الجياف جمع "جيفة" وهي جثة الحيوان الميت، وهذا الاسم يطلق على باب من أبواب تطوان يفصل بين حومة البلد ومقابر اليهود، وهو أقل أبواب المدينة السبعة شهرة، ذلك أنه لم يكن يستعمل كثيرا. وفي وجه تسميته أقوال كثيرة أشهرها أنه سمي كذلك لأن اليهود كانوا يخرجون موتاهم منه لدفنهم في مقابر اليهود الواقعة خارجه بسفح الجبل، فسماها الناس "جيافا" استهزاء وكناية عن النتن والنجاسة. وبعض الأقدمين لا زالوا إلى الآن يسمونه "الباب السفلي" ويتحاشون كلمة "الجياف" احتراما لمقام الشيخ علي ابن ريسون الواقع بجوار الباب، وقيل إنه عرف بهذا الاسم لأن الكثير من الجثث بقيت ملقاة بجواره بعد حرب جرت في تطوان ورفضت العامة دفنها حتى نتنت واشتدت رائحة عفنها، وقيل: لإنها جثث أهل الريف الذين قتلوا في وقعة عيطة السبت بين أهل تطوان وعسكر الباشا أحمد بن علي بن عبد الله الحمامي الريفي التمسماني. ومما بلغني أن جمعية حنان المتخصصة في شؤون المعاقين في تطوان كانت بصدد بناء مقر لها بجوار الباب المذكور، وحينما شرع البناؤون في حفر الأساسات – وذلك نحو عام 1982م – وجدوا ثلاثة طبقات من البقايا، أولها الأعلى كلها أزبال وقاذورات، والثانية في الوسط كلها عظام وجماجم ملقاة فوق بعضها البعض وغير مدفونة دفنا شرعيا بل كلها في اتجاهات مختلفة، والسفلى من هذه الطبقات وجدت بها آثار رماد وسواد وبقايا غلايين فخارية بعضها به أثر دخان وبعضها الآخر مكسور، ورجح آنذاك أن الموضع كان فرنا لصناعة الأواني الخزفية، ثم وقع بع ما وقع في حرب ما بين أهل تطوان وغيرهم، ولعلها فعلا عيطة السبت، فبقيت به هذه الجثث دون دفن وأطلق عليه "باب الجياف" لهذا السبب. ولا ننسى أن جثث بعض العصاة كانت تلقى من هذا الباب ولهذا عرف الموضع الواقع خارجه ب "كدية الرؤوس" فلا يبعد أن يكون ذلك سبب إطلاق هذا اللفظ عليه. والله أعلم. العنوان: معجم الأماكن التاريخية في تطوان للمؤلف: بلال الداهية منشورات باب الحكمة (بريس تطوان) يتبع...