من جوانب أخلاقه الطيبة التي تظهر اقتداءه بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان آية في الجود والكرم وحسن الظن بالآخر، وكان لا يرد سائلا حتى وإن بدا له في الظاهر أنه يتحايل عليه، لكنه كان يحسن الظن به، ويبحث له عن عذر يبرر له به سلوكه، سمعته يحكي قائلا: أنه في أحد الأيام أذن للصلاة، فقمت أتهيأ للخروج إلى المسجد فإذا بي أسمع امرأة من وراء الباب، تقول لصاحبتها: استعدي وأظهري له أنك لا تقوى على المشي، أظهري له أن بك عاهة وذلك حتى يشفق علينا الشيخ، قال: فابتسمت من وراء الباب، وفي الوقت ذاته تأثرت، وخرج الشيخ وقضى حاجتهما، فقيل له: كيف تصدقهما في دعواهما وقد علمت تآمرهما وتحايلهما عليك،؟ فقال: لعل لديهما حاجة لا أعلمها دفعتهما إلى ذلك. وكأني بالشيخ وفقه الله تعالى لتذكر الأثر الذي يقول: إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره، فالتمس له عذرًا واحدًا إلى سبعين عذرًا، فإن أصبته، وإلا، قل: لعل له عذرًا لا أعرفه[1]. وحكى لي صديقي الدكتور الفاضل سيدي عبد الكريم القلالي في زيارة لي بمدينة جرف الملحة أنه كان مع الشيخ في سفر فأوقفتهما امرأة تسأله فانشغل عنها بأمر ما، فانصرفت، قال: بينما أنا أمشي معه إذا بي أراه مشوش البال شارد الذهن متغير اللون، يقلب نظره هنا وهناك يمينا وشمالا كأنه يبحث عن شيء، قال: فسألته، فقال لي: أين هي تلك المخلوقة التي كلمتنا وسألتنا؟ قال: فقلت له: عهدي بها هنا، ربما انصرفت، قال: فتغير وجهه، وظهر عليه أثر الغضب والقلق، وسكت، قال: بينما نحن في طريقنا إذا بي أرى تلك المرأة، فقلت يا شيخ: ها هي تلك المرأة، قال فتهلل وجهه وقال لي: أوقف السيارة واذهب إليها وكلمها وائتني بها…فذهبت إليها وأحضرتها وقضى حاجتها فتهلل وجهه… [1] – رواه الإمام البيهقي في شُعَب الإيمان. نقلا عن كتاب: "وارفات الظلال فيما فاضت به القرائح من محاسن الشيخ العياشي أفيلال" سيرة ومسيرة حياة رجل بأمة للمؤلف الدكتور عبد الكريم القلالي بريس تطوان