تحية طيبة وبعد: فنبعث إليك من تطوان باسم ساكنتها لأنهم جميعا أنصار لفريق المغرب التطواني بهاته الرسالة، راجين أن يتسع صدرك ويرقى عقلك وينتبه وازعك لما سنناقشه معك. * كاتب هذا الرسالة دارس متقن لقانون كرة القدم، وحكم سير الكثير من المباريات في كرة القدم وفي أنواع متعددة من الألعاب الجماعية لاسيما كرة السلة وكرة اليد التي بدون معرفة قوانينها وتقديراتها التأويلية يصعب اتخاذ القرارات الموفقة في بعض الحالات الحاسمة في كرة القدم، فضلا عن أنه باحث أكاديمي محيط باكتناه الارتباطات والعلائق مما هو مفقود لدى جل المتعاطين للتحكيم. * يعلم الجميع أن الحكمة بشرى الكربوبي حكمة تُسند إليها لأول مرة مهمة تسيير مقابلة حاسمة ومصيرية تتعلق بأغلى مسابقة كروية ببلدنا هي كأس العرش، ومن ثم فإنها رغم كفاءتها وشجاعتها تعوزها التجربة والسرعة في اتخاذ القرارات في الحالات الدقيقة والمعقدة مثل حالة طرد اللاعب الهنوري من المغرب التطواني ضد الجيش الملكي. * شاهد الجميع أن الحكمة بشرى اعتبرت حركة اللاعب الهنوري حركة عادية لا تستوجب حتى الإنذار، بل تركت اللعب جاريا بحسب ما سمحت بها تقديراتها المطبقة في السير العادي للكرة، وهو ما اتفق معها فيه كل من شاهد السرعة الطبيعية للكرة في العملية. * قام الحكم جيد بصفته حكم الفار باتخاذ قرار مراجعة العملية لكونه شاهد اصطدام رجل الهنوري برجل الحارس أيوب لكرد، وخلال معاينة بشرى للقطة من الزاوية المقربة المسلطة على عملية الاصطدام أوعز إليها رضوان باتخاذ قرار الطرد لأنه رجح الحكم بكون الهنوري تعمد ضرب رجل أيوب؛ نظرا لكون الكرة كانت أقرب إلى الحارس منها إلى المهاجم، ثم لأن رجل أيوب كانت أسبق إلى موضع الاصطدام من رجل الهنوري، مما سمح لرضوان بالحسم في أن الحالة تستحق الطرد. * لم يكن أمام الحكمة بشرى المترددة إلا إطاعة القيدوم والأستاذ رضوان، لأن مركزه الدولي وتجربته ووضعيته في المشاهدة بتقنية الفار تعطيه إمكانية لتقدير المسألة أكثر منها، فلم تملك إلا مسايرته وتأييد قراره المطالب بالطرد. * بعد ذلك بوقت قليل سيتدخل اللاعب العسكري فاتي في حق اللاعب التطواني الحسناوي بضربة قوية من الخلف وعلى الكاحل، مما استدعى تدخل الحكمة بشرى لإخراج الورقة الصفراء في وجه لاعب الجيش الملكي والاكتفاء بهذا القرار دون أن يدعو الحكم رضوان جيد إلى مراجعة هذا القرار لأنه في نظره قرار صحيح. * ولكننا إذا رجعنا إلى عملية الطرد سنلاحظ أن الهنوري اختار متابعة الكرة ولو أنها كانت أقرب إلى لكرد منها إليه كما يفعل كل مهاجم، ومن ثم فإنه عندما نوى الرمى برجله إلى الموضع الذي سيصطدم فيه بالحارس، لم تكن رجل الحارس قد وصلت إليه بعد، وهذا تؤكده المشاهدة العادية للعملية (دون تبطيء السرعة)، وبالتالي فإن قصد الضرب لم يكن حاضرا في ذهن اللاعب بتاتا وهو يطلق رجله. وعلى هذا الأساس قررت بشرى أنه لا خطأ في العملية. * من جهة أخرى تظهر المشاهدة العادية للكرة -وهو ما لم ينتبه إليه رضوان- أن تدخل الحارس لكرد كان تدخلا قويا وعنيفا مما يوحي للوهلة الأولى بأن لكرد هو الذي يستحق الإنذار أو الطرد، وهذا يعني أنه إذا كان من نية في إذاية المنافس فإنها حاصلة من جهة الحارس أساسا لا من جهة المهاجم. * إن تدخل اللاعب الهنوري لا يمكن تفسيره تفسيرا مبيتا لكون الوضعية كانت هجومية، ولم يكن فيها أي ضغط على اللاعب أو مبرر يدفعه إلى الاعتداء المقصود على الحارس لأن المقابلة كانت في بدايتها، ولم تسجل أية احتكاكات انفعالية إلى تلك اللحظة تجعل للتفسير القاسي الذي اتخذه جيد وبعد بشرى أي معنى موضوعي في هاته العملية. وهذا هو التفسير النزيه للعملية إن كان للحكمين من قدرة على التقدير، ولكنهما اتجها مباشرة إلى سلاح الصرامة الزائدة وضد الطرف الضعيف واللاعب الوديع لتمثيل دور الشجاعة التي لم تكن بتاتا في محلها. * إن التجربة أثبتت لكل متابع للكرة بعد تطبيق تقنيات الفار أن نسبة الخطإ قلّت ولكنها لم تزُل، ومن ثم فإن تقديرات