ماذا ستستفيد جهة طنجةتطوان من رئاسة جديدة لرشيد الطالبي العلمي؟ فاز رشيد الطالبي العلمي يوم 10 أكتوبر الجاري برئاسة مجلس جهة طنجةتطوان، فهل انتصرت الديمقراطية؟ إن المنطق السياسي كان يفرض أن يفوز الدكتور عبد الهادي بن علال بهذا المنصب، نظرا لكونه كان يمثل أحزاب الأغلبية الحكومية التي اتفقت كلها بدون استثناء على ترشيحه، وكانت هذه الأحزاب تتوافر على أغلبية مريحة لنيل هذا المنصب، بل أكثر من ذلك دخل على الخط حزب الاتحاد الاشتراكي، وانضم إلى هذا التحالف، بعدما لمس أنه سيخرج خالي الوفاض مع الطرف الآخر. وإلى آخر لحظة من الليلة التي سبقت يوم الاقتراع، كانت كل هذه الأحزاب مجتمعة تناقش تفاصيل توزيع باقي المناصب دون أن تمس بالجوهر المتفق عليه، وهو مساندة بن علال لنيل الرئاسة. فما الذي حدث؟ هل يمكن أن تكون هناك خيانة قد حدثت من طرف البعض؟ أم أن شراء الذمم كان هو الفيصل في هذه العملية؟ لن نعطي إجابة عن كل هذه الأسئلة، ولكن المؤكد هو أن أطرافا من داخل حزب من أحزاب الأغلبية الحكومية، قد تم جرها في آخر لحظة إلى المعسكر الآخر، ليفصح الاتحاديون عن وجههم الحقيقي، وهو أن لا صوت يعلو فوق صوت المصلحة، فتشبثوا بمنصب النائب الثاني للرئيس، أمام إصرار فريق العدالة والتنمية على نيل نفس المنصب، ليهرولوا جماعة صوب من كانوا ينعتونهم بالأمس القريب، "بالأحزاب الإدارية" باستثناء تحفظ النائب البرلماني محمد الملاحي. لأن الإغراءات كانت أقوى من الوفاء بأي التزام. ولم لا وعيد الأضحى لم يتبق على حلوله سوى أيام معدودة ! هكذا فاز الطالبي العلمي بمنصب الرئيس، ولكن ماذا ستستفيد جهة طنجةتطوان من هذا الفوز؟ بعد أن أبان هذا الأخير عن فشل منقطع النظير في تسيير هذه المؤسسة التي حولها إلى مجرد وكالة لضخ المنح للجمعيات الموالية، والتي ذكرت جريدة "أخبار اليوم" بأن العديد منها، ليست سوى جمعيات وهمية. وإلى بقرة حلوب لمستشاره المدلل الذي حطم الرقم القياسي على مستوى السفريات والاستفادة من التعويضات عن التنقل. وماذا ستستفيد هذه المؤسسة من شخص أجهز على جميع مكتسباتها، ولا سيما على مستوى قطع صلتها بجميع المؤسسات الخارجية التي كانت تربطها بها اتفاقيات للشراكة ؟! طبعا ستستمر المهزلة، ولكن سيستفيد الطالبي ومن معه في الحفاظ على ماء وجههم السياسي، بعدما لفظتهم صناديق الاقتراع من أية مسؤولية للتسيير الجماعي أو الحكومي. ثم لماذا لا يستفيد الاتحاديون من الدروس السابقة؟ أو لم يكفهم ما لحقهم من تخريب لحزبهم على يد حليفهم الجديد/ القديم بعدما كانوا قد قطعوا صلتهم به بعد الانتخابات الجماعية لسنة 2009 ؟ حينما استقطب أهم عناصرهم الانتخابية. إنهم بهذه الهرولة الجديدة، لم يستفيدوا سوى المزيد من التشرذم، والخروج بفضيحة سياسية بطلها قائد المفاوضات، وكاتبهم الجهوي مصطفى القرقري الذي حارب في جميع الاتجاهات لنيل النيابة الثانية للرئيس، ليجد نفسه خارج اللعبة، بعدما لفظته الأغلبية الجديدة، التي ساندت مرشح العدالة والتنمية سعيد خيرون، ليستنجد بالتجمعيين الذين تنازلوا له عن منصب وكيل لائحتهم لنيل منصب النائب الثالث للرئيس. فأي فضيحة سياسية أكبر من ترشح المسؤول الحزبي الأول على مستوى جهة طنجةتطوان بإسم حزب إداري. نحن نعيش فعلا كما قال الفنان عادل إمام في فيلم "عمارة يعقوبيان" في "زمن المسخ"، ونعيش في زمن سماه الاقتصادي المغربي ادريس بنعلي "بغروب السياسة في المغرب" حيث لا مكان للمبادئ والأفكار والقيم والالتزام والنضالية، بل إنه زمن التهافت على المناصب والامتيازات والولائم. إنه زمن لا مكان فيه سوى للانتهازيين والمتملقين، وأصحاب النفوس الضعيفة، الذين لا شعار لهم سوى ما يردده أطفال المدارس بالشمال، حينما يهرولون متسابقين: ":كوباردي الأخير".