القنيطرة... اختتام دوري أكاديميات كرة القدم    القيمة السوقية للدوري السعودي تتجاوز عتبة المليار يورو    باب برد: تفكيك عصابة إجرامية متورطة في سرقة وكالة لتحويل الأموال    الإرث الفكري ل"فرانتز فانون" حاضر في مهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش    تطوان تحتفي بالقيم والإبداع في الدورة 6 لملتقى الأجيال للكبسولة التوعوية    نادٍ نرويجي يتبرع بعائدات مباراته ضد فريق إسرائيلي لدعم غزة    التوقيع على مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون والشراكة بين مدينة طنجة ومدينة القدس الشريف    CDT تقر إضرابا وطنيا عاما احتجاجا على قانون الإضراب    حكومة أخنوش تتعهد بضمان وفرة المواد الاستهلاكية خلال رمضان ومحاربة المضاربات    هذه توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    ابتداء من غد الاثنين.. ارتفاع جديد في أسعار المحروقات بالمغرب    هكذا يخطط المغرب لتعزيز أمن منطقة الساحل والصحراء    تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج شهدت ارتفاعا بنسبة 2.1 في المائة    الرجاء البيضاوي يتجه إلى إلغاء الجمع العام مع إناطة مهمة الرئاسة إلى بيرواين حتى نهاية الموسم    "هِمَمْ" ترفض التضييق والتشهير بمديرة جريدة "الحياة اليومية"    نزار بركة يترأس الدورة العادية الموسعة للمجلس الإقليمي لحزب الاستقلال في العيون    مقتل مغربي بطلقات نارية في إيطاليا    الإعلام في خدمة الأجندات السياسية والعسكرية    كريستينا.. إسبانية سافرت للمغرب لاستعادة هاتفها المسروق بمدريد والشرطة المغربية أعادته إليها في أقل من ساعة    تجميد المساعدات الأميركية يهدد بتبعات خطيرة على الدول الفقيرة    الرئاسة السورية: الشرع يزور السعودية    تحذير من تساقطات ثلجية وأمطار قوية ورعدية مرتقبة اليوم الأحد وغدا الاثنين    تفكيك شبكة صينية لقرصنة المكالمات الهاتفية بطنجة    روبرتاج بالصور.. جبل الشويحات بإقليم شفشاون وجهة سياحة غنية بالمؤهلات تنتظر عطف مسؤولين للتأهيل    السلطات الأسترالية تعلن وفاة شخص وتدعو الآلاف لإخلاء منازلهم بسبب الفيضانات    حريق مُهول يأتي على ورش للنجارة بمراكش    المغرب يعزز موقعه الأممي بانتخاب هلال نائبا لرئيس لجنة تعزيز السلام    "رسوم ترامب" الجمركية تشعل حربًا تجارية .. الصين وكندا والمكسيك ترد بقوة    دراسة: هكذا تحمي نفسك من الخَرَفْ!    استئناف المفاوضات بين حماس وإسرائيل الاثنين بعد رابع عملية تبادل للرهائن والمسجونين    ائتلاف حقوقي: تجميد "ترانسبارانسي" عضويتها من هيئة الرشوة إعلان مدوي عن انعدام الإرادة السياسية في مواجهة الفساد    الصين: شنغهاي تستقبل أكثر من 9 ملايين زائر في الأيام الأربعة الأولى من عطلة عيد الربيع    الجمعية المغربية لدعم إعمار فلسطين تجهز مستشفى الرنتيسي ومستشفى العيون باسطوانات الأكسجين    المنتخب الوطني لأقل من 14 سنة يجري تجمعا إعداديا بسلا    طنجة تتأهب لأمطار رعدية غزيرة ضمن نشرة إنذارية برتقالية    ريدوان يخرج عن صمته بخصوص أغنية "مغربي مغربي" ويكشف عن مشروع جديد للمنتخب    ريال مدريد يتعثر أمام إسبانيول ويخسر صدارة الدوري الإسباني مؤقتًا    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    حجز أزيد من 700 كيلوغرام من اللحوم الفاسدة بطنجة    تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج فاقت 117 مليار درهم خلال 2024    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    هذا هو برنامج دور المجموعات لكأس إفريقيا 2025 بالمغرب    مقترح قانون يفرض منع استيراد الطماطم المغربية بفرنسا    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    ثمن المحروقات في محطات الوقود بالحسيمة بعد زيادة جديد في الاسعار    الانتقال إلى دوري قطر يفرح زياش    مسلم يصدر جديده الفني "براني"    لمن تعود مسؤولية تفشي بوحمرون!    لقجع: منذ لحظة إجراء القرعة بدأنا بالفعل في خوض غمار "الكان" ولدينا فرصة لتقييم جاهزيتنا التنظيمية    القاطي يعيد إحياء تاريخ الأندلس والمقاومة الريفية في عملين سينمائيين    الإعلان عن تقدم هام في التقنيات العلاجية لسرطانات البروستات والمثانة والكلي    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    الفنانة دنيا بطمة تغادر السجن    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحداث "في الطفولة" لعبد المجيد بن جلون


بقلم: سلمان الحساني
تجري كل الأحداث في مرحلة طفولة المؤلف، ابتداء من السنوات الأولى حتى سن الشباب، حيث سافر نحو القاهرة لطلب العلم وانتهت طفولته.
