من يراقب الحارس الرقيب؟ من يضمن أن الصحافة سوف تخضع للمساءلة؟ في بعض البلدان، يكون الجواب هو أنها هي الحكومة التي تقوم بذلك. فالقوانين، والأنظمة، والقواعد تحدد بالتفصيل التصرف المطلوب من مؤسسات الأنباء. في هذه البلدان، كثيراً ما تعتمد حقوق الصحفي على تنفيذ المسؤوليات. ولكن الصعوبة تكمن في أن تعريف الحكومة للمسؤولية قد يختلف بدرجة كبيرة عن تعريفها للصحافة بالتحديد، أو حتى عامة الناس. وفي بلدان أخرى يكون الجواب هو الإعلام نفسه، وقراؤه ومشاهدوه هم من يقومون بذلك. وفي بعض أنحاء العالم، تلتزم وكالات الأنباء أو الصحفيون الأفراد بقواعد أخلاقية للسلوك، كالذي يعتمده الاتحاد القومي للصحفيين في المملكة المتحدة. وتفرض بلدان أخرى المعايير الأخلاقية كمسألة قانونية. ففي الولاياتالمتحدة، تبنت وكالات الأنباء بمفردها إرشادات أخلاقية خاصة بها. كما تحدد عادة هذه القواعد التنظيمية أو الإرشادات قواعد المؤسسة التي تحكم النزاعات المالية أو غيرها من تضارب المصالح. فمثلاً، قد تحظر الإرشادات الأخلاقية على مراسلة ما تغطية أخبار شركة يعمل فيها زوجها. أو قد تمنع مراسلاً من المشاركة في مسيرة احتجاجية، أو في وضع ملصق سياسي على مصد سيارته أو لافتة في الحديقة الأمامية لبيته، أو حتى وضع شارة العلم الوطني على صدرها خلال قيامها ببث تقرير إخباري. أو قد تمنع الإرشادات مراسلاً من قبول حتى هدية بسيطة من مصدر إخباري. المقصود من الإرشادات المحافظة على كل من الحقيقة ومظهر الاستقلال الصحفي. قد يبدو من غير الضروري أن تتناول الإرشادات الأخلاقية ضرورة توخي الدقة والإبلاغ عن الحقيقة. ولكن بعد أن لفق أو سرق صحافيون من أمثال جيسون بلير من صحيفة نيويورك تايمز قصصاً إخبارية وقدموها إلى رؤساء التحرير في صحفهم، راجعت منظمات عديدة إرشاداتها الأخلاقية لتوضح أن أية ممارسة من هذا النوع لا يمكن قبولها أو التغاضي عنها من جانب أي مسؤول في وكالة أنباء ما. تتقاطع أحياناًً المبادئ الأخلاقية مع القوانين. فعلى سبيل المثال، في أيرلندا الشمالية، واجهت المحررة سوزان برين في مكتب بلفاست التابع لصحيفة سانداي تريبيون الصادرة في دبلن، مأزقاً قانونياً وأخلاقياً. فقد اتصل بها شخص ادعى مسؤوليته عن قتل جنديين في ثكنة ماسيرين في أنتريم، حيث طالبتها الشرطة بأن تسلم هاتفها الخليوي، وتسجيلات الكمبيوتر، وملاحظاتها حول اتصالاتها بمنظمة جيش التحرير الأيرلندي الحقيقي المسلحة. قاومت برين الإذعان لطلب الشرطة مؤكدة على أنها إذا فعلت ذلك فقد تنتهك واجبها المهني في حماية سرية مصادرها. كما اعترفت بصراحة أن التزامها بطلبات مسؤولي فرض تطبيق القانون قد يعرض حياتها وحياة أفراد عائلتها للخطر. ولكنها في حال رفضت الإذعان للأمر، فإن برين سوف تواجه احتمال أن يزج بها في السجن لمدة تصل إلى خمس سنوات بتهمة عدم احترام أوامر الشرطة. وفي يونيو 2009 حكم قاضٍ في بلفاست بأن إجبار برين على تسليم المواد الإخبارية التي جمعتها قد يعرض حياتها للخطر الأمر الذي ينتهك أحكام المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان. بالمقابل، وفي الولاياتالمتحدة رفضت المراسلة جوديت ميلر من صحيفة نيويورك تايمز التعاون في تحقيق جنائي يجري لمحاولة تحديد هوية مسؤول حكومي كان قد كشف عن هوية عميلة سرية في أجهزة الاستخبارات. تحدّت ميلر أوامر المحكمة للإدلاء بشهادتها، حتى بعد إصدار أحكام قضائية تنص على أن الصحفيين لا يملكون أي امتياز خاص يخولهم الامتناع عن الكشف عن المصادر السرية. وأمضت 85 يوماً في السجن عام 2005. دخل بعض القضاة وأفراد من عامة الشعب في جدال يقول إنه لا يمكن للصحفيين أبداً أن يعتبروا أنفسهم فوق القانون. ولكن السياسات الأخلاقية لمعظم المؤسسات الإخبارية قد تطالب المراسل بالالتزام بالوعد الذي قطعه لمصدر أنباء حتى ولو أدى ذلك إلى إيداعه السجن. قد تختلف الأحكام القانونية والأخلاقية من بلد إلى آخر. وقد يختلف الأشخاص المتعقّلون، وحتى الصحفيون أنفسهم، حول كيفية تطبيق هذه الأحكام في قضية معينة، وما إذا كانت تحقق التوازن الصحيح بين المصالح الاجتماعية المتنافسة.