من دون شك، إن من بين علامات ودلائل اندماج الجزائريين في الحياة المدينية المغربية العامة، التي تؤكد بطلان أطروحة التأليف الاستعماري ومن نحى نحوه، انخراطهم في المجتمع المغربي وإسهاماتهم المتعددة فيهن ودفاعهم عن الهوية الحضارية الإسلامية، ووحدة المغرب، ووقوفهم إلى جانب المغاربة ضد الاحتلال الأجنبي الفرنسي والإسباني، مما يومئ إلى انبثاق أفكار، نعدها من أصول الحركات الاستقلالية في المغرب العربي خلال القرن 13 ه/19 م. فمما ليس فيه شك، أن المهاجرين الجزائريين إلى المدن المغربية في القرن 13ه/19 م، خاصة بعد الاحتلال الفرنسي للجزائر العاصمة سنة 1246ه/1830م، ساهموا بنصيب وافر في الثقافة المغربية والاقتصاد والصناعة الحرفية والسياسية، سبيلهم في ذلك سبيل المغاربة. فلم يكونوا منعزلين ومنغلقين على أنفسهم أو منبوذين مقهورين على أمرهم كما تدعيه أطروحة كتاب الاستعمار، ومن الأدلة على ذلك، إسهاماتهم العديدة والمتواترة في مختلف الأنشطة بالبلاد، ونسوق كمثال على ذلك شغل بعضهم لمناصب سياسية سامية، ومهام مخزنية خطيرة. ومن الأمثلة على ذلك، تعيين شخصيات من عائلة المقري في الصدارة العظمى، والمالية، والباشوية في العهد الحفيظي، وتعيين محمد بن الحسن الحجوي في التدريس بجامعة القرويين، وأمين ديوانه وجدة سنة 1900، وتعيينه نائبا عن السلطان المولى عبد العزيز في الحدود المغربية الجزائرية، وأمين الأسلحة والذخائر هناك، ومكلفا بتطبيق أوفاق 1901 و1902 بين المغرب وفرنسا. هذا فضلا عن توليته منصب الوزير والنيابة عن الصدر الأعظم، في وزارة العلوم والمعرف . يتبع بريس تطوان: عن كتاب" الجزائريون في تطوان خلال القرن 13ه/19م"