الحكام ما زالت هي المسؤولة عن الكثير من الأخطاء التي تقلب نتائج المقابلات التي قد تكون مصيرية مثل هاته المقابلة. * لقد اشتكى المغاربة جميعا من الظلم الذي لحق فرقة الرجاء البيضاوي في مقابلته بالقاهرة سابقا بعد إعلان الحكم ضربة جزاء خيالية على اللاعب الرجاوي حاليا مكعازي (التطواني الأصل)، واتفق الجميع على أن الفار اعتمد على حيلة للمخرج الذي لم يقدم اللقطة الحاسمة التي تثبت عدم ارتطام الكرة بيد اللاعب، ونفس الشيء نقوله لجيد الذي ركز في بناء حكمه على لقطة أساسية تظهر ضرب الهنوري لرجل الحارس مع أن الصور الأخرى التي قدمها المخرج تظهر تقديرات كثيرة تؤكد أنه لم يكن هناك ضرب مقصود بل فقط اصطدام بين رِجليْ اللاعبيْن، رغم أن الحارس تأذى نسبيا لأنه كان أسبق إلى الأرض من المهاجم. * بخصوص إنذار اللاعب فاتي إثر اعتدائه على اللاعب الحسناوي نقول لجيد والكربوبي أجيبونا من فضلكم، لماذا بتقديركم لا يستحق هذه الخطأ الطرد أيضا بمنطقكم؟ بل بأي منطق يطرد لاعب اصطدم رجله برجل لاعب آخر دون قصد الاعتداء، في الوقت الذي يكتفي فيه بإنذار لاعب آخر قصد وعزم على ضرب خصمه من الخلف. ويعلم الحكمان جيدا أن القانون يعاقب بقوة وصرامة على الضرب من الخلف أكثر بكثير من الضرب المواجه الذي لا يستحق غالبا حتى الإنذار؟؟؟ * إن المنطق العقلي والكروي والتحكيمي لا يستقيم فيه فعل الطرد الذي قرره رضوان ونفذته بشرى إذا أخذنا بعين الاعتبار المعطيات والحيثيات التي أشرنا إليها، ومن هنا تكون اجتهادات جيد اجتهادات ضعيفة في فهم القانون وتنزيله، ونعتبرها اجتهادات متعسفة وقد أقول أكثر …. ضد فريق حلم أنصاره بأن يجدوا في هذا اللقاء النهائي -الذي انتظروه منذ تأسس الفريق – الإنصاف والعدل والتكافؤ الذي اعتقدوه في حكَم يحملون له الكثير من التقدير والاحترام. * إن فريق الجيش الملكي فريق عريق ورائد على مستوى نيل الكؤوس والبطولات الوطنية والدولية، ولم يكن في حاجة منكم لمجاملته بهذا القرار القاسي جدا والذي قلب المعادلة، علما بأن المتابعين يعلمون أن الهنوري هو صاحب الفضل الأكبر في الأهداف التي أحرزها المغرب التطواني خلال هذا الموسم، وقد اعترف جريندو نفسه كما اعترف المدرب البلجيكي بأن عملية الطرد كانت الورقة الحاسمة التي دعمت فريق الجيش الملكي ونسفت أحلام التطوانيين منذ الدقيقة الرابعة من المقابلة. * إن التطوانيين ما يزالون يتحسرون على الظلم الكبير الذي لحقهم في مقابلة الموسم السابق عند تم طرد الحارس بوناقة ظلما بمجرد انطلاقة مقابلة نصف نهاية كأس العرش 2018-2019 ضد حسنية أكادير في الدقيقة السابعة عندما رفض المرحوم الحكم عبد العزيز لمسلك العودة إلى تقنية الفار في هذه المباراة للتأكد من لقطة تنفيذ ضربة الجزاء، مكتفيا بما يملى عليه من الفار؛ حيث كان بإمكانه مشاهدة دخول سبعة لاعبين من صفوف الفريقين إلى داخل مربع العمليات قبل التنفيذ، إضافة إلى التأخر الكبير للاعب بوفتيني في التسديد للكرة ما جعل الحارس يتحرك من مكانه في حركة لا إرادية، وبالتالي كان بإمكانه أن يكون له قرار آخر يمنع وقوع النقص الذي عانى منه الفريق التطواني طيلة المقابلة أيضا. * هذه الأخطاء التحكيمية التي لا يُنتبه لها للأسف لا تعين على التقدم باللعبة، بل تصيب بالإحباط وتشعر بالخيبة، فكيف نقنع –يا سيد رضوان- فريقا بذل جهدا جهيدا وقدم من الإمكانات والوسائل والطاقات ما لا ُيتصور تخطيطا للوصول إلى نيل لقب من الألقاب ثم يحصل تقدير خاطئ ينسف أحلامه بجرة قلم، فيقضي على طموحه ويفسد كل برامجه، ويغضب أنصاره الذين تركوا أعمالهم وشؤونهم وبذلوا الغالي والنفيس متجهين إلى مراكش ثم إلى أكادير أملا في تحقيق إنجاز تاريخي…، فيعودون خائبين لا لأن فريقهم لم يظهر بالمستوى المطلوب، ولكن لأن قرارات الحكام كانت قائمة على تقديرات غير سديدة. مع عظيم عبارات العتاب للسيدين رضوان جيد وبشرى الكربوبي ثم للمغلوبيْن على أمرهما: ياسين بوسليم وعبد الصمد أبرتون. توقيع: أبو إلياس العلالي