يتعين اللجوء إلى التدابير الوقائية القبلية والركون إلى دور الإيمان في محاربة الجريمة قال أحمد أبو العلاء أستاذ القانون الخاص بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بتطوان أنه بالرجوع إلى الفصل 110 من القانون الجنائي المغربي نجد أن المشرع عرف الجريمة بكونها "عمل أو امتناع مخالف للقانون والمعاقبة عليها بمقتضاه". وإذا كانت الأركان العامة للجريمة يقول الأستاذ أبو العلاء هي الركن القانوني والركن المادي والمعنوي، فإن الملاحظة الأساسية التي يمكن تسجيلها بخصوص التعريف المشار إليه أعلاه، هي أنه يشمل فقط الركن القانوني والركن المادي، في حين غياب الركن المعنوي، وبالتالي فإن التعاريف مسألة فقهية، ومن هنا يمكن القول في تعريف يشمل الأركان الثلاثة بأن الجريمة هي "عمل أو امتناع مخالف للقانون الجنائي ومعاقبة عليه بمقتضاه ارتكبت من طرف فاعل قادر على التمييز". أما من حيث المفهوم العلمي أو ضح الأستاذ أحمد أبو العلاء أن الجريمة هي "عمل أو امتناع ضار بالمجتمع نص عليه المشرع أو لم ينص عليه"، فهو لا يهتم إلا بفكرة الدفاع عن المجتمع، إلا أن الهوة بين التعريفين تبقى كبيرة اعتمادا على أنه كلما تطور العلم وتطورت الجريمة إلا وتكون هناك مواكبة من طرف القانون، كما هو الشأن بالنسبة للجرائم المعلوماتية وغيرها من الجرائم الجديدة. أما عن أسباب الجريمة أوضح الأستاذ أبو العلاء أن منها ما هو اقتصادي، اجتماعي، ومنها ما هو ثقافي. وفيما يخص السبب الاقتصادي مثلا يقول أبو العلاء فالأمر لا يتعلق فقط بالفقر، بل يتعلق أيضا بالغنى، لأن الجرائم كما ترتكب من طرف الفقير أيضا ترتكب من طرف الأغنياء، بمعنى أن جريمة السرقة مثلا كما يرتكبها الفقير المحتاج عندما يتعلق الأمر بسرقة هاتف نقال أو حذاء من المسجد، فإن سرقة الأموال العامة ترتكب من طرف الأغنياء، ومن هنا يمكن تصنيف المجرمين إلى:
وفيما يتعلق بالعقوبات ذكر أحمد أبو العلاء، أن القانون الجنائي المغربي ينص على عقوبة الإعدام في بعض الجرائم كالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد طبقا لمقتضيات الفصول 394/393/392 من القانون الجنائي، علما أن هذه العقوبات محل نقاش بين المطالبين بإلغائها، والمنادين بالإبقاء عليها، وكذا عقوبة السجن المؤبد، والسجن المحدد، والحبس إلى حدود خمسة سنوات فأكثر، لأنه قد تصل العقوبة الحبسية إلى 10 سنوات باعتبار أن لفظة الحبس تستعمل في الجنح، ولفظة السجن تستعمل في الجنايات، وكذا الغرامات، وثارة يحكم بالعقوبة السالبة للحرية مع الغرامة، مع الإشارة إلى أن التصرف في العقوبة بين الحدين الأدنى والأقصى موكل أمره إلى السلطة التقديرية لقضاة الموضوع، مع تطبيق ظروف التحقيق التي تعني في لغة القانون النزول عند الحد الأدنى للعقوبة متى توفرت شروطها، وكذا ظروف التشديد التي ترمى إلى تشديد العقوبة متى وجدت أسبابها.
وبما أن ظاهرة الاجرام قد استفحلت في زمننا هذا يقول نفس المتحدث، يتعين أن تتضافر الجهود بين جميع المتدخلين لإقبارها، ودفنها في مزبلة التاريخ أو على الأقل التقليل منها من خلال التفكير في هدم مؤسسة سجنية، وبناء مدرسة بديلة، ولن يتأتى هذا إلا باللجوء قبل العقاب الردعي الذي أثبت التجارب أنه لم ينجح في القضاء على ظاهرة الاجرام بصورة شمولية، وبالتالي حسب الأستاذ أحمد أبو العلاء يتعين اللجوء إلى التدابير الوقائية القبلية والبعدية، والركون إلى دور الايمان في محاربة الجريمة وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.