نظمت المكتبة الوسائطية إدريس التاشفيني و جمعية أصدقائها بشراكة مع مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء و مديرية الأمن الإقليميبالجديدة نهاية الأسبوع الماضي، ندوة محلية في موضوع الجريمة و جنوح الأحداث بمنطقة دكالة و ذلك بمقر بمقر المكتبة الوسائطية حضرها جمهور مهتم تشكل أغلبه من طلبة شعبة السوسيولوجيا بجامعة شعيب الدكالي.
رامت الندوة تسليط الضوء على ظاهرة الجريمة و مشكلات الانحراف لدى شباب المنطقة خاصة في السنوات الأخيرة.
و للتمكن من الإحاطة بمختلف الجوانب التي تمس هذه الظاهرة وجه المنظمون الدعوة للمشاركة إلى ثلة من الفاعلين و الباحثين في الموضوع و هم: ذ.عبد الحميد محفاظ باحث في سوسيولوجية الجنوح و الجريمة ذ.عبد المجيد بنجاوي منسق مصلحة التهييئ لإعادة إدماج السجناء ذة. مريم سليماني مشرفة اجتماعية متخصصة في علم الإجتماع السيد محمد علقمة ضابط شرطة بمصلحة الشرطة القضائية ، ممثلا للأمن الإقليميبالجديدة، السيدة خطيبة منديب، فاعلة جمعوية.
بدأ الأستاذ عبد الحميد محفاظ مداخلته بتقديم مجموعة من التعاريف السوسيولوجية حول مفهوم الجريمة والجنوح معتبرا السلوك الإجرامي سلوكا مرضيا شاذا مضاد للمعايير والقيم الاجتماعية. كما أكد الباحث أن ظاهرة الجريمة وجنوح الأحداث باتت مرتفعة كما وكيفا على مستوى التراب الوطني ككل، وانه لفهم هذه الظاهرة الاجتماعية التي اعتبرها عائقا حقيقيا أمام كل مبادرة تنموية؛ لذلك قال لابد من الوقوف عليها بالدراسة والتحليل في ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يعرفها المجتمع المغربي وأشار الباحث السوسيولوجي في الجريمة أن الظواهر الاجرامية والجانحة متعددة الأسباب والعوامل مستحضرا نظرية العوامل المتعددة ودرب الجنوح، وركز على اهمية المقاربة السوسيولوجية والسيكولوجية وخاصة علم النفس المرضي في محاولة لفهم وتشخيص بنية السلوك الجانح لدى الأحداث. كما أكد الباحث على دور الإعلام في تعلم العديد من السلوكيات المنحرفة من قبل الأحداث الجانحين، مشيرا في هذا السياق الى نظرية التقليد والمحاكاة.
و خلال تطرقه لمحور الجانح الحدث و دور المؤسسات العقابية أكد السيد محفاظ أن المقاربة الحقوقية أصبحت تساهم في الجريمة وحالة العود في ظل الفهم الخاطئ لمفهوم حقوق الإنسان من طرف النزلاء، إذ كشف أن السجناء أصبحوا يعتبرون المؤسسات السجنية عبارة عن فنادق للإستجمام حيث المأوئ والمأكل والتطبيب. و في الأخير نوه الباحث بالجهود التي تبذلها المندوبية العامة للسجون واعادة الادماج وكذا مؤسسة محمد السادس لإعادة ادماج السجناء
من جهته، قدم السيد محمد علقمة ضابط شرطة بمصلحة الشرطة القضائية بالجديدة مداخلة حول دور الشرطة في مكافحة الجريمة بالمدينة بدأها بتقديم مفاهيم حول الجريمة و الأمن و الحدث من الوجهة القانونية ثم عرض الأجهزة الأمنية المكلفة باستتباب الأمن و مكافحة الجريمة مدققا في الدور المنوط بكل جهاز. و في خضم مداخلته القيمة، استعرض الضابط مجموعة من الإحصائيات المتعلقة بحجم الجريمة وجنوح الأحداث بالمنطقة، وهي افعال اجرامية مختلفة ترتفع وتيرتها في فصل الصيف بحكم خصوصية موقع الجديدة كوجهة سياحية و تحتل فيها السرقة الموصوفة الرتبة الأولى الى جانب جنح السكر العلني وإحداث الفوضى وكذا جرائم القتل دون نية الإحداث ليخلص في الأخير إلى الإكراهات التي تعيق مهمات الأجهزة الأمنية منها على الخصوص قلة المؤسسات المتكفلة بالأحداث كالإصلاحيات إضافة إلى عدم تعاون بعض المواطنين المتمثل في عدم التبليغ على وقوع الجريمة أو العدول عن متابعة الجناة بسبب الخوف من انتقامهم.
وقدمت الأستاذة مريم السليماني مداخلة حول الجنوح والاجرام النسوي بالمنطقة وأكدت الباحثة التي تعمل مشرفة اجتماعية بالسجن المحلي بالجديدة أن جرائم الفساد والخيانة الزوجية تتصدر القائمة إضافة الى المشاركة في النصب وجرائم القتل .وأشارت الباحثة الى دور مكتب الاشراف الاجتماعي ومصلحة التهييئ لاعادة ادماج السجناء بالسجن المحلي بالجديدة بالجهود والخدمات التي يقدمها لنزلاء المؤسسة من حرف متعددة بمركز التكوين المهني التابعة للمؤسسة. وأشارت الى أن المندوبية العامة للسجون حاليا تتوفر على أطر عليا في تخصص حيوية مثل علم النفس علم الاجتماع والقانون.
و من جانبها، قدمت الأستاذة خطيبة منديب، أستاذة متقاعدة و فاعلة جمعوية، مجموعة من الشهادات لأطفال كانوا متميزين على المستوى الدراسي لكن عوامل التفكك الأسري إضافة إلى إنحصار دور المدرسة في التعليم و تراجع مساهمتها في التربية كانت سببا في ولوجهم درب الجنوح في ظل غياب الرعاية الأسرية أو الاحتضان العائلي.
وفي الختام أجمع المتدخلون على توصيات لعل أبرزها ما جاء على لسان الأستاذ محفاظ من دعوة الى خلق مرصد للجريمة بالمدينة لتتبع ورصد الظاهرة بغية بلورة خطط واستراتيجيات وقائية ووجه طلبه للسيد عامل إقليم مدينة الجديدة للتدوال حول امكانية إحداث هذا المشروع الهام وأكد أنه مستعد للعمل والتأطير رفقة مجموعة من الباحثين في نفس الاختصاص العلمي، كما اعتبر ان مسألة حماية الطفولة هي مسألة الجميع، معتبرا أن حماية الطفولة هو حماية لثروة المجتمع من رأسمال بشرية خاصة وان المغرب مجتمع شبابي بامتياز، فكل تقدم في نظر المشاركين في الندوة هو مرتبط بحماية الشباب بادماجهم في المحيط السوسيومهني لكي نمنحهم فرصة العيش مرة أخرى داخل مجتمعهم عوض أن وصمهم بالجنوح والجريمة.