الحاج عبد السلام بنونة (1888 – 1935)م كان الحاج عبد السلام بنونة رحمه الله أحد الرجال النوابغ في تطوان، وكان لنا الأخ الأكبر، بل كان كأحسن أساتذتنا الاجتماعيين ومرشدينا المخلصين، وقد ترجمت له بإسهاب وحللت شخصيته في كتابي “على رأس الأربعين”، والذي أذكره هنا إنما هو نبذه من تاريخ حياته الحافلة الممتلئة بالعمل والنشاط والجد والاجتهاد. ولد رحمه الله بتطوان ليلة الخميس ثالث جمادى الأخيرة عام 1305 موافق 16 فبراير سنة 1888، وتربى في حجر والديه تربية نبيلة، وقرأ القرآن ثم اشتغل بقراءة العلم في مساجد تطوان وزواياها على العلماء الأجلاء البقالي وابن الأبار والزواقي والرهوني وأضرابهم. وفي سنة 1326 ه تزوج بالسيدة خديجة ابنة الوجيه الحاج محمد بن محمد الخطيب، وفي نفس السنة عين عضوا في الوفد الرسمي التطواني الذي سافر على فاس لتهنئة السلطان عبد الحفيظ بتوليته على عرش المغرب، وفي سنة 1330 سافر إلى الشرق، وحج بيت الله الحرام وزار القبر النبوي الشريف، كما زار مصر والشام واستفاد من ذلك كثيرا. وفي سنة 1333ه – 1915 م عين أمينا للمستفاد بتطوان، ثم أسند إليه وظيفة الحسبة بمدينة تطوان بظهير مهدوي مؤرخ ب 12 رجب عام 1334ه موافق 15 مايو سنة 1916، واستمر قائما بذلك الوظيف إلى أن أعفي منه سنة 1336 – 1918 م، ثم اسند إليه وظيف وزير المالية بظهير مهدوي مؤرخ ب 16 محرم عام 1341- 9 سبتمبر سنة 1922، واستمر قائما بوزارة المالية إلى أن ألغيت الوزارة المذكورة واعفي هو منها بظهير مؤرخ ب 21 محرم 1342 (سبتمبر 1923)، وقد عين عضوا بالمجلس البلدي التطواني مرارا ، وكان من أجراء الأعضاء الوطنيين في الدفاع عن مختلف المصالح. ولما أسست المدرسة الأهلية بتطوان – وهي أول مدرسة وطنية حرة أسست بها سنة 1343- كان في مقدمة الأعيان الساعين في تأسيسها والعاملين بأنفسهم أموالهم لنجاحها وتقدمها، وقد تولى التدريس بها مدة من الزمن بصفة مجانية، وفي سنة 1346 ه – 1928 م، كان في مقدمة المؤسسين لشركة التعاون الصناعية – شركة النور الكهربائي بتطوان -، بل كان هو قطب رحاها ومدبر شؤونها، وقد تولى رئاسة مجلسها الإداري إلى أن توفي، وكان كذلك من مؤسسي المطبعة المهدية أيضا. ولما أجريت الانتخابات العامة الحرة للمجالس البلدية بالمنطقة الخليفية، كان الحاج عبد السلام في مقدمة المنتخبين لعضوية المجلس البلدي بتطوان، وكان ذلك عام 1350 ه – 1931 م، وقد انتخبه الأعضاء – وكنت من بينهم – لوظيف خليفة رئيس المجلس المذكور، فقام بأعماله الرسمية خير قيام، وقد كان شأنه في جميع المناصب التي أسندت إليه، والأعمال التي باشرها، شأن الرجل المفكر العارف، المقتدر الحازم، السياسي اللبيب.
كتاب “تحفة الإخوان في الصنائع القديمة بتطوان” للمرحوم السيد الحاج عبد السلام بنونة