لاشك أن كل من يهتم بتاريخ تطاون سوف يتساءل عن الأسباب التي جعلتنا نقوم بدراسة جديدة حول تاريخ المدينة المذكورة بعد صدور التأليف الضخم الذي وضعه الأستاذ محمد داود رحمه الله. الحق أن تاريخ تطوان للأستاذ داود يعتبر أهم وأعظم وأدق ما كتب في هذا الباب لحد الآن، حيث لا يمكن أن يقارن مع، عمدة الراوين في تاريخ تطاون، ، للعلامة أحمد الرهوني، ولا مع نزهة الإخوان وسلوة الأحزان في الأخبار الواردة في بناء تطوان، الفقيه العدل عبد السلام السكيرج، رغم ما لهذين الكتابين من أهمية ومزايا حيث أن أهمية النزهة، تتجلى في كونها كانت أول محاولة لكتابة تاريخ تطاون وأهمية العمدة، تكمن في كونها كانت أضخم المجهودات المبذولة في الموضوع إلى حدود سنة 1350 1931 . وإنه مما لا شك فيه أن تاريخ تطوان للاستاذ داود يجب أن يعتبر ذا قيمة كبيرة ومرجعا فريدا، غير أنه لا يمكن أن نعده بمثابة تاريخ تطاون النهائي، لما فيه من ثغرات يجب ملؤها وأغلاط تتطلب التصحيح، وكل ما يمكن أن يقال عن العمل الذي قام به الأستاذ داود هو أنه مشروع لموسوعة تطاون وأنه لم يقدم على شكل الموسوعات أي أن مواده غير مرتبة ترتيبا ألفبائيا. وقولنا هذا لا يعني أننا نقلل من قيمة الكتاب وأهميته من حيث المحتوى والدقة والتحليل والتعليق فهذا المجهود الجبار لم يكن في وسع أي مؤلف آخر أن يقوم به أحسن مما قام به الأستاذ داود خدمة لتاريخ مدينتنا ولتاريخ شمال المملكة الذي هو جزء لا يتجزأ من تاريخ المغرب ككل . ونظرة خاطفة على التأليف المذكور تكفي للباحث أن يتيقن من أنه يحتوي على مواد كثيرة لا علاقة لها بتاريخ تطاون، كما أن الأستاذ داود لم يعتمد أساسا إلا على المراجع العربية، حيث أنه لم يلجا الى المصادر الأجنبية إلا نادرا، في حين أننا نعلم أنه بدون هذه المراجع لا يمكن لأحد أن يكتب تاريخ تطاون ولا تاريخ شمال المغرب خلال القرن الخامس عشر والسادس عشر الميلادي. وهذا هو السبب الذي أدى إلى وضع هذه الدراسة حيث رأينا أنه من الضروري تصحيح بعض المعلومات التي وردت في التاريخ المذكور وملء بعض الثغرات التي توجد به بسبب عدم لجوء الأستاذ داود الى المصادر والمراجع والوثائق الغير العربية إلا نادرا ونعني بذلك المراجع والوثائق البرتغالية الإسبانية المطبوعة منها أو المخطوطة. بريس تطوان: نقلا عن تطاون مجلة تعني بتاريخ شمال المغرب محمد ابن عزوز حكيم