الآن أطهر نفسي من البغض والكره الشديد الذي زرعوه فينا منذ نعومة أظافرنا، ومنذ تعلمنا أولى حروف الأبجدية، فقد كانوا يعرفون أن الكراهية مكون أساسي من الأحاسيس التي تعتري البشر، وبذكائهم الخارق شغلونا بكراهيتكم، عوض كراهيتهم، جعلونا نحفظ قصائد محمود درويش وفدوى طوقان، وسميح القاسم، كما نحفظ آيات من القرآن الكريم، صدقنا بعفويتنا الطفولية، وبراءتنا المغتصبة، أنه أهون ألف مرة أن تدخلوا الفيل في ثقب إبرة ...أن تشربوا البحر، على أن تقتلوا وميض فكرة...ونسوا سيدي رئيس الوزراء، أنكم لا تهتمون لقتل الفكرة بقدر ما تهتمون بقتل من يحمل الفكرة، أوهمونا أنه بمجرد أن نقول لكم أنا عربي ورقم بطاقتي كذا..وأطفالي كذا..ستغضبون، فاكتشفنا مع الوقت أن لقبي وبطاقتي وأطفالي أشياء لا تغضبنا سوى نحن...جعلونا نعاهد النخل أن العرب أصدق حبا..فرددنا جميعا ..علقوني على جدائل نخلة..فلن أخون النخلة..فخنا النخلة والزيتونة والأرض وحبات الرمل.. عفوا سيدي رئيس الوزراء، أنا الذي تنكرت لرابطة الدم والعمومة، لطالما كررتم على مسامعنا أننا أبناء عمومة، وأن قلوبكم رحيمة بما يكفي لقتل أطفالنا حتى لا يعيشوا الذل والمهانة التي نعيشوها نحن...ما أرحمكم.. ! أخذتم أرضنا لأننا لا نستحقها، قطعتم أشجارنا لأننا لا نستغلها، نبشتم قبور أجدادنا لأنهم لا يشرفهم أن نكون أحفادهم، ما أرحمكم !! هزمتمونا مرات ومرات، على أمل أن نتعلم الدروس، دون جدوى لآننا جبناء، والجبناء لا يكتبون التاريخ، في حزيران، 1967 لم تكونوا تعتقدون قط أن إسرائيل قادرة على هزيمة العرب ولذلك قررتم أن تباغتوهم بلدغة عقربية قبل أن ينقضوا عليكم ويلقوا بكم في البحر كما كان يهتف قادتنا بحماس زائد، قبل أن تقرروا إجهاض هذا الحلم الكابوس... و قبل أن يتناول المصريين وجبة الإفطار في صباح الخامس من يونيو 1967. قمتم بتدمير كل قدرات مصر العسكرية.. وفي اليوم نفسه أسقطت الإذاعة المصرية عددا من الطائرات الإسرائيلية يفوق عدد الطائرات التي يمتلكها حلف الناتو نفسه.. شكرا سيدي رئيس الوزراء منذ ذلك الوقت أثبتت حرب 1967 أن كبرياء العرب هو اكبر عدو لهم وليست إسرائيل. صمتت الإذاعة الإسرائيلية حتى لا تتدخل القوى العالمية في وقف الهجوم الإسرائيلي ، حتي يتحقق لإسرائيل أهدافها العسكرية. بينما إعلام مصر الكاذب تسبب في وقوف العالم مشلولا عن مساعدة المهزومين وتزييفه للحقيقة أدى إلى تعاطف العالم مع إسرائيل. فبدلا من أن يتدخل العالم بسرعة لإيقاف تدمير مصر وقوتها العسكرية أشفق العالم عليكم أنتم المنتصرين بسبب كبريائنا وكذبنا نحن المهزومين... أعتذر سيدي رئيس الوزراء لأنني كنت أكثر حماسا..وأنتم تجتثون جذور حماس في غزة..ووضعت صورا مؤثرة في حسابي الفايسبوكي.. وتناسيت أن لي أصدقاء فايسبوكيين إسرائليين، فردت علي إحداهم بعربية فصيحة على شاكلة رسالة مطولة وختمتها بعبارة – إسرائلية يهودية صهيونية – وأفتخر..فما كان مني إلا أن أرد الصاع صاعين، ودبجت لها رسالة مطولة، اتهمتكم فيها بالقتلة والفاشيون الجدد وختمتها بعبارة – مغربي عربي مسلم – وأفتخر..وأخذني الحماس بعيدا.. وتجرأت فقمت بحذف كل الإسرائليين من حسابي الفايسبوكي..ظننت أن لفعلي تأثير، فاتضح لي أنه أشبه بتأثير صواريخ حماس..يعني جعجعة بلا طحين...فيما لم تبخلوا علينا أنتم كعادتكم بكثير من الكرم والجود بالرصاص المصبوب... صبا فوق رؤوسنا..ما أكرمكم. أعتذر سيدي رئيس الوزراء عن كره بني صهيون، لأن قادتنا يريدون منا أن نكره بني صفيون، والمسألة بينكما هاء وفاء يعني كانت هفوة لا غير... دمروا ما شئتم من مدننا ،أزيلوا دولا من الخريطة، اطمسوا معالم حضارتنا، أعيدوا تشكيل الجغرافيا والتاريخ حسب أهوائكم..فلا أحد منا سيعترض..لن نقول لا...دمرتم بغداد في مشهد لم يتصوره حتى هولاكو نفسه، أبدتم أطفال ونساء العراق، حرقتم النخل والزيتون في فلسطين والجولان، تواصلون الحفر بالمسجد الأقصى رغم صراخه، لتهويده،ولا من مجيب...ما الذي تبقى؟ دمشق نعم هي دمشق سيدي رئيس الوزراء، وتنتهي حضارة بكاملها، أرجوك حولنا إلى أمة بلا تاريخ، أمة تشبه شعب الهكسوس لا تاريخ ولا أرض، بدو لا يصلحون إلا لرعي الجمال، تلحف وجوهنا رمال الصحراء فالعودة إلى الأصل أصل..هكذا نؤمن نحن العرب..آمنا بأن الشرف الرفيع لا يسلم إلا عندما يراق على جوانبه الدم، فأغرقتمونا في الدم، مذبحة قنا، صبرا وشتيلا،جنين..لكن الشرف أبى أن يلازم الجبناء، فأصبحنا كعاهرة تدعي الشرف، فتم إغتصابها ثانية ليختموا لها شهادة البغاء..بعلامة كاملة. عفوا سيدي رئيس الوزراء، سأفشي لك سرا من تاريخنا، كان الفرس قديما يعيثون في أرضنا فسادا، تماما كما تفعلون أنتم، ولا أحد من العرب تجرأ ليقول لا للأكاسرة.. وكان يا سيدي للنعمان بن المنذر إبنة جميلة، حتى لقبت بجميلة العرب، فأرادها كسرى له، لكنها رفضت فغضب كسرى ودبر مكيدة للنعمان وأبنائه، أنداك ثار العرب جميعا وتحركت بداخلهم النخوة والشرف، وقاتلوا الفرس في معركة ذي قار وانتصروا نصرا مبينا..ذلك الزمن يشبه زماننا كثيرا، للعرب اليوم جميلتهم..دمرتم ، أحرقتم، قتلتم، ذبحتم، ولم تحركوا فينا شعرة واحدة..نصيحة سيدي رئيس الوزراء لا تقترب من هيفاء وهبي جميلتنا..وإلا جئناكم بجحافل من البشر لا قبل لكم بها، أولها في دمشق وآخرها في طنجة أقصى شمال المغرب...ولكم واسع النظر.. عبد العزيز كريط