نظم معهد الغرب الإسلامي للتكوين والبحث العلمي بتطوان، لقاء علميا، اشتمل على قراءات في كتاب: "التفسير واتجاهاته وما كتب فيه" للباحث الدكتور يونس السباح والذي صدر مؤخرا عن دار النشر سليكي اخوين بطنجة. وشارك في اللقاء الدكتور إدريس العلمي السجلماسي رئيس مركز الغرب الإسلامي (مسيرا وقارئا)، والدكتور عبد الله التوراتي الأستاذ بجامعة محمد الأول كلية الناضور (قارئا)، في حين حالت ظروف خاصة عن مشاركة الدكتور سعيد بوعصاب، وقد تتبع هذا اللقاء بعض طلبة العلم ونخبة من متتبعي الشأن الثقافي بالمدينة. وبعد الاستفتاح بآيات بينات من الذكر الحكيم، تقدم الدكتور إدريس العلمي بتقديم المحتفى به والقارئَين، فأشار إلى أن هذا اللقاء يأتي استكمالا للقاء سابق نظمه المعهد في موضوع: "علم المخطوط العربي وقواعد تحقيق النصوص ونشرها" اعترافا بجهود الشيخ محمد الأمين بوخبزة (رحمه الله) الكبيرة في خدمة العلم وطلبته بهذه المدينة، واهتمامه الواسع بمخطوط الكتاب المغربي ومطبوعه. ومن بين تلك الجهود، هذا الكتاب: "التفسير واتجاهاته وما كتب فيه" الذي قام بتحقيقه الدكتور يونس السباح، فعرف أولا بمضمون الكتاب باعتباره جمع أربعة من دروس الشيخ بوخبزة بمعهد الإمام الشاطبي لتحفيظ القرآن وتدريس علومه في مادة تفسير القرآن الكريم، مشيرا كذلك إلى أن الكتاب يدخل ضمن باب الكتاب المدرسي بالقصد الأول لاحتوائه على دروس الشيخ ومحاضراته التي ألقاها على طلبة المعهد في مادة الثقافة الإسلامية. ومبينا ثانيا أن مادة الثقافة الإسلامية اعتبرها الشيخ مادة حديثة وهي تقابل في السابق مفهوم الأدب الذي كان يدرس في معاهد العلم في العالم الإسلامي؛ ويقصد منها تقويم ما يعرض على الطلاب من مبادئ العلوم ومضامينها. فابتدأها الشيخ بمادة التفسير، ولعله كان ينوي استكمال باقي فنون العلوم الشرعية الأخرى. ثم تابع مداخلته بتفصيل محتويات الكتاب وتقديم عناوين فصوله وهي: مقدمة في العلم والكتاب والمكتبة، والبحث العلمي وكيفيته وشروطه، علم التفسير؛ تعريفا وواضعا وحكما وبيان نسبته من العلوم، ثم فهارس ألفاظ القرآن الكريم التي أجاد المؤلف في تتبعها والإشارة إلى بعض خصائصها مما يجب أن يحصله طالب هذا العلم، مما يمكن الاطلاع عليها في مؤلفاته الأخرى كمعجم تفاسير القرآن الكريم الذي أشرفت على إنجازه المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة (ايسسكو)، مع التنويه بما قام به المحقق – برا بشيخه لانتسابه لمعهد الشاطبي طالبا للعلم- سواء في التعريف بشخصيته العلمية أو في إيراد مجموعة من الملاحق النفيسة التي تضمنها الكتاب والتي توثق انخراطه في إنجاز عدد من الموسوعات العلمية والإشراف على بعض الجوائز العلمية. وفي المداخلة الثانية التي تفضل بها الدكتور عبد الله التوراتي، والتي تضمنت إشارات ذات فائدة كبرى؛ ابتدأها بمحتوى تلك الدروس التي قدمها الشيخ بوخبزة لطلبته، وأولها ما يمكن تسميته بالتأريخ للعلوم أو مداخل العلوم؛ حيث أحسن الشيخ صنعا إذ قدم لهذا الفن تقديما يدل على اطلاعه الكبير على مبادئ علم التفسير والمؤلفات فيه، وهو الأمر الذي تفتقده الدروس النظامية والمحاضرات الجامعية اليوم. وثاني هذه الإشارات هي ما يمكن تسميته بالعمل الببليوغرافي المهتم بإحصاء كتب مادة معينة من فنون العلوم، وهو ما قام به الشيخ كذلك حين وضع فهرسة شاملة لكتب التفسير مخطوطها ومطبوعها، انطلاقا من اهتمام الشيخ بالكتاب المغربي المخطوط والمحقق، فوضع في الكتاب جردا لأهم كتب الفن وما ألف فيه. وثالث هذه الإشارات هي ما اهتم به الشيخ أيضا من الاطلاع على بعض خزائن المغرب وخاصة بمدينة تطوان حين كان يشتغل محافظا لقسم المخطوطات بالمكتبة العامة والمحفوظات بتطوان، مما مكنه من الاطلاع عن كثب على عدد من الكتب العلمية في مختلف الفنون. ثم عرج أخيرا على تثمين عمل المحقق من جانب المبنى ومن الجانب الفني. ثم تناول الكلمة في الختام محقق الكتاب الدكتور يونس السباح، فعبر عن سعادته بتواجده في هذا اللقاء العلمي قراءة وتقديما لعمله تحقيقا لكتاب: "التفسير واتجاهاته وما كتب فيه" للشيخ محمد بوخبزة، مقدما في البداية سياق الكتاب الذي يعتبر ثمرة لجهد الشيخ في تحرير دروس في مادة التفسير قدمها لطلبته بمعهد الإمام الشاطبي الفتية عند إنشائها منذ سنة 1992 لأول مرة، ممنيا النفس بالحديث عن كل علم من العلوم الإسلامية بنفس هذا المنهج المتبع في دروس علم التفسير، لكن صرفته عنه شواغل أخرى تأليفا وتدريسا ووعظا، ولعله كان سيكون عملا ضخما في بابه، ثم توجه بالشكر للقارئَين الكريمين على حسن تقديمهما وعرضهما للكتاب، ومثمنا للحضور حسن المتابعة والاستماع، ثم أجاب في ختام هذا اللقاء على مجموعة من أسئلة الحاضرين الذين تفاعلوا مع هذه المداخلات، ليرفع مسير اللقاء هذا الحفل العلمي الماتع، ويفسح المجال للمحقق توقيع الكتاب لمن أراد من الحضور.