بقلم: رشيد عوبدة طالما نظرت البورجوازية إلى الكادحين على أنهم مجرد أدوات لاغتنائهم، لهذا – وبالرجوع إلى أصول تشكل التنظيمات – ابتدعت الدولة واتخذت وسيلة للسيطرة على عليهم وجعلت منهم مجرد مصادر تمويل عن طريق الضرائب، ومجرد جيوش وشرطة للدفاع عن مجال نفوذهم وضمان أمنهم، بل انهم أصبحوا مع تنامي جشعهم مجرد أدوات استهلاكية لمنتوجاتهم، وحينما يشارف هؤلاء الكادحين على مغادرة هذه الحياة وتقل مردوديتهم ويرتفع منسوب استهلاكم دون انتاجية فانهم يصيرون مصدر عبء يجثم على مصالح البورجوازية لهذا يبدأ هؤلاء (اي البورجوازية) في استعجال موتهم (اي موت الكادحين) … وطبعا مصطلح "الكادحين" خال من كل حمولة ايديولوجية مادام القصد من وراء توظيفه الاشارة الى الفئة الاجتماعية التي تمللك قوة "الكدح" المرتبط بالمجهود العضلي/البدني في مقابل البورجوازية التي توظف هنا كقوة اجتماعية الاقتصاد مصدر قوتها. الوزير المغربي "مبديع" سبق أن صرح ذات لقاء بأنه يرى في أزمة التقاعد أزمة طول أمد حياة الكادحين وليست أزمة اختلاس و سوء تدبير … وهو تصريح و إن كان يبدو للبعض وَقِحا و يتنافى و شعارات "الكرامة/العدالة/حقوق الانسان/الانصاف/المساواة) إلا أنه من وجهة نظر خالية من كل انفعال يعتبر بَوْحاً بعمق الجدلية التي تربط فئات المجتمع المتعارضة (بورجوازية#كادحين) بنمط الوعي الذي تمتلكه كل فئة اجتماعية. الإنصاف يصبح مجرد حلم طوباوي ما لم تسير الدولة من قبل الفئة التي تشكل الأغلبية داخل المجتمع، والتي يعتبر الكادحون وقودها، لكن ما يتم رصده عَيَاناً هو تنامي ظاهرة البَرْجَزَة على المستوى "الاستيهامي" (لا الواقعي) فليس كل من اقنى حذاء ولمعه، ولبس رابطة عنق، وتخلص من عرقه النتن بالاستحمام المتكرر كل يوم، ودأب على تدخين سيجارة من النوع "الرفيع"(اضعها بين مزدوجتين) و اختلس مالا عاما ووزعه على أفراد سرته، و اعتلى صهوة اي تنظيم حزبي او نقابي او مدني ليَسُبَّ الرِّيعَ وهو "في الان نفسه، يَقْتَاتُ منه… … فليس كل من توفرت فيه هذه الصفات يمكن وصفه ب"البورجوازي"، بل يسمى "انتحارا طبقيا" على حذ التعبير الماركسي، و هذا التقمص يزيد من أمد حياة سيطرة البورجوازية و يقلص من الحضور النوعي للفئات الكادحة التي تبني الوطن بتضحياتها، ولأن البقاء للأقوى فاستمرارية نفوذ البورجوازية مرده إلى قوة ذكائها ودهائها، ومرد ضعف الكادحين هو أنهم "غثاء كغثاء السيل" عواطفهم مستلبة وعقولهم معطلة وجموحهم غير مؤطر، ولو استحال (من تحول) وضعهم نحو تطوير ذكائهم ووعيهم السياسي لما صار وضعهم محتقرا كما هو الآن.