هي الذكرى الاولى لرحيل الحكيم و الصديق ، رجل الدولة الكبير كما و صفه به جلالة الملك ، الصديق و الاستاد فقيد الوطن عبد الله باها ... مناسبة للتعبير عن العرفان والوفاء لهذا الراحل الكبير الذي ترك لنا ما نتلقاه في قاموس السلوك السياسي الوطني حباً في قلوبنا وأسماعنا ووجداننا ونفوسنا. هكذا في ذكرى الرحيل و في حضرة الغياب الجسدي، نستعيد دائماً تساؤلات قيمة الوجود، ما أكبرها وأجلّها! فكيف نعمل نحن الاحياء و نحن ماضون إلى الفناء؟ أم إنها الحياة دائما تعيد تشكيل ذاتها في كل ذكرى ، ذكرى فقيد خاص بأسلوب خاص و نظرة خاصة في زمن خاص ... ذكرى فقيدنا عبد الله باها ذكرى نظرة مستقبلية أكثر نضارة وبهاءً وجمالاً ... ذكرى مشروع ماضي إلى الامام ، مشروع يتوالد في كينونته المستقبلية نسيم أرواحنا ... و لن يخطف رحيلك بريقها، بل ان ذكرك ستجعل للمشروع أجنحة ترفرف في رحاب الوطن و في فضاء القلوب المخلصة ... إنها حكمة الخالق العظيم . عام مضى على رحيلك و نحن نشعر بروحك الطاهرة النقية تطوف رحاب هدا الوطن و فضاء قلوب المخلصين فيه. بأخلاقك التي زرعت بدور مستقبل الوطن، مستقبل المغرب العزيز بقيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله و نصره، بيديك المفتوحتين و بقلبك الطيب و بحكمتك العقلية كنت تنشد على أوتار القلوب أروع ألحان التعاون و الاخلاص في العمل و المحبة للوطن و الناس جميعا ... عام مضى على رحيلك ، عرفنا منك الأمانة، ومن طيبة قلبك معنى الحب والإيمان والحنان و الاخلاص و الصدق في النية و المقاصد و الاقوال . علمتنا كيف نرى الحياة بشموخ وكبرياء، و نتحدا الصعوبات لأنه لا اصلاح بسهولة ، علمتنا كيف ننسج الصداقة الشفافة المخلصة .... عام مضى على رحيلك فطوبى لك يا عبد الله، فقد خرجت من هذه الدنيا محبوبا لا تذكر إلا بخير كما انت حيا . وكلما تذكرت حجم تأثر الناس ممن عرفك أو لم يعرفك يوم المأساة ، يتبادر إلى ذهني فورا حديث : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَالَ : إِنِّي أُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبَّهُ ، قَالَ : فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبُّوهُ ، قَالَ : فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الأَرْضِ ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ : إِنِّي أُبْغِضُ فُلانًا ، فَأَبْغِضْهُ ، فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ، ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبْغِضُ فُلانًا فَأَبْغِضُوهُ فَيُبْغِضُوهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ ” . عام مضى على رحيلك... كنت بيننا ومعنا ولم نعرفك حق المعرفة.. لم نكن تتحدث كثيرا لكن جل كلامك و في كل مناسبات لقاءتنا المباشرة حينا و عبر المكالمات الهاتفية حينا اخر كان حكمة وموعظة و نصيحة حين اطلق العنان لأدواتي الحادة في الخطاب وفي المواجهة مع الآخر ..نعم انا أتذكر اخر مكالمة بيني و بينك يوم واحد قبل الرحيل المفاجئ و انت تقول لي : " إفران ارض طيبة و عالمة في حاجة الى اناس طيبون و مخلصون". عام مضى على رحيلك... ويا لحسرتي وحسرة اهلي بإفران الاطلس الصغير ، أصبح اليوم واجب علينا قهرا أن نتحدث عنك بصيغة الراحل ... و انت من كنت بيننا يوما رجل بسيط يسير في درب الحياة بلا ضجيج و ساء البعض سامحه الله الموقف . عام مضى على رحيلك... يؤلمني الصمت وتؤلمني الحياة وتؤلمني عواقب البوح ... رحمك الله وأبدلك داراً خيراً من دارك، وأهلاً خيراً من أهلك، و جزاك عن الإحسان إحساناً وعن الإساءة عفواً وغفراناً، وأدخلك الجنّة من غير مناقشة ولا حساب ولا سابقة عذاب. اللهمّ اّنسه في وحدته وفي وحشته وفي غربته اللهمّ أنزله منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين اللهمّ أنزله منازل الصدّيقين والشّهداء والصّالحين، وحسن أولئك رفيقاً اللهمّ اجعل قبره روضةً من رياض الجنّة، ولا تجعله حفرةً من حفر النّار اللهمّ افسح له في قبره مدّ بصره، وافرش قبره من فراش الجنّة ... امين .