المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال (بوريطة)        هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام        وفاة ضابطين اثر تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية اثناء مهمة تدريب    أمن البيضاء يوقف شخصا يشتبه في إلحاقه خسائر مادية بممتلكات خاصة    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حماية حقوق الحدث الجانح في المعاهدات و المواثيق الدولية.
نشر في بريس تطوان يوم 15 - 05 - 2012


تقديم:
أمام ارتفاع معدلات جنوح الأحداث واستفحال خطره، الذي اقلق المجتمع الدولي، شهد النهج المتبع في مجا ل الوقاية من الجنوح ومعالجته تطورا متناميا على مستوى الفكر والعمل الدولي، وهو تطور يهدف - دون أدنى شك - إلى ضمان مقومات الرعاية المتكاملة للأحداث لوقايتهم من الجنوح وتوفير أفضل الوسائل الممكنة لمعالجة الجانحين منهم، مع الحفاظ على سلامة تكوينهم الغض وحقوقهم الإنسانية. وهذا ما سأناقشه في المطلب الأول( حماية حقوق الحدث الجانح في المدارس الفكرية) وسأتطرق له بإسهاب في المطلب الثاني(حماية حقوق الحدث في الشرعة الدولية).
لكن قبل أن أتعرض إلى الحديث عن التشريعات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل ، فانه سيكون من المفيد الإشارة إلى عدد من المصطلحات و المفاهيم المستخدمة في هذا المجال، و هذه المصطلحات و المفاهيم تشكل ركنا أساسيا في دراسة القانون الدولي لحقوق الإنسان أذكرها على الشكل التالي:
1- إعلان: مجموعة أفكار و مبادئ عامة، لا تتمتع بالصفة الإلزامية، له قيمة أدبية و معنوية. و هو في الغالب ما يصدر في ظروف نادرة حينما ينص على مبادئ ذات أهمية كبرى و قيمة دائمة كما هو الحال بالنسبة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
2- معاهدة: تطلق عادة على الاتفاق الدولي الذي يتناول بالتنظيم القانوني موضوعا ذات أهمية خاصة ، وذات طابع سياسي، مثل معاهدة السلام المنعقدة بفرساي في 28 يونيو 1919 بين الدول المتحالفة.
3- اتفاقية: اصطلاح يطلق على الاتفاق الدولي، و يقصد به وضع قواعد قانونية ملزمة لأطرافها.
4- عهد: اتفاق دولي مرادف لاصطلاح اتفاقية، ورد مرتين في سياق المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ( العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية عام 1966، و العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية عام1966 كذلك.
5- ميثاق: اصطلاح يطلق على الاتفاقيات الدولية التي يراد إضفاء الجلال على موضوعها و هي عادة تكون منشأة لمنظمات دولية أو إقليمية، مثل ميثاق الأمم المتحدة الموقع في 26 يونيو عام 1945.