وتبدأ الحكاية بقول الكاتب : "لو أنني كنت أعرف شيئا عن الأفلاك والأبراج وطوالع الكواكب لما نفعني ذلك إلى معرفة هل اليوم الذي ولدت فيه كان يوم سعد أو يوم نحس، ذلك أنني لا أجهل هذه الأشياء فحسب، ولكنني أجهل اليوم الذي ولدت فيه أيضا[1]". وذلك في مدينة منشستر الإنجليزية حيث ماتت "ميسز باترنوس" جارة الطفل عبد المجيد، وماتت بعدها أمه بعد عناء طويل مع المرض الذي أرهق جسدها الضعيف، ولكن المربية كانت تعتني به جيدا حتى خُيل إليه أنها أمه الحقيقية، ومنذ ذلك الحين ; انتقل الطفل وعائلته إلى المنزل الجديد، وزار الأماكن العامة المتمثلة في السينما والمسرح والحديقة العامة وحديقة الحيوانات حيث قضى أجمل أوقاته. كما قام بزيارة منزل "آل باترنوس" وتعرف فيه على "أندريه" الذي يحب العزلة و"جورجي" الأنيق و"ميللي" ذات الشخصية المرحة و"لليلي"التي تميل إلى الجد، و"إنجي" الجميلة.
ثم تحدث المؤلف عن الحياة في منزله ووصف الضيوف المراكشيين الغرباء ذوو الصوت المرتفع والعادات العجيبة، ليتحدث بعد ذلك عن حياة الشتاء في حياة منشستر الباردة وكذا عمل الوالد الممل في مكتبه. ثم ينتقل إلى وصف فصل الصيف في إنجلترا وروعة الطبيعة الساحرة وكذا الشاطئ ومدينة الملاهي.
هذا، وقد جلس الطفل عبد المجيد في الغرفة المظلمة مع أخته وهما يفكران في طريقة للحصول على أخ صغير. ولما سمع الحديث عن قدوم ملك إنجلترا عاهل المملكة المتحدة وإمبراطور الهند أحب مشاهدة الموكب فانتظر مروره لكي يستمتع بالمشهد مباشرة.
ولما وصل الطفل إلى سن المدرسة أٌخذ إليها، وتابع الدرس مع زملائه، وتعرف فيها على الصلاة التي عفي منها لأنه مسلم. وبعد الانتظار الطويل جاء الأخ الصغير من حقل صاحب الكرمب كما وعدته بذلك "مسز شالمداين". وفي ليلة عيد الميلاد انتظر عبد المجيد الهدايا بكل حماسة وشوق وبراءة، لكن مرض الأخت بعد العيد أثر في نفسه ونغص عليه سعادته. ومع ذلك، فقد سافر رفقة والده على متن قطار وباخرتين من منشستر إلى الجزائر \ جبل طارق ثم الدار البيضاء ثم فاس أرض الأجداد، ليقضي سبعة أيام من أروع الأيام في مدينتي فاس ومراكش حيث تعرف على عمه وجده. ولما عاد إلى منشستر التقى بأصدقائه الإنجليز، ووصف لهم ما شاهده في المغرب ; ومنه : الكتاب وحفل الزفاف والحمام والسوق والمنازل ووسائل النقل وكذا عادات الأكل واللباس. ولم تمض سوى فترة وجيزة إلا وأحاط الحزن بالطفل وعائلته بعد قرار الرجوع النهائي إلى مراكش وتوديع منشستر الوداع الأخير، فاستعدت العائلة للرحيل وغادرت إنجلترا.
وهنا انتهت المرحلة الأولى من طفولته التي قضاها في إنجلترا ليدخل في مرحلة ثانية سيقضيها بالمغرب، وأول شيء فعله في مراكش هو الاستعداد لولوج المدرسة المغربية المختلفة جذريا عن المدرسة الإنجليزية، فوصف الحياة في المدرسة بدء من أستاذ العلم وأستاذ الفرنسية وأستاذ القرآن ومدى غرابة هؤلاء الأساتيذ ووحشيتهم مع التلاميذ.
