عرّف العلماء البيعة بتعاريف عديدة، وهي في اللغة مصدر بايع بيعة ومبايعة، وهي الصفقة على إيجاب البيع وعلى المبايعة والطاعة، وهي لفظة وردت أكثر من مرة في القرآن الكريم، مثل قوله تعالي في سورة التوبة: فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ، وفي سورة الفتح قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ. كما وردت في الأحاديث النبوية بأكثر من صيغة وفي سياقات متعددة. أما في الاصطلاح، فالبيعة هي إعطاء العهد من المبايع على السمع والطاعة للإمام في غير معصية، في المنشط والمكره، والعسر واليسر، وعدم منازعته الأمر، وتفويض الأمور إليه. قال ابن خلدون في المقدمة: اعلم أن البيعة هي على الطاعة. كأن المبايع يعاهد أميره على أنه يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور المسلمين لا ينازعه في شيء من ذلك، ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره، ويضيف قائلا: وكانوا إذا بايعو الأمير وعقدوا عهده، جعلوا أيديهم في يده، تأكيدا للعهد، فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري، فسمي بيعة. مصدر باع، وصارت البيعة مصافحة بالأيدي. هذا مدلولها في عرف اللغة ومعهود الشرع، وهو المراد في الحديث في بيعة النبي صلى الله وعليه وسلم ليلة العقبة وعند الشجرة وحيثما هذا اللفظ ص.221 ويميز ابن خلدون في إجراءات البيعة، يقول في المقدمة في الفصل التاسع والعشرون منها ما يلي: ومنه بيعة الخلفاء. ومنه أيمان البيعة. كان الخلفاء يستحلفون على العهد ويستوعبون الأيمان كلها لذلك، فسمّي هذا الاستيعاب أيمان البيعة، فإجراءات البيعة عنده تكون على مستويين: الأول وتسمى فيه بيعة الانعقاد: وبموجبها ينعقد للشخص المبايع السلطان، ويكون له بها الولاية الكبرى أو الإمامة الكبرى كما يقول ابن خلدون، دون غيره حسما للخلاف حول من يتولى أمر المسلمين، وهذه البيعة هي التي يقوم بها أهل الحل والعقد، وذلك معنى قوله ومنه بيعة الخلفاء. أما المستوى الثاني فهو ما يسميه العلماء بالبيعة العامة أو بيعة الطاعة، ويقصد بها بيعة سائر المسلمين للخليفة، فهي بيعة شعبية عامة، وقد حدثت بالنسبة لأبو بكر رضي الله عنه مثلا، إذ بعد أن بايعه أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة، دعي المسلمون للبيعة العامة في المسجد.