القبول منحة وعطاء إلهي يمنحه الله جل وعلا لمن أحب، والرجل حسب الواقع كان يتمتع بهذه النعمة عند من يعرفه من الناس، وهذا ليس بالأمر الهين أن يعيش العبد في مجتمع قلت فيه الثقة وهو مكسو بلباس القبول، فما أجمله من لباس ! قال رب العزة جل وعلا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ (مريم: 96)، وهذه الصفة لا تباع ولا تشترى، ولا تمنح لصاحب علم مجرد، أو مال مجرد أو منصب مجرد، فكثيرون هم الذين يملكون علما وثروة وجاها ويبحثون جاهدين مجتهدين لعلهم يجدون ولو بصيصا من القبول، لكنهم لا يجدون في ساحة الناس إلا السراب، فيرجعون بخفي حنين؛ لأن القبول له شروط لا تتوفر عند جميع الناس، ولا بد لمن أراد هذا التاج المميز أن يعمل صالحا ويخلصه لله، وأن يكون صادقا مع الله ورسوله والناس أجمعين، بهذا ينال هذه الدرجة وهذه الرفعة، والله جل وعلا «إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، قال فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض»[1]. [1] صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب إذا أحب الله عبدا حببه لعباده، 4/2030، حديث 2637. نقلا عن كتاب: "وارفات الظلال فيما فاضت به القرائح من محاسن الشيخ العياشي أفيلال" سيرة ومسيرة حياة رجل بأمة للمؤلف الدكتور عبد الكريم القلالي