في إطار تقليدها السنوي «أيام الشعلة للطفل»، اختارت جمعية الشعلة للتربية والثقافة، أن تطرح للنقاش العمومي قضية «الأطفال في نزاع أو خلاف مع القانون «من موقعها كمنظمة وطنية تربوية حاملة لهموم وقضايا الطفولة المغربية، كل الطفولة المغربية. تستمر جمعية الشعلة للتربية والثقافة في الاحتفاء بالطفولة المغربية مدافعة عن حقوقها وقضاياها وحاملة لأسئلتها الحارقة،لتجد نفسها هذا الموسم أمام مسؤولية طرح قضية الأطفال المغاربة الذين وضعتهم ظروفهم الاجتماعية في نزاع/ خلاف /مواجهة مع القانون ومنظومة العدالة .وهي قضية جد حساسة يحفل النقاش حولها بمجموعة من المنزلقات تقتضي الانتباه ابتداء إلى حجم المشكل الذي انتقل إلى مستوى الظاهرة، والى حساسية وخصوصية الفئة موضوع النقاش، إلى الطبيعة المركبة للإشكال الذي يسائل الجميع،ثم ،وهذا الأخطر،ازدواجية وضعية الطفل الموجود في نزاع مع القانون : فمنظومة العدالة تسائله من منطلق قانوني عن جنوحه. فيما يضع هو المجتمع، كل المجتمع، أمام مسؤوليته عن العوامل الاجتماعية، التربوية، والاقتصادية المسؤولة عن وضعيته. في إطار تقليدها السنوي «أيام الشعلة للطفل»، اختارت جمعية الشعلة للتربية والثقافة، أن تطرح للنقاش العمومي قضية «الأطفال في نزاع أو خلاف مع القانون «من موقعها كمنظمة وطنية تربوية حاملة لهموم وقضايا الطفولة المغربية، كل الطفولة المغربية. تستمر جمعية الشعلة للتربية والثقافة في الاحتفاء بالطفولة المغربية مدافعة عن حقوقها وقضاياها وحاملة لأسئلتها الحارقة،لتجد نفسها هذا الموسم أمام مسؤولية طرح قضية الأطفال المغاربة الذين وضعتهم ظروفهم الاجتماعية في نزاع/ خلاف /مواجهة مع القانون ومنظومة العدالة .وهي قضية جد حساسة يحفل النقاش حولها بمجموعة من المنزلقات تقتضي الانتباه ابتداء إلى حجم المشكل الذي انتقل إلى مستوى الظاهرة، والى حساسية وخصوصية الفئة موضوع النقاش، إلى الطبيعة المركبة للإشكال الذي يسائل الجميع،ثم ،وهذا الأخطر،ازدواجية وضعية الطفل الموجود في نزاع مع القانون: فمنظومة العدالة تسائله من منطلق قانوني عن جنوحه. فيما يضع هو المجتمع، كل المجتمع، أمام مسؤوليته عن العوامل الاجتماعية، التربوية، والاقتصادية المسؤولة عن وضعيته. نقاش حقوقي أثمرت حيوية النقاش الحقوقي حول الملف والتطور الذي عرفه تدبيره بالارتكاز على خلفية حقوقية وتربوية، قواعد ومرجعيات قانونية كونية ووطنية تستحضر الطابع الحساس للملف وخطورته،حيث انتقل توصيف حالة القاصرين المتورطين في قضايا جنحية أو جنائية من «أحداث جانحين»إلى «أحداث في نزاع مع القانون».إلا أن مجال التفكير والنقاش يبقى مفتوحا حول الآليات التربوية والاجتماعية والقانونية الناجعة والكفيلة بالحد من ظاهرة جنوح الأطفال التي تتجاذبها عوامل تربوية، اجتماعية، حقوقية، أمنية، وقانونية. فما هي الأسباب التربوية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية المنتجة للظاهرة؟ إلى أي حد يتناغم التحديدان التربوي والقانوني لمفهوم القاصر أو الحدث بالمغرب؟ هل يستحضر القانون المغربي في تحديده لمفهوم الحدث الخصوصيات النفسية والبيولوجية والاجتماعية للطفل المغربي؟ إلى أي حد تحترم آليات الضبط والاستماع والاعتقال حقوق الطفل وخصوصياته المرحلية؟ ما هو المنطق الذي يحكم تدبير العدالة المغربية لقضايا الأحداث؟ هل يساير التكوين التربوي والحقوقي للموارد البشرية المكلفة بملف الأحداث بمنظومة العدالة الطفرة الحقوقية التي عرفها ملف الأطفال في نزاع مع القانون بالمغرب؟ وما هي الآليات البديلة لإصلاح اختلالات مراكز الإصلاح والتهذيب وإعادة الإدماج التي يساهم واقعها الحالي في تعميق الظاهرة؟ أين تكمن مسؤولية مؤسسات التنشئة الاجتماعية ، بما فيها هيئات المجتمع المدني، في التربية والتأطير والوقاية والدعم القانوني ثم في المواكبة والمصاحبة وإعادة الإدماج؟ أسئلة ضمن أخرى يثيرها الملف المتشعب الإشكالات والمتعدد المسؤوليات والأطراف، عملت «الشعلة» على طرحها للنقاش العمومي عبر شبكة فروعها ال 96 بمختلف جهات ومدن وقرى المملكة من خلال إشراك مختلف الفاعلين المؤسساتيين والمدنيين المعنيين بالملف، في إطار سلسلة ندوات وموائد ومستديرة تتوج بخلاصات وتوصيات ستشكل أساسا لترافع الجمعية لدى الحكومة المغربية بمختلف قطاعاتها المعنية دفاعا عن قضية الأطفال في نزاع مع القانون. «الحدث» قانونا.. و«السلوك نفسيا» الحدث في القانون هو الشخص الذي لم يبلغ سن الرشد الجزائي، ويقصد به الفئة العمرية التي حددها القانون واعتبر أفرادها من الأحداث، ونجد أن تحديد فترة الحداثة تختلف باختلاف التشريعات، خاصة في ما يتعلق بالسن الأدنى لهذه الفئة، فبعض التشريعات تحددها بسبع سنوات وأخرى بثماني سنوات، في حين تذهب تشريعات أخرى إلى عدم تحديد السن الأدنى للحداثة كالتشريع الفرنسي. أما في ما يتعلق بمفهوم الجنوح، فيرى علم النفس الاجتماعي أن السلوك المنحرف أو الجانح هو السلوك المتناقض مع قيم المجتمع و المخالف لها، أي أنه السلوك غير المتوافق مع المفاهيم السائدة في المجتمع، لذا فإن التقييم الاجتماعي للسلوك بأنه سوي أو غير سوي يستند إلى السلوك المعياري المرتضى أو المتفق عليه من طرف أغلبية الأفراد في المجتمع، فأي اضطراب أو خلل في عملية النشأة أو التطبع الاجتماعيين، يساهم في دفع الفرد نحو السلوك المنحرف الذي يفسره علماء النفس الاجتماعي بأنه التمرد العلني على قيم المجتمع. وفي هذا الإطار يرجع كبار علماء النفس السلوك المنحرف إلى جملة من الدوافع و العوامل الأساسية، حيث يرى فرويد أن هناك دافعين أساسيين وراء السلوك المنحرف، وهما دافع الجنس ودافع العدوان. كما حدد «كارن هورني» ثلاثة مظاهر تحليلية للسلوك المنحرف، و هي إحساس الحدث بعجزه أمام ضغوط محيطه، انسحابه بعيدا عن الغير و الاندفاع بشكل عدواني ضد الغير أو السير دون تفكير وتبصر مع الغير، ثم التعبير بالعدوان عن شعور الشخص بالعداء والاحتقار والتجاهل لكيانه. أما Guril burt فيرى أن الجنوح هو حالة تتوافر في الحدث كلما أظهر ميولات مضادة للمجتمع لدرجة خطيرة تجعله أو يمكن أن تجعله موضوعا لإجراء رسمي. فالعوامل المؤدية لجنوح الأحداث لا ترتبط بوضعيتهم من خلال تلك العلاقة السببية اللزومية بين المقدمة والنتيجة، أي أنها لا تؤدي بالضرورة إلى الجنوح وإنما هي علاقة ارتباط احتمالي بين المقدمة و النتيجة.وتتمثل هذه العوامل في الظروف النفسية أو الحسية التي يمر بها الحدث أو تكون حالة أو واقعة صادفته، كما قد تكون تلك الظروف المحيطة به في حياته اليومية منذ الصغر، والعنصر المشترك بين هذه العوامل باختلافها هو تدخلها في تهيئة الحدث لارتكاب السلوك الإجرامي، وبهذا المفهوم تعددت تقسيمات الفقهاء القانونيين لهذه العوامل حسب طبيعتها، إلا أنها فصلتها إلى قطبين أحدهما شخصي والآخر تربوي و اجتماعي. لقد عرفت المنظومة القانونية المؤطرة لتعامل جهاز العدالة مع قضايا الاطفال في نزاع مع القانون تطورا كبيرا يعد تمظهرا لحيوية حقوقية تجسدت في تبني مفهوم «العدالة الصديقة للطفل». وهو ليس مجرد شعار أو ترف لغوي صادر عن مهتمين بقضايا الطفولة