المطلب الأول: حماية حقوق الحدث الجانح في المدارس الفكرية
الفقرة لأولى: المدرسة الكلاسيكية والنيوكلاسيكية:
1- المدرسة الكلاسيكية:
تمركزت اتجاهات السياسة الكلاسيكية على ثلاثة مبادئ أساسية هي:
* مبدأ الشرعية: ويعني في مضمونه" أنه لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص" و هذه قاعد قانونية مستمدة من العقد الاجتماعي الذي نادى به المفكر الفرنسي روسو، فالفرد يجب أن يكون على علم بالقوانين ليتعرف على حريته و حقوقه وواجباته و علاقته بالدولة و بأفراد المجتمع.
*مبدأ المنفعة: ومعناه أن لايكون معيار التجريم هو الضرر الذي أحدثه الفاعل بالمجتمع و أن تؤدي العقوبة دورها في تحقيق المنفعة العامة الاجتماعية.
*مبدأ الحرية: إذ لا يمكن مساءلة الفرد عن جناية إلا إذا توفرت لديه الإرادة الحرة الكاملة ،أي الاختيار الحر الذي يعد الأساس القانوني لقيام المسؤولية الجنائية،أما بخصوص العقاب فقد استقر رأي "بكاريا" على الجزاء الذي يصلح كرد فعل ضد الجريمة من اجل تحقيق المنفعة الاجتماعية و المعيار في نظره هو مقدار الضرر الذي أحدثته الجريمة بالمجتمع ، وهو لا يعطي أهمية للقصد الجنائي أو أهمية للجاني1.
وقد أخذ على هذه المدرسة المغالاة في حرية الاختيار للفرد ، بحيث اعتبرت الاختيار يكاد يكون مطلقا لدى الإنسان، أي إرادة كاملة و متساوية لدى جميع الأشخاص بدون تفريق بين راشد وحدث، مادامت مسؤولية الجناة واحدة عندما يكونون كاملي الإدراك و التمييز دون أدنى اعتبار إلى مبد تفريد العقاب2.
2: المدرسة التقليدية الحديثة( النيوكلاسيكية)
إن فكرة العدالة المطلقة التي نادى بها الفيلسوف الألماني "إيمانويل كانت" في نهاية القرن 18، كأساس لمشروعية حق العقاب،كان لها تأثير أنصار المدرسة التقليدية من أتباع (بكاريا) فظهرت مدرسة جديدة تجنح إلى التوفيق بين فكرة المنفعة التي نادت بها المدرسة التقليدية وفكرة العدالة المطلقة المجردة عن فكرة المنفعة التي نادى بها "كانت" قد سميت بمدرسة التوفيق أو بالمدرسة التقليدية الجديدة، التي تبنت المبدأ الأخلاقي في المسؤولية الجنائية،مادام الإنسان قادرا على التمييز بين الخير والشر ومن تم يختار الشر، فتصبح بعد دلك مساءلته عن هذا الاختيار واجبة . لذلك " فكانت يربط بين حرية الإرادة بمعنى أخلاقي قوامه الواجب، و الواجب الذي ليس ممكنا إلا بالحرية.
غير أن أنصار المدرسة التقليدية الجديدة لم يأخذوا فكرة الحرية التي نادى بها " كانت" على إطلاقها بل وجدوا أن لحرية الإرادة درجات متباينة من شخص لآخر، بل إنها ليست واحدة لدى الفرد نفسه من وقت لآخر. ولهذا فان مسؤولية الجاني تكون كاملة إذا ما أتيح له التمتع بحرية اختياره كاملة، وتنقص بقدر يتناسب و درجة نقصان هذه الحرية3. و لعل الضابط المستخدم كمعيار لهذه الحرية، هو مدى مقدرة الفرد على مقاومة الدوافع الشريرة التي تحيط به فتغريه بارتكاب الجريمة،و هذه المقدرة تتفاوت من شخص إلى آخر تفاوتها بالنسبة لنفس الشخص من وقت لآخر، الأمر الذي يترتب عليه التسليم بتفاوت المسؤولية الجنائية، و بالتالي إمكانية الأخذ بنظام المسؤولية الجنائية المخففة4.
.............................................................................
1- فردوس بوزيان ،حماية حقوق الحدث المتهم ص: 21.
2- فردوس بوزيان ورنيني، حماية حقوق الحدث المتهم، دراسة في ضوء قانون المسطرة الجنائية المغربي، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في القانون الخاص، جامعة محمد بن عبد الله كلية الحقوق بفاس سنة:2007/2008، ص22.
3- حميد المومني، المعالجة القضائية لجرائم الأحداث، دراسة على ضوء العمل القضائي المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في القانون الخاص، جامعة محمد بن عبد الله، كلية الحقوق بفاس سنة 2007/2008 ، ص15.
4- محمد بوزلافة، المدارس الفكرية المؤسسة للنظريات المؤطرة للقانون الجنائي، الموسم الجامعي2005/2006، ص23-24.
........................................................................
القرة الثانية: المدرسة الوضعية الايطالية و الدفاع الاجتماعي بنوعيه:
1- المدرسة الوضعية الايطالية:
ظهرت السياسة العقابية الوضعية مع كل العالم و الطبيب الايطالي " لومبروزو" و العالم" جاروفا لو" و العالم" انريكو فيري" ، مع الإشارة إلى أن كل واحد منهم أسس لنفسه نظرية خاصة به1.
لقد تبنت المدرسة الوضعية فكرة إصلاح المجرمين عن طريق معاملتهم جنائيا تبعا لدرجة خطورتهم و ذلك من خلال تفريد العقاب و ما يتطلبه ذلك من فحص الجاني ذاتيا و اجتماعيا لتحديد الفئة التي ينتمي إليها و بالتالي تعيين نوع المعاملة الجنائية الملائمة. وهي مهمة القاضي ينبغي فيه أن يكون متخصصا ملما بعلم الإجرام، مع ضرورة بناء منشات جنائية متخصصة تتولى التنفيذ الجنائي طبقا للتفريد العلمي للمعاملة الجنائية، و تبعا لنوع الفئة التي ينتمي إليها الجاني.
وبالرغم من ذلك، فإن المدرسة الوضعية، لم تستطع تبرير موقفها من مجمل السياسة الجنائية التي نادت بها والتي تقوم على أساس المسؤولية القانونية و الاجتماعية، وبالتالي إصلاح المجرمين عن طريق معاملتهم معاملة جنائية خاصة بحسب درجة خطورتهم مما أوقعها في تناقضات فلسفية غير قابلة للتوفيق. فإذا صح القول: أن الإنسان ينساق إلى الجريمة تحت ضغط العوامل المحيطة به و التي تؤدي إلى سلب إرادته سلبا تاما،فكيف يمكن تصور إمكان إصلاح إرادته هذه و تقويمها عن طريق الردع الخاص، فالقول بذلك يمت يعني التسليم بوجود إرادة حرة لدى الإنسان يمكن أن ترتدع وهذا ينطبق على الردع العام ايضا2.
....................................................................
1- محمد الغياط، السياسة الجنائية و حماية حقوق الحدث الجانح في المغرب، مرجع سابق، ص:44.
2- محمد بوزلافة، المدارس الفكرية المؤسسة للنظريات المؤطرة للقانون الجنائي، مرجع سابق ص:35-36.
2- مدرسة الدفاع الاجتماعي:
نشأت عام 1945 وتهدف إلى حماية المجتمع و المجرم على السواء من الظاهرة الإجرامية، بخلاف المدارس التقليدية التي حصرت معنى الدفاع الاجتماعي في حماية المجتمع من المجرم، و قد أسسها الأستاذ "جراماتيكا" فقيه وقاض فرنسي،أسس مركز دراسات الدفاع الاجتماعي و هو أول رئيس للجمعية الدولية الاجتماعي.يقوم الفكر الفلسفي لهذه المدرسة على عنصرين أساسين وهما: إنكار حق الدولة في العقاب،وواجب الدولة في التأهيل الاجتماعي.
أكد جراماتيكا في بحوثه على عدم التكيف الاجتماعي للمجرم بدل المسؤولية الجنائية و العيار الوحيد الذي اعتمد عليه هو الانحراف الاجتماعي و أن التدابير تهدف إلى إعادة تأهيل الفرد اجتماعيا أي تكييفه لكي يتلاءم مع القيم الاجتماعية التي يرفضها المجتمع.
من خلال ما تقدم نلاحظ ان جراماتيكا يتحدث عن الفعل المناهض للمجتمع أو الفعل الاجتماعي بدلا من الجريمة ويتحدث عن الشخص غير المتكيف بدلا من المجرم، ويقول بإصلاح الفرد و إعادة تأهيله اجتماعيا و إعادة تكيفه بدلا من المسؤولية الجنائية، فيخلص إلى أن الدولة هي المسئولة عن سلوك المنحرف، وبذلك يتعين على الدولة تطبيق التدابير الاجتماعية للمحافظة على كرامة الشخص المنحرف اجتماعيا.
تعرضت نظرية جراماتيكا لعدة انتقادات وخاصة في جانب إلغاء العقوبة في القانون الجنائي، لان هذا في نظر النقاد يشكل مساسا بمبدأ الشرعية الجنائية، و ينتج عنه تهديد للحريات الفردية، ويقلل من أهمية ووظيفة الردع العام و الردع الخاص وتحقيق العدالة.
وقد دفعت الانتقادات التي وجهت إلى ذ" جراماتيكا، بالمستشار" مارك أنسل" إلى صياغة نظرية جديدة متطورة ، ستجعل –لا محالة- أفكاره متميزة عن ما نادي به جراماتيكا.
3- مدرسة الدفاع الاجتماعي الجديد:
في سنة 1954 أصدر "مارك أنسل" مؤلفه الدفاع الاجتماعي الجديد ، الذي روج من خلاله إلى نظريته الغنية التي تدعو إلى ضرورة حماية المجتمع من الجريمة بمكافحة الاسباب والعوامل التي تدفع إلى ارتكابها، و حماية المجرم بتأهيله عن طريق إعادة تكييفه مع المجتمع ولكنه لم بناد بإلغاء قانون العقوبات و القضاء الجنائي و التجريم و المسؤولية الجنائية و العقاب و مبدأ الشرعية كما فعل " جراماتيكا".
لقد ذهب " مارك أنسل" إلى تأسيس حق العقاب على مبدأ تأهيل المجرم واستعادته في المجتمع ، وذلك بناء على أن هذا التأهيل يحقق الحماية المرجوة للمجتمع. وتتميز نظرية "مارك انسل" بأنها واجهت السياسة الجنائية بجميع فروعها حيث عالج سياسة التجريم واقر بقانون العقوبات. متجها في ذلك إلى إصلاح و تطوير القانون العقابي حتى يكون ذا نزعة إنسانية وأن يكون أكثر واقعية و أن يحترم الحقوق الأساسية للإنسان و حمايته من حلال تطبيق مبدأ الشرعية و الضمانات و الإجراءات التي تضمن المحاكمة العادلة و الاعتداد بشخصية المجرم.
كما عالج " مارك أنسل" سياسة العقاب فذهب إلى وجوب اتخاذ موقف اتجاه المجرم الذي يتسم بالواقعية الاجتماعية وان يبتعد عن رد الفعل العقابي الذي اتسمت به السياسة الكلاسيكية، ويقتضي لهذا الواقع الاجتماعي اتخاذ خطوتين أساسيتين هما:الاعتداد بشخصية المجرم و إعادة النظر في الجزاءات1 الصادرة في حقه.
..................
1-أمال الحرفوش،السياسة الجنائية لقضاء الأحداث ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي ، كلية الحقوق بطنجة، سنة2007/2008، ص: 45.

