بقلم: نعمان الفاضل ربما النظرة النمطية والجاهزة للواقع الاجتماعي تجعلنا عاجزين تماما عن تامل الاحداث و نقدها و تشخيصها بالشكل المطلوب و الدقيق، هذا القصور او العجز يدفعنا الى تكوين فكر ايديولوجي وفق وعي انعكاس مقلوب وضبابي، فننطلق من مقدمات ضبابية، لنصل لنتائج اكثر بعدا عن الغايات المرجوة.ان هذا المأزق الذي نقبع داخله، هو اشكال حضارة ونهضة طالما انتظرناها طويلا، لكن، دون جدوى. ومادامت المعضلة مترسخة في وعينا الشقي هذا، فإنه لا حل سوى ان نضع هذا العقل موضع نقد و فحص لاهوادة فيه، و ان أي منحى يمكن ان نتخذه بديلا لهذا فإنى لأراه منساقا وراء تيار أيديولوجي مبتذل. فلنضع للعقل نقدا بالعقل ذاته اذن! ومن هذا المنطلق، فإن السؤال الذي يظهر أكثر الحاحا الان،هو كيف نصحح تصوراتنا نحو العالم؟،سؤال سبق وأن طرحناه، ونتغيا وراءه كيفية تشكيل وعي يروض و يطوع الثقافة التي شكلته،هذه الثقافة الثكلى التي يموت فيها الابداع لحسابات ضيقة وذاتية تنبعث منها رائحة الجيف، لادراكها المغلف بمفردات صفراء، و تمللك للسلطة، و انحناء منقطع النظير لصفة الانسانية. ان البديل الاساسي لمرض التخلف الخبيث هذا، لهو البدأ من اللبنات الاولى التي شكلته، و التي تتركز بالضبط في تللك الخيرات الرمزية او القدرات الميتامعرفية التي بها نستطيع بناء جيل يتمثل واقعه بشكل استراتيجي دقيق، و يصدر أحكامه عن استنتاجات يقينية، وفي غيابها يجثم التخلف الفكري على واقعنا كما نرى الآن من انهيار للقيم وحياة عبثية وتفسخ أخلاقي مشين، حيث اصبحنا امام ممازسات عفنة تجد لها صدى في المجتمع،وهذا هو الاشكال؟ علينا ان نحاول الاستفادة من اخطاء التاريخ كي نتجنب السقوط في تكرارها، و ان نجمع على نهضة يكون العنصر البشري هو رأسمالها الاساس، و نتفادى الصراع بعودة التعاقد الاجتماعي وفق شروط جديدة تتطلبها المرحلة، لان النظرة الرجعية للصراع سرعان ما تعجل بفناء اصحابها و التاريخ نفسه يشهد بهذا، ومن ثم و لتجاوز الازمة، يقتضي الامر منا ان نقرأ الامور في سياقها العالمي وفق استراتيجية دقيقة، ووطنية صادقة، وهوية ثابتة، تمنع اي فرصة لاختلال التوازن الذي قد يفضي الى السقوط كطعم في يد قوى الشر التي تعبد الربح، وتدير العالم وفق مصالحها وغاياتها.