يجب على الشعب المغربي أن يعي حقوقه من واجباته قبل أن نجد حكومتنا الرأسمالية الجشعة تبيعنا يوما في المزاد العلني كعبيد أفارقة شغيلة لإحدى شركات دونالد ترامب. دعونا نرى ما هي واجبات الدولة على المواطنين وهل الدولة المغربية توفر لنا هذه الواجبات: رقم 1: توفير نظام سياسي قادر على حماية حقوق الأفراد المتواجدين ضمنه، فهل الأمن والاستقرار اللذين توفرهما الدولة وأجهزتها الأمنية أمن المواطنين أم أمن واستقرار النظام نفسه؟ إن أجاب أحدكم بأنه أمن المواطنين فليقل لي من فضله أين وصل التحقيق في قضية "طحن مو"، حيث بين يدي الأمن ينعدم الأمن، وبين يدي رجال المخزن تقع الحكرة ويحضر الظلم، وبين يدي دعاة الأمن والاستقرار يحدث الجرم.. والفاهم يفهم وسأكتفي بهذا القدر. رقم 2: على الدولة إصدار العملة الخاصة بالدولة والمجتمع والحفاظ على قوتها، وسأذكّركم بقرار النظام المغربي قبل أقل من شهرين بتعويم الدرهم، والذي يعني بشكل مبسط تحريره بالكلية من تدخل بنك المغرب والحكومة وترك قيمته رهينة بسوق العملات العالمي حسب العرض والطلب مقارنة مع العملات الأجنبية. وأبسط من هذا يمكن الحديث عن خوصصة النظام لكل شيء حتى العملة! رقم 3: على الدولة تنظيم القضاء وإنشاء محاكم وضمان العدالة الاجتماعية على كل الفئات، نهدر ولا بلاش؟ الخبر فراسكوم. رقم 4: على الدولة ضمان خدمات الماء والكهرباء، هذه الخدمات التي باعها النظام المغربي بالتدبير المفوض لشركات أجنبية تتلاعب بفواتير المواطنين وأسعارهم كما تشاء. رقم 5: على الدولة ضمان خدمات المواصلات والصرف الصحي، أي نعم مدننا التي تغرق في شبر ماء. حتى خدمة التقاعد الذي يدفع الموظف اشتراكها من جيبه تلاعب بها أباطرة صندوق الإيداع والتبذير الذين نهبوا فليسات الموظفين لأجل إقامة مشاريع مشبوهة كما علق عليه المحامي الحبيب حاجي رئيس جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان. رقم 6: على الدولة توفير الصحة والتعليم.. ولن تجد مواطنا مغربيا واحدا لا يشتكي من فظاعة المستشفيات ولا أبا لا يشتكي من غلاء المدارس الخاصة بعد أن أبعد أغلب من له القدرة أطفاله عن رداءة المدرسة العمومية وتجهيزاتها واكتظاظها وأرق المعلمين والمدرسين الذين أصبحت أوضاعهم مثيرة للبكاء.
وأصبح الخريجون من المعلمين اليوم تتضارب بهم الأجندات الحكومية الخبيثة التي ما فتئت فور تنصيبها في عام 2012 تقلص تعويضاتهم إلى النصف وتفصل تكوينهم عن التوظيف، وآخره قانون التوظيف بالتعاقد عامين تمهيدا للإغلاق التام للمدرسة العمومية ورمي الأساتذة الخريجين إلى السوق الحر.
وحسب الجريدة المعلومة المتعاطفة مع العدالة والتنمية والتي لا يمكن أن تكذب على الحكومة، ورد خبر إعطاء المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الضوء الأخضر للشروع في إلغاء مجانية التعليم في السلكين العالي والثانوي، وذلك بناء على طلب رئيس الحكومة بنكيران.
نعم هذه هي أجندة هذا الرجل الذي ادعى يوما أنه منقذ الفقراء والطبقة المتوسطة من الفاسدين وناهبي المال العام، حكومته اليوم لا تجهز فقط على التعليم إنما على الصحة أيضا، فنفس الأجندة تطبق على الأطر الطبية الذين فُصِل تكوينهم عن التوظيف بعامين، في الطريق نحو إغلاق المستشفيات العمومية، ورمي المواطنين لبزناسة التعليم والطب لنهش جيوبهم ولحومهم. إذن ماذا تقدم لنا هذه الدولة من خدمات؟ الجواب: لا شيء سوى تلك المدارس العمومية المتبقية التي تجمع أولاد الفقراء والطبقة المتوسطة. وإن أُغلقت وأُلغيت مجانية التعليم لماذا إذن سنستمر في دفع الضرائب لدولة لا تقدم لنا أي خدمة؟ بل إنها فوق هذا تستنزف جيوبنا التي نحاول سد خصاصها من العمل الخاص دون حماية برلمانية ولا نقابية، تستنزفنا لسد أزمة نهب مسؤوليها للمال العام. ماذا إذن يربطنا بهذه الدولة، وأي معنى للولاء أو العدل أو القانون بعد إذ؟ مجانية التعليم هي شعرة معاوية بين النظام المغربي والمواطنين! فليقطعوها إن شاؤوا ولهم واسع النظر.