وعموما يمكن القول أن حركة الدفاع الاجتماعي تميزت بالاعتراف بالقانون الجنائي و المسؤولية الجنائية القائمة على أساس حرية الاختيار و تمسكت بمبدأ الشرعية الجنائية،و كذلك بتوحيد السياسة الجنائية لمواجهة الجريمة بالوقاية و المنع و الجزاء عن طريق التصدي للجريمة بسياسة تأخذ بنتائج العلوم الإنسانية و الاجتماعية ،وتجمع بين القانون الجنائي و علم الاجتماع و علم الإجرام. كما أنها تميزت بطابعها الإنساني القائم على احترام حقوق الإنسان المتهم، وصيانة كرامته، وضمان حمايته في جميع مراحل الاتهام مع احترام قواعد الحد الأدنى لمعاملة المجرمين أثناء التنفيذ.
والجدير بالذكر، أن حركة الدفاع الاجتماعي الحديثة لم تنج من بعض الانتقادات حيث تمت مؤاخذتها على الخلط التي وقعت فيه بين العقوبة و التدابير الاحترازية ، و أنها اهتمت بالردع الخاص ، وأهملت الردع العام و تحقيق العدالة، ومع ذلك فإن أفكارها والمبادئ التي اعتمدتها انتشرت بشكل واسع في العالم و تم – بناء على ذلك- تأسيس منتظمات قارية تنشط و تعمل وفق أفكار هذه الحركة. فضلا عن ذلك ، فان عدة تشريعات تأثرت بنظرية الدفاع الاجتماعي الجديد1.
وإذا كانت هذه بعض أوجه حماية حقوق الحدث الجانح حسب فلسفة المدارس الفكري و الجنائية- التي تعتبر بحق ميلاد القواعد و الإجراءات الجنائية الحديثة، التي خلصت الإنسانية من الظلم و التعذيب و الأحكام التعسفية – فما هي أوجه هذه الحماية في المواثيق و المعاهدات الدولية؟
..........................................................................
1- محمد الغياط، السياسة الجنائية و حماية حقوق الحدث الجانح في المغرب، مرجع سابق، ص:47-48.



المطلب الثاني:حماية الحدث الجانح في الاتفاقيات و المعايير الدولية.
تعتبر حقوق الطفل جزءا لايتجزء من حقوق الإنسان بشكل عام، لذلك فان التنصيص على حقوق الأطفال في المعاهدات الدولية و خاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ساهم في توضيح إمكانية تلبية حاجيات الأطفال ضمن إطار قانوني عالمي، باعتباره كائنا ضعيفا في أمس الحاجة إلى الرعاية و الحماية بشكل مستمر إلى أن يصبح قادرا على تحمل المسؤولية، و لهذا فان كل سياسة جنائية وجب أن تهدف إلى احترام حقوق الطفل المدنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية، وتتميز حقوق الطفل بكونها حقوقا تنشأ مع الطفل منذ بداية تكوينه في رحم أمه- أي جنينا- و هي حقوق تتكفل الدولة كطرف في حمايتها وضمانها إلى جانب حقوق الأسرة و كافة مؤسسات المجتمع.
وبناء على هذا الاهتمام، فإنني سأتعرض لأهم المواثيق الدولية التي رصدت لحماية الحدث و خاصة الملزمة منها- كالاتفاقية الدولية لحقوق الطفل – و الغير الملزمة، أي التي لا
يترتب أي التزام قانوني على عاتق الدول التي لم تعمل بها.
الفقرة الاولى: الاتفاقيات الدولية الخاصة بالطفل
من أهم الاتفاقيات الدولية الخاصة بالطفل( التي تولي لهذه القوة التي تنمو إلى الأمام- على حد تعبير جون شاطو- أهمية خاصة ، وذلك بجعل مصلحة الطفل هي المصلحة الفضلى) نجد اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل- أ- إعلان حقوق الطفل –ب-
أ) اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل
خلال الذكرى السنوية الثلاثين لإعلان حقوق الطفل في 20/11/1989، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة" اتفاقية حقوق الطفل" التي أعدت مشروعها لجنة حقوق الإنسان، و لما دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 02/09/1990 تم تصديق عشرين دولة عليها، وفي 24/01/1997 بلغ عدد الدول التي صادقت على الاتفاقية 189 دولة.و تشكل هذه الاتفاقية الإطار القانوني العالمي الذي يهدف إلى توفير حماية المصلحة الفضلى للأطفال، مهما كانت الظروف و اتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان تنميتهم بشكل صحي و طبيعي على الصعيد الجسمي و العقلي و الخلقي و الاجتماعي، دون أي تمييز و في احترام كامل لحريتهم و كرامتهم1.
وتعتبر اتفاقية المم المتحدة لحقوق الطفل أول وثيقة في تاريخ العلاقات الدولية المعاصرة،تفرض حقوق الطفل على الدولة بقوة الإلزام القانوني حيث توجب مراعاة هذه الحقوق و التقيد به أثناء وضع التشريعات الداخلية من اجل ضمان المصلحة العليا للطفل، حيث تنص المادة3 من هذه الاتفاقية على انه" في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية، يولي الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى، ويمكن القول بان هذه الاتفاقية لها أهمية خاصة و متميزة باعتبار أنها توضح حقوق الأطفال بنوع من التفصيل و بواسطة معايير قانونية وإنسانية انتقلت بحقوق الطفل من الاختيار إلى الإلزام و أنها اتفاقية عالمية تهتم بجميع الأطفال دون تمييز أو اعتبارات السن أو الجنس أو اللون أوالدين أو اللغة أو الإنماء السياسي أوالعرقي أو الاجتماعي،و أنها لأول مرة تحدد السن الأقصى للطفل الذي هو دون سن الثامنة عشرة ، ما لم يحدد التشريع الوطني سنا أقل منه.

...........................
1-زينب أحمد عوين: قضاء الأحداث، دراسة مقارنة بدار الثقافة للنشر و التوزيع، المملكة الأردنية الهاشمية، طبعة2009 ص: 74.


