طالما قلت لنفسي وأنا صغيرة من شدة خوفي عليك «لماذا أنا لست ابنة رجل عادي لكي نعيش حياة هادئة آمنة؟»، وكنت أكره شعوري بالاختلاف عن باقي زملائي وزميلاتي في المدرسة، ولكنى الآن دائماً أقول لنفسي لماذا ليس كل الناس أبناء رجل مثل «فرج فودة»، لطالما كنت أتهمك في قرارة نفسي بأنك تحب مصر أكثر من أبنائك ولكنى الآن قد أدركت معنى أن تسمو بحب مصر فوق كل أحبائك وحتى نفسك. مازلت أذكر عندما كنت أقول لك من شدة خوفي عليك كفى يا أبى، لن تفعل لمصر أكثر مما فعلت، فنحن نحتاج إليك، ما زلت أذكر عندما كنت تقول لي إنك تعلم أن نهايتك سوف تكون على يد هؤلاء القتلة الإرهابيين، مازلت أذكر عندما كنت تقول لي أن ما تفعله من أجل مصر، سوف يكتب في التاريخ، مازلت أذكر عندما كنت تحارب بقلمك ضد الفتن الطائفية وتدافع عن حقوق الأقليات وعن إخواننا المسيحيين، مازلت أذكر عندما كنت تقول لي دائماً «إنتي اللي طلعالي في ولادي»، مازلت أذكر عندما كنت تختار لي الكتب من مكتبتك لأقرأها، لأني أحب القراءة مثلك، مازلت أذكر عندما انتابني الرعب الشديد من مكالمات التهديد بقتلك وسألتك وقتها بكل عفوية وبراءة، «إذا قتلوك من سوف يربينا؟، فقلت لي سوف تجدي كثيرا من الآباء حولك، وجدت بالفعل ولكن لا أحد في الوجود يعوضني عنك، لا سامحهم الله من حرمونا منك!! فرج فودة أنظر حولي فلا أجد سمر فرج فوده غيري، الكل يعمل على شاكلة أبيه، اطمئن فلك ابنة لا تخاف إلا الله ولا تخشى في الحق لومة لائم، ابنة أراد الله لها أن تمتهن نفس المهنة رغم كرهها الشديد لها لأنها سبب موتك، اطمئن فلن ينال أحد من مصرنا الحبيبة، الحرة الأبية، المدنية. أبى الغالي.. مصر الآن تمر بوقت عصيب، فنحن فى عصر الضحالة الفكرية، عصر اختلطت فيه الأمور وأصبح الحق باطل والباطل حق، عصر ندر فيه القادة السياسيين، أصبح المصريون يلتفون حول السفهاء والقتلة، عصر الجهل المقدس الذي لا يؤمن بالعقل والتنوير، عصر فيه السفهاء زعماء والأشرار أخيار، نحن الآن وبعد مرور 20 عاما على فقدك أصبحنا في أمس الحاجة إليك، فقد كنت سابقاً لعصرك، كنت مصباح التنوير الذي ينير العقول المظلمة. اطمئن واسترح في قبرك يا أبى، فكرك و قلمك سيبقى إلى الأبد، فكم من الناس يموت كل يوم ولا نذكر لهم شيئا، أما أنت فمن الخالدين، وأخيراً و ليس آخر كانت جدتي رحمها الله تقول بالعامية «الميت يدرا قبل الحي»، أتمنى من كل قلبي أن تكون الآن كما قالت، تدرى ما أرسلت لك من كلمات بالرغم من أنها لا تستطيع أن تعبر عما أشعر به نحوك من حب، افتقدك كل يوم أكثر من الذي قبله، فخورة بك وباسمي الملتصق باسمك إلى يوم الدين. اليوم السابع