في شارع الحسن الثاني بطنجة، يتواجد سور أبيض كبير على مقربة من الكنيسة الكاثوليكية، يعتبر البعض هذا السور مباركا يختلف عن باقي الأسوار، إنه السور الذي يغطي ضريح الولي الصالح "سيدي بوعراقية". وُلد الولي الصالح، سيدي محمد الحاج البقالي، المعروف ب"أبي العراقية الخضراء"، أو "بوعراقية"، وُلد في قبيلة بني حسان، على مقربة من مدينة تطوان في منتصف القرن الحادي عشر الهجري، وعلى عادة بيوت قبائل "جْبالة" الأندلسية في المنطقة، فإنه تربى في بيت علم وشرف، وتلقى علما غزيرا حتى صار ذائع الصيت، ليس في طنجة فقط، بل في منطقة الشمال كلها. و لم يكن "سيدي بوعراقية"، رجل انعزال و خلوة، ينأى بنفسه عن المجتمع، و يتجنب مخالطتهم، بل كان رجل علم و مقاومة، و التاريخ يشهد له بأن كان صدا منيعا ضد الغزاة الإسبان، الإنجليز،و البرتغال. و لا يخفى أن منطقة الشمال كانت مَحضنا لكثير من المقاومين، منهم من لا زال على لساننا، و منهم من صار في خبر كان. بعد وفاة "سيدي بوعرقية"، أصبح ضريحه محجا لزوار من مختلف مدن الشمال، إن لم نقل مدن المغرب بصفة عامة، إلا أن هذه الزيارات كانت تصاحبها طقوس و ممارسات غريبة، أشعلت فتيل الجدال بين فئات الوسط العلمي آنذاك، نظرا لمظاهر الجهل و الحُمق و عطالة العقل، فتم إصدار قرار سنة 1972 يقضي بمنع موسم "الهداية" الذي كان يقام كل عام. سيبقى الولي الصالح "سيدي بوعراقية" واحدا من أبرز رجال التربية و العلم و الجهاد في تاريخ طنجة، بل في المغرب بأكلمله.