تتكون هذه الاتفاقية من ديباجة54 مادة، وبروتوكولان اختياريان، و هي توضح بطريقة لا لبس فيها حقوق الإنسان الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الأطفال في أي مكان ودون أي تمييز، كما تسلط الضوء على الأسباب و الملابسات لإنشائها وخاصة وجود أطفال يعيشون في ظروف صعبة للغاية، وأن هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى عناية خاصة، وتستند هذه الديباجة إلى ما نصت عليه الإعلانات الخاصة بحقوق الطفل التي أصدرتها الأمم المتحدة و المعترف بها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و في العهد
الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية ولا سيما في المادتين 23 و24 و العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و لا سيما المادة10 وفي غيرهما من الصكوك الدولية ذات الصلة بحقوق الطفل1.
ومن أهم المبادئ و الحقوق التي جاءت بها الاتفاقية هناك:
-مبدأ النمو و يرتبط بالحق في التربية و الترفيه و الأنشطة الثقافية و الفنية.
- مبدأ الحماية و معناه هو: الحق في اسم و جنسية و هوية و الحق في التمييز و المعاملة السيئة.
-مبدأ المشاركة ويرتبط بالحق في التفكير و التمييز و الاعتقاد و حق المشاركة.
- مبد البقاء ويرتبط بالحق في الحياة الكريمة و الرعاية الصحية و التغذية المتوازنة و السكن اللائق.
أما بخصوص الأحداث الذين انتهكوا قانون العقوبات، فقد نصت المادتان 37 و40 من الاتفاقية بوجه خاص على بيان قواعد و إجراءات يقتضي الالتزام بها في التعامل مع الأحداث الجانحين و المهتمين بالجنوح، مع مراعاة سنهم و ظروفهم بغية إصلاحهم، و بناء على أهمية ماورد في هاتين المادتين أدرج نصيهما فيما يلي: تنص المادة37على أنه" تكفل الدول الأطراف:
ا- ألا يتعرض أي طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاانسانية أو المهينة،و لا تفرض عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة بسبب جرائم يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن ثماني عشرة سنة دون وجود إمكانية للإفراج عنهم.
...............................................................
1- فردوس بوزيان وارتيني : حماية حقوق الحدث المتهم، دراسة في ضوء قانون المسطرة الجنائية المغربي،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في القانون الخاص،فاس، السنة الجامعية: 2007/2008،ص:28.
ب- لا يحرم أي طفل من حريته بصورة غير قانونية أو تعسفية، و يجب أن يجرى اعتقال الطفل و احتجازه أو سجنه وفقا للقانون و لا يجوز ممارسته إلا كملجأ أخير و لأقصر فترة زمنية مناسبة.
ت- يعامل كل طفل محروم من حريته بإنسانية و احترام للكرامة المتأصلة في الإنسان، و بطريقة تراعي احتياجات الأشخاص الذين بلغوا سنه... و بوجه خاص يفصل كل طفل محروم من حريته عن البالغين، مالم يعتبر أن مصلحة الطفل الفضلى تقتضي خلاف ذلكن ويكون له الحق في البقاء على اتصال مع أسرته عن طريق المراسلات و الزيارات، الا في الظروف الاستئنائية.
ث- يكون لكل طفل محروم من حريته الحق في الحصول بسرعة على مساعدة قانونية و غيرها من المساعدة المناسبة. فضلا عن الحق في الطعن في شرعية حرمانه من الحرية أمام محكمة أو سلطة مختصة مستقلة و محايدة أخرى، و في أن يجري البت بسرعة في أي إجراء من هذا القبيل1.
كما تنص المادة 40 على"
أ- تعترف الدول الأطراف بحق كل طفل يدعي انه انتهك قانون العقوبات أو يتهم بذلك او يثبت عليه ذلك في أن يعامل بطريقة تتفق مع رفع درجة إحساس الطفل بكرامته و قدره، وتعزز احترام الطفل لما للآخرين من حقوق الإنسان و الحريات الأساسية و تراعي سن الطفل، واستصواب تشجيع إعادة اندماج الطفل و قيامه بد ور بناء في المجتمع.
ب- وتحقيقا لهذه الشروط، و مراعاة لأحكام الصكوك الدولية ذات الصلة، تكفل الدول الأطراف بوجه خاص مايلي:
1-عدم ادعاء انتهاك الطفل لقانون العقوبات أو اتهامه بذلك أن إثبات ذلك عليه بسبب أفعال أو أوجه قصور لم تكن محظورة بموجب القانون الوطني أو الدولي عند ارتكابها.
2- يكون لكل طفل يدعي بأنه انتهك قانون العقوبات أو يتهم بذلك الضمانات التالية على الأقل:
- افتراض براءته إلى أن تثبت إدانته وفقا للقانون.
- إخطاره فورا و مباشرة بالتهم الموجهة إليه، عن طريق والديه أو الأوصياء القانونيين عليه عند الاقتضاء، و الحصول على مساعدة قانونية أو غيرها من المساعدة الملائمة لإعداد وتقديم دفاعه.
-قيام سلطة أو هيئة قضائية مختصة و مستقلة بالعمل في دعواه دون تأخير في محاكمة عادلة وفق القانون، و بحضور مستشار قانوني أو بمساعدة مناسبة أخرى و بحضور والديه أو الأوصياء القانونيين عليه، ما لم يعتبر أن ذلك فيغير مصلحة الطفل الفضلى، ولا سيما إذا أخذ في الحسبان سنه أو حالته.
- عدم إكراهه على الإدلاء بشهادة أو الاعتراف بالذنب، واستجواب أو تأمين استجواب الشهود المناهضين وكفالة اشتراك واستجواب الشهود لصالحه في ظل ظروف من المساواة.

............
1- أوبرا هيم رشيدة: ضمانات المحاكمة العادلة للحدث الجانح، دراسة مقارنة، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في القانون الخاص ،فاس، السنة الجامعية 2007-2008،ص:51.
- الحصول على مساعدة مترجم شفوي مجانا إذا تعذر على الطفل فهم اللغة المستعملة او النطق بها.
- تامين احترام حياته الخاصة تماما أثناء جميع مراحل الدعوى1.
و على ضوء ما سبق، يمكن الجزم على أن الاتفاقية العالمية لحقوق الطفل أكدت على منح الحماية للحدث الجانح2.

