في إطار الاهتمام بالخلف الثقافي والفني بالخصوص وصناعة نساء ورجال الغد، لم تقتصر الدورة الحالية من موسم أصيلة الثقافي الدولي (15-28 يوليوز) على تنظيم مرسم لأطفال الموسم، بل تعدته على العادة إلى تنظيم مشغل الكتابة وإبداع الطفل. هكذا يجد أطفال المدينة، من أعمار متفاوتة، أنفسهم في صلب العملية الإبداعية يمنحونها شغفهم وشغبهم الجميل، ويحملونها براءتهم وعفويتهم، تحت أنظار مختصين لا يعلمون بقدر ما يتعلمون من براعم تتفتح، وتنمو وتعد بربيع إبداعي كبير في مجالي التشكيل والكتابة في القادم من الأيام. وفي مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، زينت الجدران برسومات تحبس الأنفاس لأطفال في عمر الزهور، تركوا لأحاسيسهم البريئة ولموهبتهم الفطرية أن تقودهم نحو رسم إبداعات ساذجة وجميلة، تؤكد بالملموس مقولة أن الفنان طفل كبير، إذ أن الحفاظ على عفوية الطفل وحماسه هو جوهر العملية الإبداعية برمتها. وتحت إشراف كوثر الشريكي من المغرب وعلي حسن ميرزا من البحرين، يتوزع الأطفال على المراسم وعلى شوارع المدينة لرسم جداريات مشتركة ما تمنحهم ثقة في الذات وتنمي ذوقهم الفني وتخرج من دواخلهم كنوزا فنية رائعة. وفي هذا الصدد، يقول الناقد الفني فريد الزاهي، في تقديمه ل"مشغل كتابة وإبداع الطفل" لهذا الموسم، الذي يحتضنه قصر الثقافة من 15 إلى 26 يوليوز، "إن مشاغل أطفال المرسم التي تنظم ضمن موسم أصيلة الثقافي الدولي منذ بداياته "تنظم إيقاع أنشطة المدينة وتتجاوز موسم الصيف لتمتد على طول السنة". ويضيف فريد الزاهي أن هذه المشاغل "مختبر يصنع فناني الغد، ولا أدل على ذلك من أن أغلب الفنانين الشباب الزيلاشيين مروا بها في صباهم"، وأن "منها أمسك صغار المدينة لأول مرة بالريشة ورسموا أولى لوحاتهم، وبعضهم صاروا فنانين مؤطرين لهذه الأوراش في ما بعد". ورش آخر لا يقل أهمية، يوليه موسم أصيلة الثقافي الدولي من الاهتمام الشيء الكثير أيضا، هو مشغل كتابة وإبداع الطفل، الذي يؤطره هذه السنة الشاعر أحمد العمراوي بمكتبة الأمير بندر بن سلطان بالمدينة من 24 إلى 27 يوليوز الجاري. وتقول الشاعرة إكرام عبدي، في تقديم "مشغل كتابة وإبداع الطفل" إنه "أصبح من الصعب الحديث الآن عن كتابة إبداعية منفصلة عن بعضها، اعتبارا لكون ما يسعى له كل كائن الآن هو تنمية كل الذكاءات، وخاصة اللفظي اللغوي، والبصري المكاني المرتبط بمجالنا هنا". وتساءلت الشاعرة المغربية "أليست هذه تربية أخرى علينا بثها في مدارسنا عبر الورشات والمخترفات والمشاغل الفنية"، وخلصت إلى القول "إن هذا ما نطمح إليه في مشغل الكتابة وإبداع الطفل في موسم أصيلة الثقافي الدولي الثامن والثلاثين". تتحول أصيلة إذن كل سنة إلى مشتل ضخم لزراعة الجمال والتواصل وتعهد البراءة واستخلاص رحيق الإبداع من وجدان الطفولة، كي ترفد المجال الفني مستقبلا بفنانين جدد استفادوا من كونهم عاشوا لسنوات في إقامة فنية رحبة بعرض المدينة الهادئة وطولها، وبسعة بحرها وأفقها اللامتناهي. يشار إلى أن الدورة 38 لموسم أصيلة الثقافي الدولي، التي تنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تتضمن، بالخصوص، العديد من الندوات الفكرية والثقافية وتكريم الشاعر محمد بنيس، ومنح جائزة محمد زفزاف للرواية للأديب التونسي حسونة المصباحي، فضلا عن معارض للفنون التشكيلية والحلي والمنحوتات. * و م ع