وحقوقها، بل هو منظومة حقوقية وقانونية وترسانة مساطر تؤطرها قواعد سلوك مهنية تبدأ من مسطرة الاستماع إلى جلسات المحاكمة، إلى شروط الاعتقال وإعادة الإدماج. فالأحداث في تقاطع مع القانون، سواء كانوا شهودا، مدعين، تحميهم مجموعة من القواعد والمبادئ التي تجد أساسها في مجموعة من الصكوك الدولية والعالمية وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966)، اتفاقية مناهضة التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (1984)، اتفاقية حقوق الطفل (1989)، القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (1955)، قواعد الأممالمتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضاء الأحدث/قواعد بيكين (1985)، قواعد الأممالمتحدة لحماية الأحداث المجردين من حريتهم (قواعد هافانا) (1990)، مبادئ آداب مهنة الطب المتصلة بدور الموظفين الصحيين، ولا سيما الأطباء، في حماية المسجونين والمحتجزين من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (1982)، المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء (1990)، نظام روما الأساس للمحكمة الجنائية الدولية (1998)، مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن (1988)، الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (1992)، مبادئ الأممالمتحدة التوجيهية لمنع جنوح الأحداث (مبادئ الرياض (1997)، ثم قواعد الأممالمتحدة النموذجية الدنيا للتدابير غير الاحتجازية (قواعد طوكيو). مقاربة مندمجة السلطة القضائية بقدر ما هي مطالبة بتنفيذ القانون، تبقى مدعوة كذلك إلى مراعاة خصوصية الطفل في نزاع مع القانون عبر استحضار الترسانة الحقوقية الضامنة لمجموعة من حقوقه الأساسية على رأسها الحماية، الكرامة وبناء تمثلات سليمة للعلاقة مع المجتمع وقواعده الضابطة بعيدا عن أي شكل من أشكال الوصم أو التصنيف. وتبعا لذلك، فالمقاربة تكون مندمجة لا تتأسس على الفعل الرادع فقط، بل تتجاذبها اعتبارات حقوقية، قانونية، تربوية أمنية وثقافية كذلك تبعا لخصوصيات كل مجتمع، حيث يحضر من جديد قلق الجدل بين الكوني والمحلي. فمفهوم العدالة الصديقة للطفل يراهن على إرساء ممارسات قضائية تستحضر مجموعة مقومات وتضع في عين الاعتبار رهان إعادة إدماج الأحداث في نزاع مع القانون.. بداية بطريقة التوقيف وشروطه وأسلوب ولغة إخبار القاصر بطبيعة جرمه مع إشراك أولياء الأمور في العملية، إلى ضمان حق الطفل في الدفاع والاستماع إليه في احترام تام لخصوصيته وحقوقه وعلى رأسها المشاركة في مسار الدعوى، وصولا إلى الإيداع في مراكز حماية الطفولة والمعايير المعتمدة في الإيداع والتأطير والحماية والمصاحبة وإعادة الإدماج. ولقد عالج المشرع المغربي قضاء الأحداث في المواد من 458 إلى 517 من قانون المسطرة الجنائية الجديد و خصص لذلك الكتاب الثالث تحت عنوان»القواعد الخاصة بالأحداث».و بقراءة متأنية للمستجدات التي أوردها المشرع المغربي في موضوع عدالة الأحداث الجانحين يلاحظ أنها تستند إلى تصور فلسفي حولها ينهل من القيم الكبرى لحقوق الإنسان وينظر للحدث الجانح من زاوية جديدة تماما من حيث الحقوق التي يتعين عليه التمتع بها والضمانات الموضوعية والمسطرية المطلوبة في قضاء الأحداث وكذا التدابير المرافقة والمصاحبة على مستويات العلاج والتهذيب فضلا عن تأسيسها لموضوع التخطيط لمعالجة الظاهرة. ومن خلال ذلك يتجلى بكل وضوح، أن القانون الجديد لا يهدف إلى معاقبة الأحداث الجانحين وإنما يرمي إلى وقايتهم وحمايتهم من الجريمة أولا و