بنكيران يقولون عنك صريح لا تجيد إلا قول الصدق، ولذلك أستحلفك بالله أن تجيبني على السؤال التالي شريطة أن تقرأه إلى النهاية: ماذا لو جعلك الملك ذراعه الأيمن واتصل بك لترافقه بجولاته الإفريقية بين زامبيا وتانزانيا وجعل الرباح مكان أخنوش، والعثماني مكان مزوار، والأزمي مكان بوسعيد.. ألم تكونوا لتفرحوا وتهللوا بهذه “الثقة الملكية العظيمة؟” ماذا لو كلفكم الملك بتنظيم المؤتمر البيئي الكوب22، ألم تكونوا لتقيموا الاحتفالات بهذا “التشريف والتكليف؟” طبعا كنتم لتفعلوا أكثر من هذا ولتتباهوا بأنكم الحزب الإصلاحي الوحيد بالمملكة تحت القيادة الربانية ومباركة سليل النبوة جلالة الملك محمد السادس.. ولو تجرأ أحد حينها ووصفكم بالتحكم أو الدولة العميقة كنتم لتقذفوا وتشتموا الواصفين على أنهم محسادة معادين للإصلاح. لكن لأن الملك أهملكم وركنكم جانبا لأنه لا يثق بكم لأسباب ذكرناها مرارا (…) وسافر مع هؤلاء الذين لا يملكون أي أجندة إسلامية ولا علمانية لا يروجون لأنفسهم بأية مرجعية يضحكون بها على الذقون عدا مرجعية النجاح والعصامية التي نموا بها استثماراتهم الشخصية وكذلك يريد استعمالهم لتنمية علاقاته السياسية الاقتصادية خارجيا.. وصفتموهم بالتحكم والفساد وترُوِّج اليوم يا بنكيران لأنك شخص لا تستطيع أن تعيش أو تتنفس دون ادعاء المظلومية وأنك ضحية مؤامرة تروج اليوم إلى أنك ضحية ابتزاز، وتقصد بالطبع حزب التجمع الوطني للأحرار وأخنوش بعد أن انتهيت من الأصالة والمعاصرة وإلياس العماري.
مع أنك يا بنكيران، وسأعيد للتوكيد، وبالدارجة المغربية: ما كرهتيش لو كنت مكانهم تحظى بالقرب من الملك، ما كرهتيش لو كنت أنت التحكم، ما صبتيش لو كنت أنت صاحب الثقة الملكية وأنت الدولة العميقة وأنت الهمة وأنت الداخلية وأنت رئيس الباطرونا، إن كنت بعظمة لسانك ترسخ في كل لقاء صحفي أو تجمع خطابي أنك تشتغل لدى جلالة الملك في حكومة جلالة الملك متفاخرا بذلك فما الفرق بينك وبين هؤلاء الذين يتجولون معه.. الفرق الوحيد يا بنكيران هو أنهم قريبون منه وأنت رغم تهليلك وتمجيدك ولعقك لأقدام البلاط لازلت بعيدا.. وبالتالي لا تجد سوى الشعب المسكين المنهوك المغلوب على أمره كل مرة لتبكي عليه وتنوح وتدعي أن الملك مبعدُك بسبب قربك من الشعب! عن أي قرب من الشعب تتحدث، أنت الذي من أيام فقط فرحت بمقعدك من المخلفين خلاف المواطنين في نكبتهم ومسيراتهم ضد الاستبداد ومنعت أتباعك من النزول وتفرجت علينا ونحن نبكي محسن فكري ضحية السلوك المخزني ولم تحرك ساكنا خوفا أن يزيدك كلامك بعدا عن الملك.
قبيل أسابيع في خضم ذاك السكيتش العجيب حين التقيت بجميع الأحزاب حتى حزب جلاد الإسلاميين لكوميسير عرشان، قررت في لحظة الإعلان عن حكومة مكونة من الكتلة التاريخية الديمقراطية لكي تتسلطن وتتفرعن في الخمسة أعوام القادمة على باقي الأحزاب الإدارية وتصفها بأنها دكاكين ملكية لا تاريخ نضالي لها ولا شعبية ولا شرعية.. ولكنك لم تستطع، لأنك وجدت أن هذه الكتلة التاريخية هي مجرد وهم، فقاعة هواء بداخلها لا فقط مجموعة من السفهاء عديمي الكفاءة إنما مجموعة انتهازيين وخونة باعوك عند أول درهم..
شباط الذي خانك وغادر النسخة الأولى من الحكومة مغاضبا طامعا، ولشكر الذي لازال ذيله بيد إلياس العماري يحركه أنى يشاء. فانتظرت عودة “أكفاء التحكم” عسى ينقذوك من سفاهة الكتلة التاريخية، وعاد الأحرار والتقيت أخنوش لكن لم يعجبك الرجل، لأنه بشخصيته بهيبته بثروته بقربه من الملك، ذاك القرب الذي يؤرقك وتتمناه بدموع العين، أرهبك.. تريد التحالف لكنك لا تملك لتلك الشخصية وتلك الكفاءات ما يلزم من الرجولة لتعمل معه دون مظلومية ودموع! تتماطل حتى تجمع أكثر عدد ممكن من الأحزاب فخالوطة مزعلكة كي تترأسهم ولا يغلبك بينهم أحد.. أنت الآن من يبحث عن البلقنة، حتى تسود، لأنك خائف من العمل مع حزب واحد أو حزبين من الأكفاء الذين لا يبيعون وهم المرجعيات الدينية والحقوقية أن تضعف ولا تجد فيمن تلصق ضعفك وفشلك. تتماطل وكأن مصير المغرب ديالك وحدك، مع أنه مصير 40 مليون مغربي أغلبهم لم يأتمنك صوته، ومصير أموال تضيع كرواتب برلمانيين لا يعملون لأن لا وجود لحكومة يسائلونها، ومصير فئات اجتماعية مستقبلها معلق بين أساتذة أرهقتموهم بالتقشف وممرضين مهدوري الحقوق وطلبة أدمجتم كلياتهم بسبب سوء تدبيركم للأمور. أنت تقول: “بشوية علينا لي بغى يربح العام طويل”.. ونحن نقول: “نريد حكومة الآن مثل الحكومة الإسبانية من 14 وزيرا كفؤا .. لا حكومة 40 وزير من صحابك فقط لأنك تربطي مع بنعبد الله بالحبل السري وواعدتي شباط بالخير والربح وما قادرش تخلا على الوافا بحال يلى تتفرق وزيعة دار باكوم القديمة!”