المغرب لحد الآن بمبعدة من الأزمة المالية فإن الأوضاع الاجتماعية للطبقة العاملة وللضعفاء ليست على ما ينبغي وهو ما لاحظه الجميع من خلال الاحتجاجات والبيانات والمطالب في مناسبات متعددة، وما بادرت الحكومة إلى محاولة إيجاد الحلول المناسبة له في مأسسة الحوار الاجتماعي والسعي بالوسائل المتوفرة لإيجاد ما يمكن إيجاده استعجالا من حلول لتحسين أوضاع الطبقة العاملة وذوي الدخل المحدود من المواطنين، ووضع خطط على أسس الحوار البناء بين الفاعلين الاجتماعيين والحكومة لإيجاد حلول ناجعة في المستقبل القريب للمشاكل الاجتماعية التي تشغل الطبقة العاملة وبقية المواطنين ويتمثل ذلك أساسا في إيجاد الشغل للعاطلين وتقليص معدل البطالة في المدى القريب على أمل القضاء على تفاحشها أو إنهائها نهائيا، وكذلك الأزمة المرتبطة بالعلاج وغلاء تكاليفه عن طريقة تعميم التغطية الصحية والاجتماعية ونفس الشيء لبقية المشاكل كالسكن وتعميم التمدرس ...الخ. ولعل الطبقة العاملة المغربية وان لم تنل ما كانت تريد ستحس انها حققت جزءا وبعضا مما كانت تريد. إن عيد العمل والعاملين ينبغي أن يكون مناسبة كذلك للتذكير بما قرره الإسلام وما جاء به من تشريعات وأحكام لإنصاف العاملين وإيجاد الشغل للقادرين عليه والتضامن مع العاجزين وكفالة الأيتام والمحتاجين انه نظام اجتماعي واقتصادي كامل وبالعودة إليه تعود الطمأنينة وراحة البال لكل الناس.