الفقيه القاضي محمد السراج وحده ترك لمدينة المضيق تاريخا مختصرا، ولكنه مليئ بالأحداث التي مرت بها القرية كما يصفها من خلال کتابه تاريخ مدينة سبتة أركز على تلخيص أهم ما جاء فيه: عند بداية حديثه عن قرية المضيق كما يحب أن يصفها ركز على مزارعها التي تمتد شمالا، وغربا نحو نهر أبي زغلال المنحدر وسط السهل المسمى به الرافد من جبال الحوز ومصبه في البحر عند قنطرة نهر أسمير " الذي يصطاد به البط الموجود بكثرة والطيور المائية الأخرى"، في اشارة إلى المحمية الواسعة التي ظلت على امتداد التاريخ وحتى السنوات الأخيرة تهجر إليها الطيور، قاطعة المئات من الكيلومترات للإستراحة بها وتوليد، فراخها ثم تعود إلى مستقراتها حينما يطل فصل الخريف. بالإضافة إلى كونها موردا مائيا مهما يحافظ على التوازن البيئي والتنوع البيولوجي. ويضيف بأن أول ما بني بالمضيق هي " الثكنة العسكرية التي أقيمت بعد دخول الحماية، في كدية السهلة وفي أعلا القرية ، اما التي بنيت على الشاطي المواجهة للقرية من جهة الشرق، فلم تبن إلا بعد حرب ابن عبد الكريم، كان بالقرب منها بئر ماؤه عذب تعطل وأقبر بعد الإستقلال". المقبرة وقبة سبعة رجال : " وبجانبها على مسافة مقبرة إسلامية كان يدفن فيها الغرباء والصيادون والمرابطون الحارسون للبلدة، واتسعت حتى وصلت قبة سبعة رجال، ورأى عظاما ورؤوسا للموتى ظهرت حين الشروع في بناء الثكنة، وأن قبة سبعة رجال بناها القائد العسكري الإسباني سنة 1924 أيام الحرب الإسبانية ضد ابن عبد الكريم" وقام السيد أحمد الدردابي الذي كان منخرطا في القواة المساعدة ببناء محرب المسجد وكان الوحيد بالمضيق الذي تقام فيه الصلاة. وعن هذه القبة يقول الفقيه السراج في تاريخه رواية أخرى سمعها عن الإسباني قوله: "بأن مكان هذه القبة كان خلوة مليئة بالغابة والأشواك يضع فيه البحارة آلات سفنهم الصيدية، وقد أخبرني الإسباني من سكان القرية جاء من إسبانيا في فجر الحماية يعمل في الجندية الإجبارية "أن جماعة من المجاهدين أيام حرب عبد الكريم الخطابي كانوا يتعرضون للقوافل التي كانت تحمل الزاد من ريستينكا إلى المضيق فيفتكون بجنودها ويستولون على أزوادها، فجعل الجنود كمينا لهم عند وادي اسمير فقتلوا منهم سبعة ونجا الباقون الذين كان عددهم 80، ثم حملوا على البغال، ودفنوا في مكان القبة في قبر واحد، وعلى هذا فتكون القبة المنسوبة لسبعة رجال قد صادفت محلا للتسمية، والمجاهدون هم أولى بالترحم والإحترام". وتعرضت لهذه الحادثة عند الكلام عن القطار الرابط بين تطوانسبتة في موضعه تأكيدا للرواية المروية. وأورد الفقيه احمد الرهوني في عمدة الراوين: أن الأرض التي بني فوقها هذا الضريح كانت مقبرة قديمة بهذه القرية الصغيرة التي كانت تعرف بإسم قرية الصيادين (يقصد الرنكون وكانت تلك المقابر في أغلبها قبوراً للجنود المغاربة القدامى الذين كانوا مرابطين بالحصون العسكرية الموجودة في كل من راس الطرف "و"كابونيكرو" الذين يحرسون سواحل مدينة تطوان كما يجاورهم في تلك المقابر قبور بعض الصيادين من أهالي هذه القرية. وكانت هذه المقبرة تمتد حتى الموضع الذي بنيت به الكنيسة يقصد بكلامه (كنيسة المضيق) وقد تم جرف جزء من هذه المقبرة القديمة الصغيرة بعد فرض الحماية الإسبانية بالمنطقة ودخول الجيش الإسباني مدينة تطوان سنة 1913 وشيدوا كنيستهم بجوار هذا الضريح بعد ذالك.. إنتهى النص. العنوان: تاريخ مدينة المضيق الكاتب: النقيب محمد الحبيب الخراز منشورات هيئة المحامين بتطوان بريس تطوان يتبع...