الوضع الخطير بالمحيط المدرسي الذي كشفه تقرير أمني يدق ناقوس الخطر، وينبه، ليس الحكومة فحسب، ولكن المجتمع المدني برمته وخاصة جمعيات آباء وأولياء التلاميذ وكل الفاعلين السياسيين والتربويين، إلى أن مستقبل المدرسة المغربية مهدد ليس فقط بنسب الهدر المدرسي الذي يغذي صفوف البطاليين والمشردين والأميين في الشوارع، بل بشبكات ترويج المخدرات التي تقصد إلى استهداف الوسط المدرسي لتأمين ''زبنائها'' على المدى البعيد. ولا يقتصر مشكل انتشار المخدرات في المحيط المدرسي على النتائج الصحية والاجتماعية الناتجة عن استهلاك المخدرات من طرف التلاميذ فحسب بل يتعداه إلى أمر أخطر يتعلق بكون شبكات المخدرات تجتهد في إسقاط التلميذات في أعمال الدعارة بعد سقوطهن في الإدمان على المخدرات وتقديمهن لسماسرة السياحة الجنسية والفاعلين في الدعارة المتخصصة في القاصرات. إن نتائج التقرير الأمني تفرض فتح نقاش عمومي يدمج كل الفاعلين للخروج باستراتيجية مجتمعية تنقذ المدرسة المغربية من شباك الدعارة والمخدرات. فقد تمكنت المصالح التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني مندمعالجة 1016 قضية تتعلق بترويج المخدرات في محيط المؤسسات التعليمية خلال الستة أشهر الأولى من السنة الجارية 2010 ، قدم بموجبها أمام القضاء 1122 مشتبها به، كما أعلنت المصالح ذاتها عن حجز على إثرها 35 كلغراما و762 غراما من مخدر الشيرا، و22 كلغرام و393 غرام من مخدر الكيف الممزوج بطابا، و14 كلغراما و501 غرام من مادة المعجون، و1239 قرصا طبيا مخدرا، و97 غراما من مخدر الكوكايين، و18 غرام من الهيروين حسب إحصائيات رسمية لوزارة الداخلية . واستطاعت نفس المصالح من توقيف 1239 شخصا من أجل جرائم مختلفة تتنوع بين الضرب والجرح المفضي إلى الموت(شخص واحد)، والسرقات تحت التهديد (41 شخصا)، و السرقة بالعنف (36 شخصا)، والسرقة بالخطف(24 شخصا)، والاختطاف والاغتصاب (9 أشخاص)، و التحريض على الفساد (9 أشخاص). وفي تعليق لها، أكدت نبيلة منيب، رئيسة جمعية ضحايا إدمان المخدرات أن عدد مروجي المخدرات بجنبات المؤسسات التعليمية أكثر بكثير من الرقم المعلن عنه من طرف الجهات الأمنية التي تعمل مشكورة في هذا المجال، موضحة أن تفشي الاتجار في كل أنواع المخدرات بالمحيط المدرسي صار يستدعي مساعدة المواطنين لرجال الأمن من خلال الإخبار عن الأحداث الإجرامية المتعلقة ببيع واستهلاك المخدرات بمحيط المؤسسات التعليمية. من جهة أخرى شددت منيب على ضرورة نهج الدولة لاستراتيجيات ومخططات دقيقة وقوية بمساعدة المواطنين بالدرجة الأولى للتحسيس والتوعية في صفوف الجيل الصاعد للحد من تعاطيهم للمخدرات، والعمل على ردع تجار المخدرات من خلال تقديمهم للقضاء والحكم بعقوبات رادعة للحلول دون حالات العود. وفي السياق ذاته، أكدت منيب على ضرورة أن تلتفت الدولة إلى الأشخاص ضحايا إدمان المخدرات، الذين لديهم الرغبة في الإقلاع عنها-وهم كثيرون-، بتوفير أجنحة خاصة لمعالجتهم بالمستشفيات العامة بشكل مجاني أو تفضيلي، مشيرة إلى أن مراكز علاج الإدمان مكلفة جدا (400 إلى 500 درهم يوميا تقريبا)، ناهيك عن تكلفة الأدوية وهو ما يتطلب مجهودا من الدولة بفتح باب المجانية والبحث عن المحسنين للمساهمة في شراء الأدوية المعالجة. هذا وتشهد عدد من المؤسسات التعليمية وفي محيطها نشاطا مكثفا لمروجي السجائر في أوساط التلاميذ، وكان من نتائج عدم الحزم في محاربة الظاهرة تجرؤ مروجي المخدرات على استدراج التلاميذ بترويج عقاقير مخدرة على شكل حلوى وكيك للتلاميذ، للانتقال إلى استهلاك مخدرات صلبة، مثل الكوكايين والهروين وغيرها، نهاية باستغلال الفتيات ضحايا الإدمان في الدعارة.