أشعل قرار السلطات الإسبانية السماح لسفن وغواصات عسكرية روسية، بالرسو في ميناء سبتة البحري، فتيل أزمة دبلوماسية في العلاقات بين مدريد، وواشنطن. و ذكرت صحيفة "الكوفيدينثيال ديجيتال" الإسبانية نقلا عن مصادرها في القوات المسلحة الإسبانية، عن تبرير الجيش الإسباني، السماح لروسيا بحرية التحرك في ميناء سبتة، بما قالت عنه "رفض حلف النيتو الاعتراف بسيادة اسبانيا على سبتة"، المغربية. وكشفت، الصحيفة الاسبانية، عن تعرض إسبانيا بشكل رسمي، الأسبوع الماضي، لانتقادات من بعض الأطراف في الحكومة الأمريكية، وكذلك من قبل السلطات البريطانية، بجبل طارق، بسبب سماحها للوحدات البحرية الروسية بالتوقف في ميناء مدينة سبتةالمحتلة. وردت من جهتها، القوات المسلحة الإسبانية، قائلة في بيان لها :"إذ كانت بالنسبة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكيةسبتة ومليلية لا تدخلان ضمن مجال النيتو، فإن الغواصات والسفن الروسية يمكنها الرسو هناك متى شاءت". وأضافت، في سياق معاتبة حلف "الناتو"، من المدينتين المحتلتين بالقول : "..من جهة أخرى، إذا اعتبرتا ضمن مجال الناتو فيجب أن تحظيا بنفس وضع المستعمرات البريطانية"، في إشارة إلى صخرة جبل طارق التي يعترف الناتو بسيادة بريطانيا، عليها، على الرغم من الصراع الإسباني البريطاني حول الصخرة، إتهم الجيش الإسباني النيتو بكونه "ينظر إلى موضوع سبتة ومليلية بازدواجية معايير". وأشار الجيش الاسباني، إلى "عدم وجود قانون أو اتفاق يمنع السفن الروسية بالتوقف للتزود بالوقود والطعام بميناء سبتة، ما دام الأمر لا يتلعق بمناورات ذات طابع عسكري". في سياق متصل كشفت تقارير عسكرية أوروبية أنه منذ 2011 رست أكثر من 50 غواصة حربية روسية في ميناء سبتةالمحتلة، ولم يقتصر الأمر على الغواصات، إذ ذكرت التقارير رسو عدد مهم من المدمرات والفرقاطات، وعربات القتال البرمائية، من أجل تلقي الدعم التقني واللوجستيكي. ويبدو أن عددا من الدول الأوروبية باتت تنظر بعين الريبة لرسو هذه السفن والغواصات الروسية في ميناء الثغر السليب، إذ عبر نواب في البرلمان الأوروبي عن توجسهم من استمرار تردد السفن الروسية الحربية على الميناء، خاصة بعد أن بلغ عددها مؤخرا 12 سفينة وغواصة. من جهة ثانية كشفت جريدة "إلباييس" الإسبانية أن 11 نائبا أوروبيا راسلوا مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمن، فريديريكا موغيريني، احتجاجا على استمرار رسو السفن والغواصات الروسية بميناء سبتة، كونها أصبحت "بمثابة قاعدة لجيش موسكو، لتشبه بذلك القاعدة البحرية في طرطوس بسوريا". وأكد نواب أوروبيون، ومنهم نائب كتلاني يطالب باستقلال إقليم كتالونيا عن السيادة الإسبانية، بالإضافة إلى نواب من جمهوريات البلطيق وبولونيا، أن السفن الحربية والغواصات الروسية ترسو بميناء سبتةالمحتلة، من أجل التوقف والصيانة، وتساءلوا عن طبيعة التعاون الإسباني الروسي. وأفادت مصادر دبلوماسية إسبانية، في تصريحات لجريدة "إلباييس"، بأن رسو الغواصات الروسية بميناء سبتة لا يعتبر خرقا للعقوبات المفروضة على روسيا، ذلك أن إسبانيا لم تتلق أي شكوى من شركائها وحلفائها في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال أطلسي، لأن تلك العمليات "تجري بكامل الشفافية"، ولا ترتبط بأنشطة أو مناورات عسكرية. وتدافع إسبانيا عن الوجود العسكري الروسي في ميناء سبتة، نظرا للمداخيل المالية الضخمة التي تجنيها بفضل تردد السفن الروسية بشكل مستمر؛ فيما سمحت مدريد خلال شتنبر الماضي برسو غواصة تابعة لسلاح البحرية الروسية، تدعى "نوفوروسيسك"، وهي أكثر الغواصات تطورا في العالم، كما تلقب ب"الوحش" الروسي، وذلك من أجل صيانتها وتزودها بالوقود من المرور إلى البحر الأسود. واتهم مركز الأبحاث الأمريكي مارغاريت تاتشر من أجل الحرية، الذي يعتبر من أشد المدافعين عن حضور بريطانيا في إقليم جبل طارق، إسبانيا ب"النفاق" عند السماح للغواصات الروسية بالرسو في ميناء سبتة، ومنع السفن التابعة لحلف شمال أطلسي من العبور المباشر من سبتة إلى الموانئ الإسبانية.