الحمد لله الذي الذي من علينا بنعمة هذا الدين القويم، ونحمده تعالى الذي جعلنا ننتمي لهذه البلاد المباركة السعيدة، ونثني عليه تعالى أنه هيأ لهذه البلاد عبر تاريخها القديم والمعاصر ولاة أمر رشدا حملوا أمانتها وأمانة هذا الدين وهذا الشعب الأبى على عواتقهم فما وهنوا ولا كلوا. وكان الإحتكام في أمورهم إلى حكم الله تعالى وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم وشريعة الإسلام السمحة المتمثلة في تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة المطهرة. وبعد، لقد اخترت أن أتحدث في هذه المناسبة عن موضوع البيعة وأثرها في الوحدة الوطنية وهدفنا في المقام الأول من هذه الكلمة هو إبراز مظاهر وآثر البيعة على الوحدة الوطنية. والبيعة مصطلح إسلامي وحقيقتها أنها عقد بين طرفين، بين الحاكم والمحكوم أو لنقل عقد وكالة بين أفراد الأمة وولي الأمر، وهذه الوكالة هي قيام ولي الأمر بما فيه صلاح الناس في دينهم بالمحافظة على إقامة الحدود والعدل وتحقيق السلام، وفي دنياهم بالمحافظة على يصلحهم في معاشهم وحماية البلاد من كيد الكائدين وشر الأشرار في الداخل والخارج ونشر الأمان والاطمئنان والعيش الرغيد. وبمفهوم آخر إن البيعة هي إعطاء العهد من المبايع على السمع والطاعة وللإمام من غير معصية في المنشط والمكره والعسر واليسر وعدم منازعة الأمر وتفويض الأمور إليه كما قال ابن خلدون: "اعلم أن البيعة هي العهد على الطاعة كأن المبايع يعاهد أميره على أن يسلم له النظر في أمور نفسه وأمور المسلمين لا ينازعه في شيء من ذلك ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره وكانوا إذا بايعوا الأمير عقدوا عهده جعلوا أيديهم في يده تأكيدا للعهد فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري فسمى بيعه مصدر باع وصارت البيعة مصافحة بالأيدي هذا مدلولها في عرف اللغة ومعهود الشرع"(مقدمة ابن خلدون ص197). فالواضح إذن أن البيعة التي هي أحد طرق الانتداب والاختيار معاقدة ومعاهدة وميثاق قوامه حقوق وواجبات تختلف بحسب ما لكلا الطرفين المتعاقدين من أدوار ومسؤوليات. وإذا كانت البيعة التزاما بالسمع والطاعة في المنشط والمكره فإنها من جهة أخرى إلزاما بالحدب والرعاية وقصر النظر على تأمين المنافع وصيانة المصالح. يتبع د/عبدالعزيز الرحموني