السيد رئيس الحكومة المكلف. أكتب إليك خطابي هذا مستضيئا بشمعة كنت أدخرها لفعاليات الاحتجاج الشعبي ليوم السبت المقبل 7 نونبر . لكني آثرت أن أهدرها الليلة و أتدبر أمري يومها. أعلم أنك ستكون حزينا ليلتها,لأجل ذلك ,ما عليك سوى أن تتجمل بالصبر. أما كلماتي إليك فليست سوى استقاءات من صلب المزاج الشعبي العام الذي تَخَلّق على مر فعاليات الهبة الاحتجاجية (الفتنوية ) حسب تقديرك . لا بأس بداية من حصة إنعاش للذاكرة نخوضها معا لنسترجع ماضي (الفتنة) القريب الذي كان يسكنك و أنت مدير تحرير لجريدة التجديد ساعة كانت تشن الحرب تلو الأخرى على (الاختيارات الحكومية الماضية في تفويت القطاعات الحيوية و المؤسسات العمومية, لصالح كيانات مالية أخطبوطية أجنبية) . ثم لنطالع معا حجم الأعمدة التي حررت في شأن ذلك ,و تحديدا تلك التي حررها مراسلوكم بمكاتب الشمال حول انتهاكات الشركة موضوع الاحتجاج "أمانديس". ربما نسيت الأمر, بل انك استبدلت الآن معجم خطابك السياسي حتى لم تعد دارجة به لغة كالتي ذكرت آنفا. سيدي رئيس الحكومة المكلف. أواصل و إياك لعبة إنعاش الذاكرة ; لأعود بك لأيام كانت تنشط فيها كثير من جمعيات حزبكم تحت مظلة النسيج الجمعوي المحلي المناهض لتجاوزات هذه الشركة. ثم لأعود بك سريعا عبر المحطات الانتخابية الثلاثة قبل تكليفكم برئاسة الحكومة. فنستعرض معا باقة الخطابات التحريضية الهوجاء من جانب مرشحيكم في حق هذه الشركة ,إلى الحد الذي بوأكم مركز المدافع الصلب عن مصالح الساكنة يومها . لكن ماضيكم (الفتنوي) هذا لم يكن في واقع الأمر سوى استعراضات بهلوانية لا تلبث أن تغيب مع الريح. أما الساكنة التي لم تروا فيها سوى رافعة انتخابية فعالة فقد ارتقت صعودا نحو مرحلة الفعل الشعبي الناجز و العميق دونما حاجة لأعمدتكم و لا خطبكم. ها أنتم هؤلاء تفوتون الموعد الشعبي الثاني مع ساكنة المدينة التي تصدقون وهم قيادتكم لها. أخلفتم الموعد الشعبي أيام الحراك بل و سفهتموه و هاجمتم مناضليه . و ها هو ذا الموعد الثاني يفوتكم فتسفهونه مجددا بعد أن هاجمتم كالعادة مناضليه ! بيد أن الشارع الطنجي لا يكترث لمن يخذله في لحظات الضيق و لا يلتفت لمناشداته و تودداته كما لا يلتفت لإساءاته . و لك أن تقدر بميزان رجل السياسة حجم الخسارة التي تجنيها و حزبك من مواقف الخذلان هذه, و تلك عادة فيك أصيلة. سيدي رئيس الحكومة المكلف. يؤسفني أنك لم تلتقط اللحظة كما ينبغي . عدت بالأمس القريب من طنجة مَزْهواً بحفنة أصوات ;ثم لما بلغتك منها الشكوى ركنت لعجزك منتظرا التعليمات العليا ! ثم كانت التعليمات . و جئتنا دون مبادرة منك و لا عزم ,خائفا خجولا ضعيفا عن القوى قويا على الضعيف كعادتك . ربما نسيت أنك قد جعلت من شخصك خصما للشارع يوم تبجحك بالمسؤولية عن رفع تسعيرة الماء و الكهرباء متوهما أننا قبلناها منك و منتعشا بتصفيقات بلهاء لكتائبك الانتخابية. سيدي رئيس الحكومة المكلف. لا يليق بك أن تتلبس قناعين ;قناع الخصم و قناع الحكم . لا أحد يصدق أنك جئتنا لتلبي مطالب الساكنة ,بل انه تم ابتعاثك لتبحث عن مخرج للحاكمين و تحفظ مصالح أذرعهم المالية بحزمة إجراءات مضحكة ترجو بها انفضاض الشارع دون بلوغ المطلب الشعبي برحيل الشركة "السيادية". كما أنه لا أحد من الساكنة المنتفضة يتوقع أن ترشح عن طبختك نتائج مرضية. .لأن الرهان ينصب الآن على قوة الشارع و مغالبته السلمية .لذا ,فما عليك سوى أن تعود أدراجك و تدع الطنجيين و الشماليين-المقطوعين عنك بالتأكيد- ليعالجوا الأمر بحر إرادتهم . أما إذا كنت صادقا في مسعاك فما عليك سوى أن تصدر الأمر بمراجعة و تدقيق دفتر التحملات الذي على أساسه أبرم العقد ,بما يستغرق فترة العمل بالتفوبض كلها دون المراوغة بانتقاء حالات مجزوءة و التغطية بها على عقد و نيف من النهب المفوض. وقتها سوف لن تكون في حاجة لتوفير مبلغ الشرط الجزائي لأن التحقيق سيكشف عن اختلالات و تجاوزات و سرقات تغطي ذلك المبلغ و تقود المسؤولين عنها لأقبية السجون. السيد رئيس الحكومة المكلف . نعفيك من معاركنا شفقة عليك و حرصا على جهودك القتالية التي ستحتاجها بالتأكيد في "حروب الاسترداد" مع أخنوش و سيطايل و العرايشي و العماري. أما أمانديس فنحن لها. و السلام.