لكن الخبر المحزن الذي حطم مشاعر الطفل هو موت الأخت بعد معاناتها مع المرض. وهنا انتقل الكاتب للحديث عن خروجه من المنزل بصفة رسمية متنقلا بين وجدة والجزائر ومرسيليا والإسكندرية ثم القاهرة ليطلب العلم هنالك.. وعاد مرة أخرى للحديث عن حياته في المغرب، خاصة حينما كان يمر بفترة من الشرود والصراع النفسي والتفكير في الأم ( المربية ) التي أغمي عليها وتخيل الصراع بين السماء والأرض في الجبل المقابل للمنزل، كما أن شروده وهذيانه وإغماءه وإصابته بالحمى أدوا به إلى المعاناة المادية والمعنوية.
ولما انفرجت أوضاعه شرع في الدراسة في كُتاب المنزل عند الفقيه الشاب، ليتعرف على بنت سيحبها فيما بعد وسيأخذ في لقاءها كلما سمحت له الفرصة، كما أن معاشرته للأطفال الصعاليك من أبناء الحي زاده نفورا من قراءة القرآن في كُتاب المنزل، فمارس هواية كرة القدم التي لم يحبها كثيرا وانصرف إلى القرويين لتلقي العلم، لكن هذا لم يمنعه من قضاء لحظات جميلة مع جده في الضيعة وسيدي حرازم، كما لم يمنعه من العبث مع الخادمة الصغيرة وقت غياب العائلة. لكن موت زوجة العم خلال تلك الأيام كان له تأثير على نفسية الطفل لمدة مهمة حتى انتقلوا للعيش في منزل آخر، حيث تعرف على شاب أحب إحدى قريباته وأصيب بالجنون فتزوجها وشفي نسبيا ومات بعد ذلك.
ولم ينس الكاتب ذكر اللحظات التي قضاها في الزريبة مع الأبقار والحمار، وكذا اللحظات التي قضاها مع الأصدقاء الصعاليك وزعيمهم عبد الواحد القوي البنية، إلى جانب الحديث عن الحاج صاحب الزريبة العصامي الثري وصديق والد الطفل.
وإذ قضى الطفل مدة مهمة في مراكش، فإنه عرف معظم تفاصيل حياة المغاربة، خاصة المرأة في القرن العشرين، مثل; الحياة فوق السطوح وفي الحمام والزواج المبكر الذي شكل آفة العصر. ومن هنا عرج الراوي نحو الذهاب إلى حمامات سيدي حرازم رفقة أصدقائه الأربعة، ورؤية السلطان سيدي محمد بن يوسف رحمه الله، وفي تلك اللحظة تذكر موكب جلالة ملك إنجلترا الذي مر بالقرب من منزله في منشستر.
ومرة أخرى، يأتي الموت الكاسح ليأخذ بنت العم "زهور" ثم الجد، ذلك الشيخ الهرم الساخر العنيد، ثم العم أحمد. فدخل الطفل في حياة متوترة جدا بين إخوته من الأب ( الأخ والأخت ). ومع كل ذلك، كان عبد المجيد عاشقا ولهانا، الشيء الذي دفعه للاعتراف بحبه ومواجهة العائلتين ( عائلته وعائلتها ) بالرغم من صغر سنه وحقارة مكانته. أما من الجانب الصحي، فقد كان صاحبنا يشعر بألم في ضرسه، لكن المؤلم جدا هو رؤية الطبيب المغربي المخيف الذي يختلف عن الطبيب الإنجليزي اللطيف.
هكذا يواصل الكاتب ذكر أهم أحداث طفولته، فتحدث عن وجوده في جامع القرويين بفاس حيث لا كراسي ولا طاولات… وبالرغم من ذلك تعلق بالجامعة وانغمس في دروسها طلبا للعلم، فتعرف على الوطنيين بها وتعلق مرة أخرى بالأدب بعد موت أمير الشعراء أحمد شوقي بك ، ليشرع بعد ذلك في وصف غرفة العلم والأدب وقراءاته الأدبية وكذا نشره لمقال في المجلة لأول مرة، وإذ تطور الوضع اشتُهر المقال فاحدث ضجة في فاس، خاصة في أوساط المثقفين.
لكن، وبعد مرضه، بحث صاحبنا عن جواز السفر واستعد له، ثم شد الرحال نحو مصر ليدخل في مرحلة جديدة من مراحل حياته.
وهنا، ودع صاحبنا طفولته التي تعلم فيها دروسا من أكبر الدروس في حياته.. تلك الدروس التي تبقى مغازيها راسخة في الذهن حتى يواري المرء الثرى ويسافر إلى العالم الآخر…
وهنا، ينهي عبد المجيد بن جلون حكاية طفولته، ويقول في الأخير: " فالتحية العاطرة للذين لا يزالون يسيرون على صفحة الكوكب الأرضي … والرحمة الواسعة لمن تزدحم رسومهم فوق صفحة القمر المنير، كلما تبوأ عرشه متلألئا في السماوات…"[2].
[1] ابن جلون عبد المجيد، في الطفولة، ص 5. [2] أنظر ابن جلون عبد المجيد، في الطفولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.