إصلاح سلوكهم لإعادة إدماجهم في المجتمع ثانيا، حيث نص على نوعين من التدابير لحمايتهم، وهما تدابير الحراسة المؤقتة و تدابير الحماية أو التهذيب وذلك في المادتين 471 و 481 من قانون المسطرة الجنائية حددت في أربعة إجراءات مهمة هي تسليم الحدث الجانح لأبويه أو وضعه بمركز الملاحظة أو مؤسسة عمومية مكلفة برعاية الطفولة أو معهد معد للتربية أو التكوين المهني مع تكليف مندوبين للحرية المحروسة أو متطوعين بذلك بتتبع ومراقبة الحدث المعني بالأمر و رفع تقرير عنه إلى الجهة القضائية المختصة إلى أن يبلغ الحدث 18 سنة كاملة، وخول المشرع المغربي لهيآت الحكم المختصة بقضايا الأحداث، أن تحكم بهذه التدابير كما نص على ذلك في المواد 475 – 480 – 481 – 482 – 486 – 493 من ق.م.ج.و لقد أنشئت لهذه الغاية عدة مؤسسات ذات مواصفات خاصة لإيواء الأحداث الجانحين و العناية بهم بعيدا عن أنظمة السجون تسمى مؤسسات حماية الطفولة،و أندية العمل الاجتماعي موزعة على جميع جهات محاكم المملكة. مراكز الحماية سهولة فرار الأحداث في نزاع مع القانون من مراكز حماية الطفولة بالمغرب ليست الناحية السلبية الوحيدة التي راكمت الواقع القاتم لهذه المراكز، كما رصدها تقرير أنجزه المجلس الوطني لحقوق الإنسان في إطار تقييمه لمدى ملاءمة إيداع الأحداث والتكفل بهم مع المعايير المحددة في الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل. تقرير المجلس الذي كان ثمرة زيارة 17 مركزا لحماية الطفولة ومقابلات ولقاءات مع الفاعلين العموميين والجمعويين والأطفال والعائلات، سجل بداية «اللجوء إلى الإيداع والحرمان من الحرية في الغالب كأول إجراء قضائي يتم اتخاذه. بعد ذلك توقف عند جملة اختلالات تجعل من مراحل مسار عملية إيداع الأطفال في مراكز حماية الطفولة غير متلائمة مع معايير اتفاقية حقوق الطفل والمبادئ التوجيهية لعدالة الأحداث على مستوى البنية التحتية، الإشراف، التأطير، ظروف العيش، الأمن، السلامة، إشراك الطفل في مسار المحاكمة وصولا إلى ضمانات التظلم. فعلى مستوى اختلالات مسطرة الإيداع، سجل التقرير إيداع الأطفال بدون تصنيف قائم على السن أو سبب الإيداع، مسجلا غياب الفرز بين الأطفال في وضعية صعبة وبين الأحداث في نزاع مع القانون. مما اعتبر عائقا أمام توفير التكفل الملائم لكل فئة، كما يطرح مشكل سلامة الأطفال دون السن 12 وكذلك الذين في وضعية إعاقة. البنيات التحتية استحوذت على جانب مهم من خلاصات التقرير الذي سجل إشكالا على مستوى الطاقة الاستيعابية مقارنة بعدد النزلاء، إضافة إلى عدم ملاءمة شروط الإيواء من حيث التجهيزات والبنايات والتغذية والنظافة للمعايير الدولية. إشكال التأطير كان حاضرا بقوة في خلاصات المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي سجل عدم ضمان الحقوق الأساسية للأحداث في نزاع مع القانون في الصحة والسلامة البدنية والحماية من كافة أشكال العنف والاستغلال، وكذا الحق في إعادة تربية مناسبة وفي المشاركة مع الإنصات إليهم وحمايتهم ومساعدتهم قانونيا طوال المسلسل القضائي.التقرير سجل كذلك تعرض الأطفال المودعين للعقوبات البدنية والشتم والإهانة، وعدم احترام حقهم في اللجوء إلى آليات للتظلم طبقا للمعايير الدولية المعمول بها.أما بالنسبة للمصاحبة البعدية للأحداث في نزاع مع القانون، فقد سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان عدم تفعيل عملية تتبع الأحداث في نزاع مع القانون في الوسط الطبيعي بعد مغادرتهم للمراكز، وهو ما يمس بحقهم في إعادة الإدماج الاجتماعي.