ب)إعلان حقوق الطفل:
أقرت اللجنة الاجتماعية و الإنسانية و التعاونية للجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 نونبر1959 الإعلان العالمي لحقوق الطفل. وقد نصت ديباجته على تمكين الطفل من التمتع بطفولة سعيدة ينعم فيها بحقوقه و حريته الطبيعية، و دعت من جانب آخر الآباء و الأمهات و الرجال و النساء و المنظمات الطوعية و السلطات المحلية و الحكومات القومية إلى الاعتراف بهذه الحقوق و السعي لضمان مراعاتها بتدابير تشريعية وغير تشريعية تتخذ تدريجيا ووفقا للمبادئ العشرة التي جاء بها الاعلان3.وتتمثل هذه المبادئ العشرة التي اقرها الإعلان العالمي لحقوق الطفل لعام 1959 فيما يلي:
1- يجب أن يتمتع الطفل بجميع الحقوق المقررة في هذا الإعلان. ولكل طفل بدون استثناء أن يتمتع بهذه الحقوق دون تفريق اوتمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو أي وضع آخر يكون له أو لأسرته.
2- يجب أن يتمتع الطفل بحماية خاصة وان يمنح بالتشريع و غيره من الوسائل و الفرص و التسهيلات اللازمة لإتاحة نموه البدني و العقلي و الخلقي و الروحي و الاجتماعي نموا طبيعيا سليما في جو من الحرية و الكرامة، وتكون مصلحته العليا محل الاعتبار الأول في سن القوانين لهذه الغاية.
3- للطفل منذ مولده حق في أن يكون له اسم وجنسية.
4- يجب أن يتمتع الطفل بفوائد الضمان الاجتماعي، وان يكون مؤهلا للنمو الصحي السليم،ولهذه الغاية يجب أن يحاط هو وأمه بالعناية و الحماية الخاصتين اللازمتين قبل الوضع وبعده، وللطفل حق في القدر الكافي من الغذاء و المأوى و اللهو و الخدمات الطبية.
5- يجب أن يحاط الطفل المعاق بدنيا أو عقليا أو اجتماعيا بالمعالجة والتربية و العناية الخاصة التي تقتضيها حالته.
6-يحتاج الطفل لكي ينعم بشخصية منسجمة النمو، مكتملة التفتح الى الحب و التفهم ولذلك يجب أن تتم تنشئته إلى ابعد مدى ممكن برعاية والديه وفي ظل مسؤوليتهما، و على أي حال في جو يسوده الحنان و الأمن المعنوي و المادي، فلا يجوز الا في ظروف استثنائية ،فصل الصغير عن أمه.ويجب على المجتمع و السلطات العامة تقديم عناية خاصة للأطفال المحرومين من الأم وأولئك المفتقرين إلى كفاف العيش، و يحسن دفع مساعدات حكومية و غير حكومية للقيام بنفقة أطفال الأسر الكبيرة العدد4.
.....
1-سمية باهدي: الحماية التشريعية للحدث في ظل قانون المسطرة الجنائية و مدى ملاءمتها مع المعايير الدولية، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في علوم التربية،جامعة محمد الخامس- السويسي، كلية علوم التربية الرباط ، سنة2003-2004نص: 111.
2- محمد الغياط: السياسة الجنائية و حماية حقوق الحدث الجانح في المغرب، مرجع سابقن ص: 62-63.
3- ماهر جميل أبو خوات: الحماية الدولية لحقوق الطفل،دار النهضة العربية ، القاهرة 2005،ص:39.
4- اوبراهيم رشيدة، مرجع سابق، ص:49.
.................
7-للطفل حق في تلقي التعليم، الذي يجب أن يكون مجانا وإلزاميا في مراحله الابتدائية على الأقل ،وان يستهدف رفع ثقافة الطفل العامة و تمكينه ،على أساس تكافؤ الفرص، من تنمية ملكاته وشعوره بالمسؤولية الأدبية و الاجتماعية ، ومن أن يصبح عضوا مفيدا في المجتمع. و يجب أن تكون مصلحة الطفل العليا هي المبدأ الذي يسترشد به المسئولون عن تعليمه و توجيهه، و تقع هذه المسؤولية على أبويه، و يجب أن تتاح للطفل فرصة كاملة من اللعب و اللهو، اللذين يجب أن يوجها نحو أهداف التعليم ذاتها و على المجتمع و السلطات العامة السعي إلى تيسير التمتع بهذا الحق.
8- يجب أن يكون الطفل في جميع الظروف من بين أوائل المتمتعين بالحماية و الإغاثة.
9-يجب أن يتمتع الطفل بالحماية من جميع صور القسوة و الاستغلال،ويحظر الاتجار به على آية صورة، ولا يجوز استخدام الطفل قبل بلوغه السن الأدنى الملائم، و يحظر في جميع الأحوال حمله على العمل أو تركه يعمل في أية مهنة أو صنعة تؤدي صحته أو تعليمه أو تعرقل نموه البدني أو العقلي أو الخلقي.
10- يجب أن يحاط الطفل بالحماية من جميع الممارسات التي قد تدفع إلى التمييز العنصري أو الديني أو أي شكل آخر من أشكال التمييز،وان يربى على روح التفهم و التسامح و الصداقة بين الشعوب و السلم والأخوة العالمية، و على الإدراك التام لوجوب تكريس طاقته و مواهبه لخدمة إخوته البشر1.
أستخلص أن إعلان حقوق الطفل الذي أصدرته الأمم المتحدة في 20 نونبر 1959 جاء ليقرر أن للطفل حقوقا يجب على البالغين كل حسب موقعه الخاص، أن يعتنوا به و يمنحوه الحب و الحنان و الاعتبار الكافي حتى يتمكن من التمتع بطفولة سعيدة ونمو طبيعي سليم لشخصه في جو من الحرية و الكرامة حيث تصبح مصلحته العليا محل الاعتبار الأول في تشريع القوانين2.
وقد لوحظ من ناحية أن هذا الإعلان يتجرد من الطبيعة الإلزامية إذ لا يرتب أي التزام قانوني على عاتق الدول باحترام المبادئ الواردة فيه بشان حقوق الطفل، ومن ناحية أخرى لأنه لم يتناول وضع الطفل إزاء العدالة الجنائية، و لم يتعرض لدور قانون العقوبات في حماية الأطفال ، إلا بصورة جزئية.
.......1- أبوبراهيم رشيدة، مرجع سابقن ص:50.
2- محمد سليمان موسى، مرجع سابق ص: 11.
...........................................القرة الثانية: الاتفاقيات الدولية لعامة

