رأي عبد الخالق الطريس حول العناية بالموسيقى المغربية (الحلقة الثانية) .....والموسيقى أيضا هي علم كما هي فن. فيلزم أن نتعلم كل ما يشمله العلم من قواعد، ينقصنا النظام لتهريب تراثنا القديم لا لكي يساير العصر بل ليطابق أصوله القديمة ويصبح تراثنا سليما جديرا بان نفتخر به، ينقصنا الإتحاد الذي لابد منه للقيام بالعمليات الكبيرة التي تؤدي إلى جعل بلادنا ذات مركز محترم في الناحية الموسيقية فإذا اتحدنا وقبلنا النظام رائدا لنا في العمل وتنازلنا للتعليم الحق يمكننا أن نرى النتائج باهرة في أسرع وقت ممكن. أرى أن خير وسيلة الآن لتحقيق الأمل المنشود في الموسيقى المغربية تكوين معهد للدرس والبحث، وجمعية لتعاون الموسيقيين وتعارفهم ونقابة لخدمة مصالحهم وتمثيلها، وينبغي أن ينضم لهذا المعهد من الفنانين المحترفين والهواة ويزود بأساتذة بتعليم الإيقاع والنوتة ومفكرين للبحث وإرشاد الفنانين. وهذا مشروع لا يمكن أن يتحقق إلا بتعاون الحكومة والشعب ورجال الموسيقى فهلا ترون الظروف كلها تفضى بذلك؟. قد لا يظن بعض العامة من الناس أن الموسيقى لهو وتسلية ولكن يلزم أن يعرف هؤلاء "كما تعرف الخاصة" أن الموسيقى من العناصر الأساسية في النهضة وأن تأثيرها في الإصلاح والتهذيب وتقويم الأخلاق وتكوين معنوية الأمة وروحانيتها عظيم يقرره العلماء والمفكرون حق قدره. وحياة الأمة بلا موسيقى حياة جافة مادية. والموسيقى تعبير خاص على كثير من الأفكار والعواطف لا يمكن أن يخلفه تعبير آخر. فاهتمامنا بالموسيقى لا ينبغي أن يعد كماليا بل هو من ألزم الضروريات. ويلاحظ الآن أن المغرب نفسه تخطى بعض خطوات في سبيل النهوض بالموسيقى المغربية، وبذلت عدة جهود في المنطقة السلطانية لإحياء هذا الفن النبيل وإعادته إلى عرشه القديم، ولكن لا تزال جهود قاصرة عن تحقيق الغرض المطلوب. ولعلنا إذا شمرنا على ساعد الجد نستطيع ان نؤدي للموسيقى المغربية خدمات حقيقية كفيلة بترقيتها وتعميم فائدتها بين الناس. لقد بدأنا السير في كثير من الطرق فلماذا لا نبدأ السير في هذا الطريق أيضا؟ أن موسيقانا الحالية لا تماثل حقيقتنا بأي وجه من الوجوه، وإني أعدها وصمة في جبين المغرب المتحضر. فتعاونوا على غسل الوصمة وتأهبوا لخلق فن جديد رائع عظيم لا يفقد مسحة التراث القديم ولا يبقى دون المدارج التي وصل إليها الفن الموسيقي عند الأمم الملهمة. والمجد والسمو للمغرب... اختم هذه الأجواء الموسيقية بالحملة التي تعرض لها الملك الراحل المولى عبد العزيز من طرف الصحافة المصرية، والشعراء الكبار بسبب الإتيان بفرقة موسيقية من مصر. بريس تطوان نقلا عن كتاب الأجواق الموسيقية بتطوان وأعلامها