بنكيران على حق. أنا أيضا أشعر مع الوقت أني سفيه. منذ مدة وأنا أتسفه. شيئا فشيئا.إلى أن بلغت قمة السفاهة. أنظر إلى ما أكتبه في المدة الأخيرة. وأقول مع نفسي كم أنا سفيه. وفي الحقيقة لست وحدي. كل ما حولي يتسفه.المغرب كله. دفعة واحدة يتسفه. ولن ينجو أحد. لاحظت هذا التغيير الذي طالني. وكنت أصمت. ولا أصدق. وأنكر. لكني اليوم تأكدت. بعد أن قالها رئيس الحكومة. تأكدت. وقررت أن أواجه نفسي. وأوجه لي الكلمة التي أستحق. فنظرت إلى وجهي في المرآة. وتمليت في. وقلتُ لي ما أسفهني. لقد مسخت إلى سفيه. وبعد ذلك تخليت عن الفاصلة. نقطة إلى السطر. انتهى الكلام. أنا سفيه. كنت أحتاج فقط إلى شخص يشتمني. ولا أحد. لا أحد يشتمني. وأنا أفعلها الآن. وأفضح نفسي أمام الملأ. كنت معجبا بي. ونبيها كنت. وفجأة. أصبحت عكسي. كل يوم أتسفه أكثر. وإذا توقفت فاتني الركب. وتهمشت. ولن أجد عملا. وصرت سفيها لأن السفاهة مربحة. وضامنة للحياة. السفاهة فن. وليس متاحا لأي أحد أن ينجح فيه. السفاهة تحتاج إلى موهبة، ومن ليس موهوبا يفوته القطار ويقبع في مكانه لا يبرحه. أعرف أشخاصا رفضوا أن يكونوا سفهاء. وأشفق على حالهم اليوم. لكني رفضت مصيرهم. وتسفهت. وبالغت في السفاهة. كي أنجو. وكي أحصل على موطىء قدم. السفاهة درجات ومقامات. وقد قالها بنكيران. قال لادريس لشكر أنت أكبر سفيه. يعني أن هناك إجماعا على السفاهة. كلنا سفهاء. وبيننا سفيه صغير. وسفيه كبير. وسفيه يخطو خطواته الأولى في السفاهة. أتذكرني وأعتز بي. وكم كنت رائعا. لكني اتخذت قرارا شجاعا وانحدرت وسقطت في القاع وفي الهوة السحيقة. كي لا أبقى وحدي معزولا. ولا أحد يكلمني. فما قيمة أن لا تكون سفيها حين لن يسمعك أحد. ما قيمة ذلك وأنت ميت. وأنت عدم. وغير موجود. السفيه هو الوجود. وغيره هو العدم. غيره غير موجود. خيال. ووهم. لكن السفاهة ليست سهلة. السفاهة فن وفلسفة. وهناك سفيه عميق. وسفيه سطحي. وسفيه ذكي. وسفيه غبي. وبينهم عليك أن تختار أيها المغربي. من أنت أيها المغربي. وأي سفيه. عرفنا على نفسك. ولا تعتقد يا من تظن نفسك لست سفيها أن السفاهة سهلة ومتاحة للجميع. وأنك في منجى. وفي برج عاجي. حتما ستلتحق بنا وستجد نفسك سفيها سيئا. لقد رفعت الحضارة من قيمة السفاهة وجعلتها تسيطر على كل شيء. في الثقافة والسياسة والفن والسينما والأدب. هذا عصر سفاهة وعلينا أن نعيشها. لا هروب من الواقع. نحن أبناء عصرنا وعلينا أن ننخرط فيه. ولا تظن نفسك ذكيا وتحاول تغيير العالم والتأثير فيه. باطل الأباطيل. كل شيء باطل. اغرق في العالم وتمتع بالسفاهة. لقد خلق الإنسان سفيها. وجاء التقدم. وجاءت ألعاب الفيديو. والهواتف الذكية. وتلفزيون الواقع. وأعادوا إلى السفاهة اعتبارها. يضحكني غير السفهاء. الذين ينصحوننا بقراءة الكتب. الذين يحافظون على القاعات السينمائية. والذين مثقفون وواعون ويرفضون الضحالة والسفاهة والتفاهة والجهل. وأقول لهم. يمكنكم أن تكونوا سفهاء مثلنا. وفي نفس الوقت واعون ومثقفون وتشترون الكتب. وتناقشون المواضيع العميقة. وأنا الآن سفيه ولا أشعر بالحرج. أنا سفيه مميز. وسباق. أنا الذي بدأت في مجالي. أنا الذي حدست المستقبل. ومن لم يصبح بعد سفيها فليسرع. وليترك الأوهام. ومن ينكر ذلك سيبدو له كلام بنكيران غريبا وممجوجا لكنه قال الحق ولا أفهم ما الذي أغضب المعارضة والناس والعالم. هذا عصر السفاهة والسفهاء عيشوه كما هو وتمتعوا به ولن تغيروه لأنه مبني وقوي وخلفه فلاسفة ومفكرون وصناعات وإعلام ولوبيات وقوى عظمى. وأنا معها ولست أحمق كي أعارضها ولست مغفلا كي لا أكون سفيها وأعزل نفسي وأحرمها من كل هذه المتع التي تمنحها السفاهة.