أولا:حماية الحدث في الشرعة الدولية
سأتولى الحديث في هذه الزاوية - بشكل خاص- عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية ، و العهد الدولي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية.
أ) الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
ارتكز اهتمام الأمم المتحدة خلال الربع قرن التالية لإنشائها على تعزيز و نشر حقوق الإنسان عبر اعتماد مجموعة من الإعلانات و الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان الفرد، فكانت الخطوة الكبرى على طريق تقنين و تدوين حقوق الإنسان هي إصدار " الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" الذي أقرته الجمعية العامة في العاشر من ديسمبر 1.1948، و أعلنت على في ديباجته بأنه المثل الأعلى" المشترك الذي ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب"، وقد كان صدور الإعلان تعبير عن عصر " التنظيم الدولي" وانعكاسا للدور الذي تلعبه الأمم المتحدة في الحياة الدولية و خاصة في مجال حماية حقوق الإنسان.
..................................................
1- محمود سليمان موسى: قانون الطفولة الجانحة و المعاملة الجنائية للأحداث، مرجع سابق، ص:11
......................................................
تضمن الإعلان (30) مادة نادت بالتعاون بين الدول و الأمم المتحدة على ضمان تعزيز الاحترام لحقوق الإنسان و حرياته الأساسية. وقد نصت المادة (1) على: " جميع الناس يولدون أحرارا متساوين في الكرامة و الحقوق"
وذكرت المادة (2) أن لكل إنسان:" حق التمتع بكافة الحقوق و الحريات- الواردة في هذا الإعلان- دون أي تمييز من حيث الجنس أو اللون أو اللغة آو الدين أو الرأي السياسي أو رأي آخر أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، ودون تفرقة بين الرجال و النساء"
ونصت المادة (3) على انه لكل فرد حق قي الحياة و الحرية و في الأمان على شخصه.
و في المادة5" لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو الحاطة بالكرامة"
ويؤكد الإعلان في المادة(8) على انه" يكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أية أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها الدستور أو القانون"
وتنص المادة (9) على أنه" لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا، و على مستوى البراءة، فغن المادة'(11) تقر بمبدأ البراءة هي الأصل"كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا الى أن يثبت ارتكابه لها قانونيا في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه،و بالفعل فان هذا الإعلان استطاع إلى حد ما أن يفرض التزامات معنوية على الدول لاحترام حقوق الإنسان، و قد ساهمت الاتفاقيات و العهود التي أصدرتها الأمم المتحدة في إلزامية تطبيق مبادئ حقوق الإنسان و الاعتماد عليها كمرجعية للتشريع الوطني.
أما على مستوى حقوق الطفل فان الإعلان العالمي نادى في الفقرة الثانية من المادة 25 بحق الرعاية و الحماية الاجتماعية للأطفال" للأمومة و الطفولة حق في رعاية و مساعدة خاصتين و لجميع الأطفال حق التمتع بذات الحماية الاجتماعية سواء ولدوا في إطار الزواج أو خارجه"
يتبين من خلال ماسبق، أن حقوق الطفل حقوق فردية ترتكز أساسا على صفته كشخص ولا تتعارض حقوق الأطفال مع الكبار بل تعتبر جزءا أساسيا مكملا للقانون الدولي لحقوق الإنسان1. وهكذا يتضح، أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالرغم من عمومية نصوصه المتعلقة بحقوق الطفل فإنها لا تخلو من قيمة إنسانية ، فلأول مرة ومنذ إنشاء منظمة الأمم المتحدة تتم الإشارة إلى حقوق الطفل في وثيقة دولية.
ب- العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر سنة 1966:
يعتبر هذا العهد وثيقة ملزمة حاولت المجموعة الدولية من خلالها استكمال التشريع الدولي في مجال حقوق الإنسان، وذلك بإقرار مجموعة أخرى من الحقوق لها أهمية كبيرة لا يمكن التغاضي عنها أو تجاهلها. بالإضافة إلى ذلك، فان العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية يكفل مجموعة من الحقوق التي تهم الحدث كما هو الشأن بالنسبة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إما حقوقا تخص الطفل كانسان أو حقوقا خاصة بالطفل، و يمكن ترتيب هذه الحقوق في النقط التالية:
1- الحق في الحياة و الحرية و السلامة الشخصية:
ومعناه انه لا يجوز حرمان أي شخص من هذا الحق بشكل تعسفي و هو لمبدأ نفسه المقرر في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إنما تبقى أهم إضافة في هذا الشأن تتمثل في أنه" لا يجوز فرض حكم الموت بالنسبة للجرائم التي يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاما ، كما لا يجوز تنفيذه بامرأة حامل. وتثبتا لهذا، فقد حرمت المادة السابعة من هذا العهد، إخضاع أي فرد للتعذيب أو المعاملة القاسية و المسيئة بالكرامة الإنسانية، كما نصت المادة الثانية على عدم جواز الاسترزاق و الاتجار بالرقيق أو إخضاع احد للعبودية.
.........
1- محمد الغياط :السياسة الجنائية و حماية حقوق الحدث الجانح في المغرب، مرجع سابق، ص: 55-56.
2- الحق في محاكمة عادلة:
تقتضي قواعد المحاكمة العادلة أن يصدر الحكم علانية،بعدما تكون جلسات المحكمة قد عقدت في مكان يجوز لمن يشاء من الأفراد دخوله و متابعة سير المحاكمة دون قيد، إلا ما يقتضيه ضبط النظام لما في ذلك من ضمانة تجعل الفرد يطمئن لسلامة الإجراءات فلا يخشى من انحراف أو تأثير في مجريات الدعوى، إلا أن الأمر يختلف في قضاء الأحداث و بذلك فقد نصت المادة14 في فقرتها الأولى على انه" يشترط صدور أي حكم في قضية جنائية أو مدنية علنا،إلا إذا اقتضت مصالح الأحداث أو الإجراءات الخاصة بالمنازعات الزوجية و الوصاية على الأطفال غير ذلك".
بالإضافة إلى ذلك فقد نصت المادة: 10-2ب على أنه" يفصل المتهمون الأحداث عن البالغين و يحاولون بالسرعة الممكنة إلى القضاء للفصل في قضاياهم ويجب أن يراعي في نظام السجون معاملة المسجونين معاملة يكون هدفها الأساسي إصلاحه و إعادة تأهيلهم الاجتماعي و يفصل المذنبون الأحداث عن البالغين و يعاملون معاملة تتفق مع سنهم و مراكزهم القانونية"1.
كما نصت المادة:14-4 من نفس العهد على أنه " في حالة الأحداث، يراعى جعل المحاكمة مناسبة لهم و مواتية لضرورة العمل على إعادة تأهيلهم"2.
وبالفعل يمكن التأكيد عل أن العهد جاء بمجموعة من المواد التي تشير إلى حقوق الطفل، يمكن تلخيصها فيما يلي: حق الطفل في الحياة و في الحرية كانسان، له الحق في الحياة وكذلك تحريم تطبيق عقوبة الإعدام على الطفل وعلى المرأة الحامل، وفي النص تأكيد على ضرورة حماية الطفل في الحياة، ثم حق الطفل في المساواة أمام القضاء، و ضمانات التقاضي على أساس أن تراعى إجراءات التقاضي"ظروف الأحداث وتأخذ بعين الاعتبار إعادة تأهيلهم اجتماعيا"3.
.........................................
1-محمود سليمان موسى: قانون الطفولة الجانحة والمعاملة الجنائية للأحداث، مرجع سابق،ص:11.
2- محمود سليمان موسى:.قانون الطفولة الجانحة و المعاملة الجنائية للأحداث،مرجع سابق، ص:12.
3- محمد الغياط: السياسة الجنائية و حماية حقوق الحدث الجانح في المغرب، مرجع سابق،ص:58.
..........................
ج- العهد الدولي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية لعام 1966:

أفرد العهد الدولي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية بعض الحقوق الخاصة بالطفل حيث نصت المادة(10/1) على وجوب منح الأسرة أوسع حماية و مساعدة ممكنة- كونها الوحدة الاجتماعية الطبيعية و الأساسية في المجتمع- لكي تستطيع رعاية و تثقيف الأطفال القاصرين.

