في عهد ما كان يسمى بالاستعمار الفرنسي، و برجوعنا إلى النصوص القانونية المنظمة لتنقل الأشخاص وخاصة الأطفال القاصرين، على متن قطارات السكك الحديدية، نجد أن هذه المؤسسة خلال تلك الحقبة، كانت تمنع بكيفية قطعية سفر الأطفال القاصرين على متن عرباتها، إلا بمرافقة شخص راشد. والمقصود بالشخص الراشد حسب مقتضيات هذا القانون، هو الأب والأم، والعم والعمة، والخال والخالة، وحتى المعلم والمعلمة، ومدير المدرسة، و كل شخص له سلطة وصاية قانونية على القاصر المسافر. مناسبة هذا الكلام هو تمكن ثلاثة قاصرين من مرتيل، عمرهم 14 ربيعا، قاموا بحر الأسبوع المنصرم برحلة ملحمية محفوفة بالمخاطر على امتداد جميع طرق شمال المملكة. وحسب إفادة عائلات هؤلاء الأطفال،ة فإنهم توجهوا في البداية إلى ميناء طنجة المتوسط، وبعدها ولوا مدبرين نحو مدينة سبتة، وبعد فشل محاولة عبورهم حدود معبر "طاراخال"، سافروا إلى مدينة الناظور الواقعة بشرق المملكة. السؤال المطروح كيف تمكن هؤلاء الفتية الصغار من المرور عبر العشرات من نقط المراقبة الأمنية، وحواجز رجال الدرك، والسدود القضائية التابثة عند مداخل المدن والبلدات؟ لماذا لم يتجشم أي شرطي أو دركي عناء طرح سؤال على سائقي الناقلة التي كانوا يمتطونها سواء كانت سيارة أجرة أو حافلة أو شاحنة، عن علاقته بهؤلاء الأطفال "الحراكة"؟ إن قضية هؤلاء الفتية التي خلفت صدى إعلامي واسع وطنيا ودوليا، على مستوى أعمدة بعض الجرائد الإسبانية أصبحت تطرح أسئلة مقلقة مفادها أين يتجه هذا البلد؟ الذي أصبح عاجزا عن توفير الحماية المنصوص عليها وفق قواعد القانون الدولي لأطفاله القاصرين.
إن استمرار حالة اللامبالاة، هذه من طرف حكومة المغرب للقيام بالدور المنوط بها على غرار كافة حكومات دول العالم، خاصة في مجال الهجرة وضبط الحدود، واسترجاع أطفاله الحراكة القابعين في مراكز اللجوء بمختلف بقاع المعمور، ربما سيؤدي في القادم من الأيام إلى إعلان المغرب، بأنه أصبح دولة فاشلة Failed state.