كل ما يكتب عن حبيبين لا يفهم منه إلا رؤية وجه أحدهما إلى الآخر، و ما تعرفه العين من العين لا يعرف بألفاظ، ولكن بأسرار، و الغليل المستعر في دم العاشق المجنون يختص بنفسه وحده، وضمة المحب لحبيبه إحساس لا يستعار من صدر آخر، كما لا يستعار المولود لبطن لم يحمله، لا ينتهي في الزمن إلا إذا بدا يوم السلو في الزمن، فهل يستطيع الخلق أن يصنعوا حدا يفصل بين وقتين لينتهي احدهما؟ و هب هم صنعوا السلوان من مادة النصيحة و المنفعة، ومن الف برهان برهان، فكيف لهم بالمستحيل، وكيف لهم بوضع السلوان في قلب العاشق؟ وإذا سألت النفس على رقة الحب، فبأي مادة تصنع فيها صلابة الحجر؟ وما الحب الا اظهار روح الجسم الجميل حاملا لروح أخرى كل اسرارها يفهمها وحده ، وما الحب الا تعلق النفس بالنفس التي لا يملؤها غيرها بالاحساس، وما هو الحب الا اشراق النور الذي فيه قوة الحياة ، كنور الشمس من الشمس وحدها ، وهل في ذهب الدنيا و ملك الدنيا ما يشتري الاسرار والاحساس و يشتري ذلك النور الحي؟ فما هو الحب الا انه هو الحب ، و ما الحب إلا روح حلقت إليك بجناحين كي تنتشلك من بين الركام ، وتنزع من بين ضلوعك معاني التيه و العناء ، وتقتلع من جسدك تلك الآلام المغروزة فيه، وتتحسس ما يعتلج بصدرك وتضمه إليها، و كأنها تخبرك بلغة الروح [ لا بأس أعينك على حمله ] .. ولأن حديث الروح إلى الروح يسري، تخبرها أنت بأنين ممتزج بفرح خجول [ امكث بقلبي لا ترحل .. ابق هاهنا ] وما هو هذا السر في جمل المعشوق، إلا أن عاشقه يدركه كأنه عقل للعقل، وما هو هذا الادراك إلا انحصار الشعور في جمال منسلك كأنه قلب للقلب، وما هو الجمال المتسلط بانسان على انسان، إلا أنه ظهور المحبوب كأنه روح للروح. ولكن ما هو السر في حب المحبوب دون سواه ؟.. هنا تقف المسألة وينقطع الجواب، هنا سر خفي كسر الوحدانية، فقط لانها وحدانية ( أنا وأنت ) لا غير . -ناقشوا الحب فقالوا أصبحت الدنيا دنيا المادة، أفقدت الحب تلك الفطرة الموسومة بالرقة، في دنيا القوة و السرعة جعلته يتلاشى كحلم قصير أمام الزمن المتسارع، وروحانية اليوم كالعظام الهرمة لا تكتسي إلا اللحم ، وحب اليوم لا يطلب منه إلا الجسم. -ثم قال الحب مدافعا عن نفسه، لا ! بل المادة لا قيمة لها أمام وفي الروح، وهذا القلب لن يتحول إلى يد و لا الى رجل . -أجابوا الحب فقالوا ، أن العصر عصر الآلات ، والعمل الروحي لا وجود له في الآلة ولا مع الآلة . -فقال الحب ، لا يصنع الانسان ما شاء ، و يبقى القلب دائما كما صنعه الخالق . -فقالوا ، الضعيفان الحب والدين ، والقويان المال والجاه . -فأجاب الحب ، هذا الحب له من الأسرار ما يجعل المرء و إن أفنى عمره مسافرا في عالمه ظل جاهلا لخباياه لم يتعدى علمه بحقيقته معرفة الطفل السطحية بأشيائه ، ما يدركه أنه صنيعة الله الذي يحمل من النقاء والطهر ما يحفظ للكون آدميته وينقذه من الدمار رغم كل ما حل به، حتى إذا ما أحكم دستوره حلت سكينته وإذا ما خالفته ابتليت باضرابه، ويحدث أن تتنافر معه آلفت فيطوقك السقم، فهناك من إذا تجاوز هذا السقم كان حاله حال الشاعر قائلا -تنسى كأنك لم تكن- وهناك من إذا طال صمته تمن الحب لو نطق قلبه المكلوم فيعاتب ويلوم و يبرر و يعتذر ، طمعا في أن لا يقطع الصمت خيط الود الضعيف الذي زال وفيا لعهد الوصال القديم ، تمن الحب أن يجود عليه القدر بلحظة مصافاة تعود فيها مياه العشق إلى مجاريها ، و ليس جميع الحب سواء ! فصمت الجميع وسكن إلى الحب ، ليوثق عقدا أبديا مع وطن جديد اسمه الحب . كل ما يكتب عن حبيبين لا يفهم منه إلا رؤية وجه أحدهما إلى الآخر، و ما تعرفه العين من العين لا يعرف بألفاظ، ولكن بأسرار، و الغليل المستعر في دم العاشق المجنون يختص بنفسه وحده، وضمة المحب لحبيبه إحساس لا يستعار من صدر آخر، كما لا يستعار المولود لبطن لم يحمله، لا ينتهي في الزمن إلا إذا بدا يوم السلو في الزمن، فهل يستطيع الخلق أن يصنعوا حدا يفصل بين وقتين لينتهي احدهما ؟ و هب هم صنعوا السلوان من مادة النصيحة و المنفعة، و من الف برهان برهان، فكيف لهم بالمستحيل، و كيف لهم بوضع السلوان في قلب العاشق ؟ و إذا سألت النفس على رقة الحب، فبأي مادة تصنع فيها صلابة الحجر ؟ وما الحب الا اظهار روح الجسم الجميل حاملا لروح أخرى كل اسرارها يفهمها وحده ، وما الحب الا تعلق النفس بالنفس التي لا يملؤها غيرها بالاحساس ، و ما هو الحب الا اشراق النور الذي فيه قوة الحياة ، كنور الشمس من الشمس وحدها، وهل في ذهب الدنيا وملك الدنيا ما يشتري الاسرار والاحساس ويشتري ذلك النور الحي ؟ فما هو الحب الا انه هو الحب، و ما الحب إلا روح حلقت إليك بجناحين كي تنتشلك من بين الركام، وتنزع من بين ضلوعك معاني التيه و العناء، وتقتلع من جسدك تلك الآلام المغروزة فيه، وتتحسس ما يعتلج بصدرك و تضمه إليها، و كأنها تخبرك بلغة الروح [ لا بأس أعينك على حمله ] .. ولأن حديث الروح إلى الروح يسري، تخبرها أنت بأنين ممتزج بفرح خجول [ امكث بقلبي لا ترحل .. ابق هاهنا ] وما هو هذا السر في جمل المعشوق، إلا أن عاشقه يدركه كأنه عقل للعقل، وما هو هذا الادراك إلا انحصار الشعور في جمال منسلك كأنه قلب للقلب، وما هو الجمال المتسلط بانسان على انسان، إلا أنه ظهور المحبوب كأنه روح للروح. ولكن ما هو السر في حب المحبوب دون سواه ؟.. هنا تقف المسألة وينقطع الجواب، هنا سر خفي كسر الوحدانية، فقط لانها وحدانية ( أنا وأنت ) لا غير. -ناقشوا الحب فقالوا أصبحت الدنيا دنيا المادة، أفقدت الحب تلك الفطرة الموسومة بالرقة، في دنيا القوة و السرعة جعلته يتلاشى كحلم قصير أمام الزمن المتسارع، وروحانية اليوم كالعظام الهرمة لا تكتسي إلا اللحم، وحب اليوم لا يطلب منه إلا الجسم. -ثم قال الحب مدافعا عن نفسه، لا ! بل المادة لا قيمة لها أمام وفي الروح، وهذا القلب لن يتحول الى يد و ا الى رجل. -أجابوا الحب فقالوا، أن العصر عصر الآلات، والعمل الروحي لا وجود له في الآلة ولا مع الآلة . -فقال الحب، لا يصنع الانسان ما شاء، ويبقى القلب دائما كما صنعه الخالق . -فقالوا، الضعيفان الحب والدين، والقويان المال والجاه . -فأجاب الحب ، هذا الحب له من الأسرار ما يجعل المرء وإن أفنى عمره مسافرا في عالمه ظل جاهلا لخباياه لم يتعدى علمه بحقيقته معرفة الطفل السطحية بأشيائه، ما يدركه أنه صنيعة الله الذي يحمل من النقاء و الطهر ما يحفظ للكون آدميته وينقذه من الدمار رغم كل ما حل به، حتى إذا ما أحكم دستوره حلت سكينته و إذا ما خالفته ابتليت باضرابه، ويحدث أن تتنافر معه آلفت فيطوقك السقم، فهناك من إذا تجاوز هذا السقم كان حاله حال الشاعر قائلا -تنسى كأنك لم تكن- وهناك من إذا طال صمته تمن الحب لو نطق قلبه المكلوم فيعاتب ويلوم ويبرر ويعتذر ، طمعا في أن لا يقطع الصمت خيط الود الضعيف الذي زال وفيا لعهد الوصال القديم، تمن الحب أن يجود عليه القدر بلحظة مصافاة تعود فيها مياه العشق إلى مجاريها، وليس جميع الحب سواء ! فصمت الجميع وسكن إلى الحب ، ليوثق عقدا أبديا مع وطن جديد إسمه الحب .