كما نصت المادة(10/3) من هذا العهد على وجوب اتخاذ إجراءات خاصة لحماية الطفل و مساعدته دون أي تمييز، ويجب كذلك حماية الطفل من كافة صور الاستغلال الاقتصادي و الاجتماعي،وأقرت هذه المادة مبدأ فرض العقوبات القانونية على من يضر بالطفل صحيا أو أخلاقيا أو بأي شكل يعد خطرا على حياته بأن يعيق نموه الطبيعي،وألزم العهد الدول بان تضع حدا أدنى للسن التي يستطيع أن يعمل فيها هذا الطفل و أن تضع ضمن قوانينها الوطنية العقوبات المناسبة نتيجة مخالفة ذلك.

و تناولت المادة( 12/2) من هذا العهد حق الرعاية الصحية للطفل وذلك عندما طالبت الدول بالقيام بما هو ضروري ولازم للعمل على خفض نسبة الوفيات في المواليد وفي وفيات الأطفال ، و التنمية الصحية للطفل ن وذلك على اعتبار أن حق الحياة هو أهم حقوق الإنسان قاطبة .
ومنحت المادة(13/2) للطفل حق التعليم و جعله مجانيا وإلزاميا في المرحلة الابتدائية، باعتبار أن التعليم له دور مؤثر و فعال في تنمية قدرات الطفل الذهنية و مهاراته المختلفة و بواسطته يمكن الدفاع عن الحقوق و الحريات و حمايتها من الانتهاك و التجاوز.

ثانيا: حماية الحدث في المعايير الدولية:
ا)- قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث:
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القواعد النموذجية في قرارها 40/33 المؤرخ في 29 نونبر 1985، حيث تناولت هذه الأخيرة معظم ما تثيره الإجراءات الجنائية المتعلقة بالأحداث من خصوصيات.
لقد اعتبر رجال الفقه و القانون هذه القواعد بمثابة البرج الذي يوجه تشريعات الدول و سياسات الأمم بشان حقوق صغار السن، سواء على مستوى ضبط الممارسات في مجال التعامل مع هذه الفئة، أو من اجل توفير ما يحتاجون إليه من رعاية، بالإضافة إلى توفير الحماية القانونية لهم في ظل ظروف تسودها الحرية و الكرامة و الأمن.
لقد أوصت هذه القواعد بضرورة أن يولى اهتمام خاص وكاف لاتخاذ تدابير ايجابية تنطوي على التعبئة الكاملة لكل الموارد الممكنة، التي تشمل الأسرة و المتطوعين من الفئات المجتمعية، وكذلك المدارس و المؤسسات المجتمعية الأخرى، وذلك يقصد تعزيز رفاه الأحداث بغية تقليص الحاجة إلى التدخل بموجب القانون و التعامل مع الحدث الموجود في نزاع مع القانون تعاملا فعالا و منصفا و انسانيا1.
فالدور الاجتماعي لقضاء الأحداث يفرض ضرورة العمل المستمر على تطوير هذا القضاء وفقا للأساليب العلمية ، وذلك رغبة في تمكينه من الاطلاع بهذا الدور، من اجل ذلك نصت القاعدة(6 -1 )على أن يجرى تطوير وتنسيق خدمات قضاء الاحدات بصورة منهجية قصد تحسين و تدعيم كفاءة الموظفين العاملين في هذه الخدمات، بما في ذلك الأساليب التي يطبقونها و النهج الذي يتبعونه.
يتبين من خلال ما سبق أن القواعد النموذجية الدنيا لإدارة شؤون و قضاء الأحداث لها أهداف أساسية، وتتجسد أساسا في القيام بقضايا الصغار، تمييزهم عن غيرهم ثم ضمان حمايتهم سواء على المستوى القانوني أو القضائي أو التعليمي/ التكويني أو التربوي/الاجتماعي. وهذا ما سأعمل على توضيحه من خلال النقط التالية:
1-النطاق الشخصي لقواعد بيكن:
- عدم التمييز بين الأحداث في تطبيق القواعد الدنيا النموذجية: انطلاقا من مبدأ المساواة بين الأحداث المجرمين في المعاملة( الجنس،اللون،اللغة، الدين.......) لأن القاعدة تم التنصيص عليها في القاعدة1-2 وفي كافة المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
- تعريف الحدث المجرم الذي تعنيه قواعد بيكن بأنه" طفل أو شخص صغير السن يجوز بموجب النظم القانونية ذات العلاقة مساءلته عن جرم ارتكبه بطريقة تختلف عن طريقة مساءلة البالغ". وهو تعريف واسع، ترك كامل الحرية للدول لتحديد سن الحدث وفق ظروفها الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و الثقافية و القانونية.
2- النطاق الموضوعي لقواعد بيكن:
تسري قواعد بيكن على كل ما يتخذ من إجراءات تتعلق بحماية الأحداث و العناية بهم أو تتعلق بالجرائم التي يرتكبها المجرمون البالغون و صغار السن.
3- أهداف قضاء الأحداث:
من بين الأهداف التي حددتها قواد بيكن هناك:
السعي إلى تحقيق رفاه الحدث عبر مسؤولية الدول في وضع قواعد و أنظمة تتعلق بالأحداث.
بالإضافة إلى ما تم تقديمه عن قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث في الجانب الموضوعي بشكل محدد،فان هناك جانب آخر لا يقل أهمية عن الأول ويتعلق بالحقوق و الضمانات العامة التي أكدتها قواعد بيكن للأحداث في المراحل الإجرائية المختلفة.
وقد تولت قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الإحداث تفصيل الإجراءات الواجب إتباعها في التحقيق مع الأحداث و محاكمتهم و تنفيذ التدابير الصادرة بحقهم2.
من بين هذه الضمانات و الحقوق التي يجب مراعاتها هناك:
- الحق في التزام الصمت
- -الحق في الاستعانة بمحام.
- الحق في حضور أحد الوالدين أو الوصي.
- حق الطعن في الأحكام.
- حماية حق الحدث في الخصوصية 3.
..1-.انظر القاعدة(3-1) من قواعد الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث.
- 2- زينب أحمد عوين: قضاء الأحداث دراسة مقارنة، دار الثقافة، للنشر و التوزيع الطبعة الأولى2003، ص:77.
- 3- محمد بوزلافة، المبادئ الدولية التي تنظم قضاء الأحداث" قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث الموسم الجامعي2005/2006،ص:22-46.



