الأطروحة السلطانية في مواجهة الأطروحة الإستعمارية إن المواقف والأفكار التضامنية والوحدوية المعبر عنها في هذه العينات من الرسائل، تعد من صميم السياسة الإجتماعية الداخلية المعتبرة للسلطان مولاي عبد الرحمان بن هشام، تجاه الجزائريين المهاجرين إلى تطوان ومدن مغربية أخرى، تفند أطروحة التأليف الاستعماري الذي ذهب عكس هذه الأطروحة المخزنية، ونص على الإهمال واللامبالاة التي عومل بها الجزائريون في المغرب، سواء من طرف المخزن أو السكان. وعلى سبيل المثال لا الحصر يقول ميشو بيلير: عن المهاجرين الجزائريين أقاموا أوهاما كثيرة وآمالا عريضة حول الإستقبال الذي يمكن أن يخصص لهم من طرف المغاربة، لكن الواقع أثبت عكس ذلك، فبالرغم من الخاصية الدينية التي دفعتهم إلى الهجرة، فقد استقبلوا ببرودة وبنوع من الحذر والريبة سواء من طرف المخزن المغربي أو الشعب، فقد اعتبروا كأجانب على أرض المغرب، وعوملوا بنوع من الاحتقار بالنظر على أنهم انهزموا أمام الكفار النصارى. وفي نفس الاتجاه، ذهب الضابط موجان في تحليله لموضوع هجرة الجزائريين إلى وجدة، في أحد تقاريره المرفوعة على السلطات الفرنسية في الجزائر. إلا أن هذه المزاعم والافتراءات التي تعبر عن الأطروحة الاستعمارية المغرضة، سرعان ما تتحطم أمام مضامين هذه الوثائق المخزنية، وأمام واقع وضعية الجزائريين وسيرورتها عبر التاريخ، في تطوان،وفاس وغيرها من المدن المغربية، دون إنكار بعض الإستثناءات الاجتماعية. وكل هذا يبين بجلاء، بين الأطروحة المغربية الرسمية والأطروحة الرسمية الفرنسية، التي كانت تحركها الأغراض والأطماع الإيديولوجية والاستعمارية. يتبع ريس تطوان، بنقلا عن كتاب: الجزائريون في تطوان خلال القرن 13 ه/19م. مساهمة في التاريخ الاجتماعي للمغرب الكبير المؤلف: إدريس بوهليلة