صدر للزميل الأستاذ عبد العزيز الطريبق، عن دار النشر "كلمات"، كتاب تحت عنوان " الصحافة والسياسة في شمال المغرب ما بين 1912 و1956". الكتاب المتميز الذي أنجزه الأستاذ عبد العزيز الطريبق، يؤكد حقيقة علمية راسخة تتمثل في كون الإنتاجات الثقافية والفكرية عامة مرتبطة أشد الارتباط بالتربة الثقافية التي نشأت فيها وبالانشغالات والإشكالات التي يعج بها عصرها. من هنا فان ربط الكاتب لموضوع الصحافة بشمال المغرب بالوضع السياسي السائد خلال فترة الحماية الاسبانية يعتبر موفقا لأنه يوفر إمكانية إدراك الخلفية الحقيقية للأحداث والوقائع التي تكلفت الصحافة آنذاك بتغطيتها وتتبعها وتحليل خلفياتها ونتائجها وأبعادها. إضافة إلى ذلك فان الاختيار المنهجي للمؤلف، بقدر ما يوفر إضاءة وفهم أعمق لخصائص الصحافة بشمال المغرب، فإنه يتطلب مجهودا مضاعفا حتى يتم الدمج ما بين الجانب السياسي والجانب الإعلامي. ولبلوغ هذا المرام، يقوم المؤلف باستعراض وتحليل مسهب ودقيق للأوضاع التي آل اليها المجتمع المغربي عشية القضاء على المقاومة المسلحة ضد المستعمر بقيادة المجاهد عبد الكريم الخطابي، ثم ينتقل إلى استعراض مختلف العوامل الاقتصادية والثقافية التي ساهمت في انبثاق الترسانة القانونية المنظمة لاشتغال الصحافة، وكذا الشروط التقنية لعملها من حيث المطابع المتوفرة آنذاك. ضمن نفس الإطار يفرد المؤلف حيزا مهما لاستعراض تعامل الوطنيين بشمال المغرب والصحافة التي كانت أداة مهمة في النضال الوطني، سواء في فترة حكم الجمهوريين أو في عهد الديكتاتور فرانكو، وكذا لمختلف الظروف والخصائص التي ميزت النظام السياسي والصراعات السياسية والدموية التي عرفتها اسبانيا خلال تلك الحقبة التاريخية. خلاصة القول، نجد أنفسنا إزاء عمل أكاديمي رصين يغني الخزانة المغربية، حيث الدراسات المرتبطة بتطور وعطاء الصحافة المغربية بشمال المغرب لا زالت شحيحة، مما يزيد من أهمية الكتاب.