وتؤكد القاعدة (7-1)" يجب أن تكفل في جميع مراحل الإجراءات ضمانات إجرائية مثل افتراض البراءة و الحق في الإبلاغ بالتهم و الحق في التزام الصمت و الحق في الحصول على خدمات محام و الحق في حضور أحد الوالدين أو الوصي، و الحق في مواجهة الشهود و استجوابهم و الحق في الاستئناف أمام سلطة أعلى.
- يفصل بين كل المرافق بين النزلاء الأحداث و النزلاء البالغين ما لم يكونوا أفراد من ذات الأسرة ويجوز في ظروف خاضعة للمراقبة الجمع بين أحداث وبالغين مختارين بعناية ضمن برنامج خاص تبين انه مفيد للأحداث المعنيين.
- لكل حدث الحق في تلقي زيارات منتظمة و متكررة بمعدل زيارة واحدة كل أسبوع أو زيارة واحدة كل شهر على الأقل من حيث المبدأ على أن تتم الزيارة في ظروف تراعي فيها حاجة الحدث في أن تكون له خصوصياته و صلاته و تؤمن له الاتصال بلا قيود بأسرته و بمحاميه.
- للحدث الحق في الاتصال كتابة أو بالهاتف مرتين في الأسبوع على الأقل بأي شخص يختاره، ما لم تكن اتصالاته مقيدة بموجب القانون، وينبغي أن تقدم له المساعدة اللازمة لتمكينه من التمتع الفعلي بهذا الحق ولكل حدث الحق في تلقي الرسائل.
- يحظر على الموظفين حمل الأسلحة واستعمالها في أية مؤسسة لاحتجاز الأحداث.
- يكفل جميع الموظفين حماية كاملة للصحة البدنية و العقلية للأحداث بما في ذلك الحماية من الاعتداء و الاستغلال البدني و العاطفي و يتخذون التدابير الفورية لتامين الرعاية الطبية لهم كلما لزم1 الأمر ذلك.
- يحترم جميع الموظفين حق الحدث في أن تكون له خصوصياته و يحمون على وجه الخصوص جميع المسائل السرية المتعلقة بالأحداث أو أسرهم و التي يطلعون عليها بحكم وظيفتهم.

ب)- مبادئ الأمم المتحدة لمنع جنوح الأحداث " مبادئ الرياض التوجيهية"
اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها الصادر في 14 دجنبر 1990 و تضمن التأكيد على أن منع جنوح الأحداث جزء جوهري من منع الجريمة في المجتمع. ولهذا تقضي القاعدة52 بأنه يجب أن تصدر الدول وات تنفذ قوانين و إجراءات مجددة لتعزيز و حماية حقوق الأحداث بوجه عام وفي هذا السبيل أيضا تنص القاعدة 53 على انه ينبغي سن و إنفاذ تشريعات تمنع إيذاء الأطفال و الأحداث و تحظر إساءة معاملتهم أو استغلالهم و استخدامهم في الأنشطة الإجرامية.
وتحظر مبادئ الرياض التوجيهية إخضاع الحدث سواء في البيت أو المدرسة أو أية مؤسسة أخرى لتدابير تصحيحية أو عقابية قاسية أو مهينة1.
حيث تنص هذه القواعد على أن الوعي بان وصم الحدث بأنه منحرف أو جانح أو مرحلة ما قبل الجنوح، كثيرا ما يساهم في رأي أكثرية الخبراء في نشوء نمط ثابت من السلوك المستهجن عند الحدث.
وفي باب الوقاية العامة: تنص على وجوب+ توظيف ذوي التخصص على جميع الأصعدة، أما فيما يخص التشريع و إدارة شؤون قضاء الأحداث فتدعو مبادئ الرياض التوجيهية الحكومات لإصدار و تنفيذ و إجراءات محددة لتعزيز و حماية حقوق و خير الأحداث بوجه عام. وينبغي تدريب الموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين و غيرهم من ذوي الصلة بهذه المهمة من الجنسين على الاستجابة لاحتياجات الأحداث الخاصة ثم ينبغي أن يكون هؤلاء الموظفون مطلعين على البرامج و إمكانات الإحالة إلى المؤسسات بغية تحويل الأحداث عن النظام القضائي و أن يستخدموها إلى أقصى حد ممكن2.
بناء على ما سبق، يمكن القول أن هذه المواثيق ساهمت بشكل كبير في سعي المشرع المغربي إلى تطوير و تحديث مؤسساته القانونية الخاصة بالأحداث بشكل يتلاءم و التطورات الجديدة بهدف جعل المنتوج القضائي يتوافق و تطلعات مختلف الفاعلين في حقل العدالة الجنائية للأحداث ببلادنا.
ولعل أعظم انجاز تشريعي في بداية الألفية الثالثة هو ما جاء به قانون المسطرة الجنائية من حقوق و ضمانات لصالح الحدث الجانح.
1- محمود سليمان موسى: قانون الطفولة الجانحة و المعاملة الجنائية للأحداث، ص:13.
2- محمد بوزلافة: المبادئ الدولية الخاصة بالأحداث: مبادئ الأمم المتحدة لمنع جنوح الأحداث ( مبادئ الرياض التوجيهية) الموسم الجامعي:2005-2006ن ص25و50-52-53.

الخاتمة

إذا كان موضوع الطفل- منذ تشكله جنينا في بطن أمه- قد حظي بعناية قانونية وإنسانية فائقة من قبل المنتظم الدولي المتجسد أساسا في التشريعات الحديثة، المواكبة لتحولات وتطلعات المجتمعات وكذا المعاهدات والمواثيق الدولية المتجددة، وعلى رأسها ما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان لحقوق الطفل بتاريخ 20 نونبر 1959 والذي تضمن مجموعة من المبادئ التي تضمن وتحمي حقوق الطفل قبل وبعد ولادته ، حيث جاء في المبدأ الرابع من الإعلان" يجب أن يتمتع الطفل بفوائد الضمان الاجتماعي وأن يكون مؤهلا للنمو الصحي السليم، وأن يصان هو وأمه بالعناية والحماية الخاصتين اللازمتين قبل الوضع وبعده" – فان المغرب قد بذل جهودا كبيرة في هذا الباب، بدءا من توقيعه على الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل، من اجل النهوض بأوضاع الطفولة المهمشة1 بصفة عامة والأطفال الجانحين بشكل خاص، مع العمل على تكريس حقوقها من خلال ملاءمة التشريعات الوطنية مع توصياتها و إنشاء مؤسسات خاصة بهؤلاء الأطفال مثل المرصد الوطني لحقوق الطفل وبرلمان الطفل والمجالس الجماعية للأطفال ودور التأهيل الاجتماعي ومراكز التقويم السلوكي و التربية. ولذلك اعتبر المغرب من الدول العربية والإفريقية القليلة التي تعاملت مع مختلف إشكالات الطفولة بنوع من الوضوح والايجابية من اجل المساهمة في محاربة طاهرة جنوح الأحداث، وذلك عبر الانخراط في المجهود الدولي للقضاء على مختلف أنواع الاستغلال الذي يتعرض لها الطفل من جهة ومختلف العوامل المسببة في انحراف وإجرام الأحداث، وكل هذا يعالج ويدبر بواسطة البرامج الخاصة أي ذات الصلة بالطفولة ووضعية الجانحين والمشاريع التي تنجز بشراكة فعالة مع جمعيات وطنية و دولية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.