إلى من زعموا أن البكاء في الحلم سعادة! رائحة البكاء ويل، كم حلمت أبكي جاهلة لأمسك فرح الصباح مصفدا بين أهداب الفجر، حتى هفا السؤال مهطعا ! ما فكرت يوما بنزوله إلى رياض أوراقي بهَذْلَبَةٍ ؟ ارتعش رمق الحلم في هذاءةٍ، بدمع آهة تغتسل متواشجة، بين يقظة الصبح وسدورا يسيل بلؤلؤ ضوء حلمه ، فأخيط الوسن دمعا يسيل من عبرات تهذي لا تخطه اليدان، برجاء حذر : كأني رضيعا يأخذني ليرعاني! أرفع كفيَّ أمسح ما هطل من الحلم أخيط ألفاظ ما أحتبس من الصبح على وجنتي المعنى ، يقتادني البوح إلى الآخرين فيقرؤون أفلاك المطر، ينشق البكاء مقتربا مضطجعا فوق حدقتي جميلة الوجه يتلألأ في ذاكرة الأشياء ليمنح وميض رجفته ، كما يتوقد الجمر. أبصر الروح برؤية البكاء تحلم ، بمهل يضيق كلما أتسع الألم، ضلَّ صباحُها بذرف فيض الرؤى حتى المنتهى . تسكن وكأن لبكائها طقوس عطر يتضوع برائحته ..و الذكريات تستيقظ في نومها ، تخرج ما اعتصم من مكرهِ ذاك البكاء، بكل قسوة الماضي ليتضاءل الزمن مقتربا : دعني أنسى.. كيف؟ وأنا التي تدون الألوان مبعثرة في تراب الكيان حبلى، كيف؟ انه بكائي الخاص، لي وحدي ذاك بذكراه المؤلمة، لقلب أصفى من عين طفل. تردد برائحته - البكاء - خلسة : أنهما ، تشير إلى أيامها وفناءات الذات احالتا أن يبقياني دون أبناء السلام. بنحيب تبكي النساء، وخلسة. ما أصعب البكاء خلسة، تجيب: لا خيار لابد من الاقتراب لانتبذ مكانا اقترب منه مبعدة ثكلى . وتكرر: انه بكائي الخاص.. أنه حلمي العاطل في وسوسة تصادره إلى القراء ثانية ، سأخلعه لم يبق من ممتلكاتي الخاصة ؟ تشهق برحمة الصمت وتصدر ما تبقى من وجع دهرا في ورق لم يبلله الفرح بعد، لم يتمزق من طراوة الخشوع باسلة. شجاعة لطالما (كنتُ...ها،) بخوف دفين ولطالما سمعتها من أفواه الجاهلين الفرحين، فاحزن ألفا وألفين وعمرا وطنا لا يفك رباطه عني. أيه أيها الأسمى من الوجد الحزين يا سعادتي المثلى! يا ملامح أزمتي المزمنة التي لا تشفى . يا سمة تفترس مزامير أجلي.. لم كلما لوحت-للفرح0 تهاجمني بغبارها الثآليل لتفقس ويلاتها على نصفي الذي ينتميني، زاعمة أنني ورثته من سنين. أيها النفس الأنين أغلقي حواسيَّ في نصفي الثاني عن الابتهاج ، أرجئي أحلامي لأجل الصغار . لأكبر بنصفين لا بقى مجرد - مؤجل أمنيات- وسنانة تحت وسادة الصبح لا تصعدي لا تتشبهي بفرح تقصيني إلى ضفة عذراء لا أشبه النساء عازفة على اليابسة ببحر من الذبول. وحين أسمو أخرج من جسدي من رقاد من برقع المهاد إلى برقع اللحد، من ظلمات أنقذني- أنا التي أنا- بأمنية صغيرة اصغر من الزيتونة اخبأها حينا فتواجهني في غفوة، تحتضنني برهافة النصر نأتلق أنا وفرح الغفوة لا نرجو الإيقاظ. متى يارب أشفى؟ ها كم حزني هاكم صداعه منديلا طريا مبللا بالشجاعة، كم جفف سكوني العطش إلى ثورة ترنو نحو ضفاف لا تعرفني. هاكم ورقا محبرا بالدموع رشوا به أجوبتكم الحائرة : جاهلون لا يقرؤون ! لم َأنا ؟ كأنه مصيري وكأن الفرح (ليس مهنتي) ينقب عني بين الأنام أغط في أسئلة حيرى أكثر نضجا من الألم عن مصير يبعدني طائعة أنأى بحكاياتي في سرد شهرزاديُ ، أطول من نفس تاقت إلى المنون وما أطول العمر مع الحزن بلا أمل أحيانا يرتديني جلباب الفرح في يوم كظيم دل علي بلا مبرر فأتوحد عنوة مع ذكريات اخبأها في ملفي كأني لم أكن نفسي ، اقترب مني من ممتلكاتي الإنسانية، أجدني - ملفا سريا للغاية- أطلقني مع البكاء كلمات يصفقون؟! يصفقون لي حين أتهجاها بصوت رخيم حتى استحالت ملامحي إلى امرأة لا اعرفها فتعرفني حق الحزن بفم ناطق ، ونداء اخرس ، بشفاه لا يرضبها ندى التمني ولا بحلم صغير اصغر من رمش العين ولا شهقة الخلاص ! وكلما أقوى تحصدني المواسم بيادر سدم ترشقني بشهاب ثاقب في أوج مدي وجزري في موج بكاء البحر برائحة الخشوع ورائحة سماء تتوسل الرعد ببرق ، ملبدة .. أتساقط ثانية من فتحة العيون أسئلة، تبصر العالم تسيح في تاريخ المطر شجون وعرة بلا جواب مستعصية في معسر. فاسيح مكبلة الفرح هكذا أقف أمام بياض الأوراق، أين ارحل؟ وكلما طرقت بابا للخلاص يشهر أمامي ألف ناب لا أتذكر أني كنت حزينة في الطفولة ليرثني البكاء أتذكرني مدللة أبيها وكم أشتاق أن ابقي قرب أبي فلا اكبر أمرغ ثوب الفرح بألوان الخوخ ، بكر كرات براءة الرمان وسعادة العيد ورجعة أبي القمري بأكياس ممتلئة بالحنين في المساء أتذكر تفوقي ووقوفي الوحيد في الخميس لأقرأ -يحيا العلم - على صدر الغيب، وكم من الفرح تركته ورائي كم تركت من أشيائي المبعثرة في عالم لا يشبه بركة الكبار! ؟ أتوق للرجوع، هيهات أن أنسى كم كنت فارسة أسابق رياض جدائلي هيهات أن أنسى حلوى طفولتي المفضلة كم كنت لا اعرف البكاء ويزعمون ان البكاء في الحلم سعادة وأنني شجاعة حتى حلمت أبكي طول العمر لأمسك الأرض لتضمني فرحة.