الحرب التي تقودها مدريد ضدّ مهاجري الصّحراء الكبرى في طريقهم إلى “فردوس” سبتة ومليلية لا تتوقّف بمجرّدِ طردهمْ وإبعادهم من المناطق السّاخنة، بل تتعدى ذلك إلى “إغلاق الحدود المتاخمة مع المغرب في وجوههم”، حيثُ تمّ إغلاق المعبر الحدودي الشّمالي لمدينة سبتةالمحتلة في وجه المسافرين والسّيارات، وفق ما ذكرتهُ وكالة الأنباء الإسبانية “إيفي”. ونقلت وسائل إعلام إسبانية أنّ إغلاق الحدود الشمالية (معبر بنزو الحدودي) التي تفصل سبتةالمحتلة عن المغرب أمام حركة مرور المسافرين والسيارات، كان نتيجة للأضرار الناجمة عن الهجوم الواسع الذي شنّه المهاجرون الأفارقة على السياج الحدودي في 30 غشت الماضي. وفي سياق متّصل، أعلن وزير الداخلية الإسباني بالإنابة، فرناندو غراندي مارلاسكا، أنّ مدريد تدرس طرح تغييرات طارئة على مستوى مراقبة الحدود، حتى تصبح أكثر أمانًا، وذلك للسيطرة على تدفقات الهجرة غير النظامية، وقال: “سنبني أسواراً جديدة أكثر أمنا، لا يمكن تجاوزها لكنها لن تهدد الحقوق الأساسية لسلامة الناس”. ووصف المسؤول الإسباني العلاقات بين مدريد والرباط ب “الجيدة”، وأفاد بأنه سيحلّ اليوم بالمغرب “من أجل تعميق مستوى هذه العلاقات”. ويرى الحقوقي المغربي عبد الإله الخضري أنّ “الحدود الفاصلة بين سبتةالمحتلة والمملكة المغربية حدود شديدة الحركة وتشهد العديد من مظاهر انتهاك الكرامة الإنسانية، خاصة على مستوى المعابر، بسبب ما يتعرض له عمال التهريب، كما أن تربص المهاجرين السريين بحراس الحدود الإسبانيين يكاد لا ينقطع”. ووقف الخضري عند ما جرى يوم 30 غشت الماضي وأرجع ذلك إلى أن تلك المعابر رغم أنها تحظى بحراسة الجانبين الإسباني والمغربي، إلا أنه “من الناحية العملية، ينزل الثقل بالدرجة الأولى على الحراس الإسبانيين، حيث إن الجانب الإسباني يجد نفسه دائما محاصرا بين مطرقة ضرورة الالتزام بالنزاهة وبالقانون وسندان الإعلام وعيون النشطاء الحقوقيين الإسبان والأوروبيين”. وأشار الحضري إلى أنّ “قرار إغلاق تلك المعابر أو ضبط الحدود هناك ليس بالجديد أصلا، وقد كانت هناك قرارات من هذا القبيل”، موردا أنه “يمكن ضبط الحدود إذا تضافرت الجهود الأمنية بين المغرب وإسبانيا على مستوى الثغر المحتل، لكن ستزداد مآسي المهاجرين السريين وربما سيقل تدفقهم بشكل كبير”. ولا يعتقد الخبير في قضايا الهجرة أن إغلاق الحدود يمكن أن يجدي نفعا في وقف الهجرة السرية بشكل نهائي، إلا أن تداعيات هذا القرار على مصدر رزق ممتهني التهريب ستكون كارثية، وربما قد تجعل المغرب أمام تحدٍّ أمني وإنساني وسياسي خطير بتلك المنطقة شديدة الحساسية من الناحية السوسيو-اقتصادية.