...................................................................... منذ انغماسه في لجج السياسة، والسيد فؤاد عالي الهمة يقف دائما فوق أرنبة أنفي كما يقال.. لا أرى في مشروعه السياسي فائدة للوطن ولا للمواطنين.. بل صنفته ولا أزال أصنفه في خانة "الحضرة خارج السرب"•• وحتى عندما حاول تجميع عدد من الأحزاب الصغيرة تحت يافطة عقلنة المشهد السياسي المغربي، كنت ولا أزال -وربما قد يكون هذا عيبي- على يقين تام بأن مسعاه سوف يفشل، وأن عملية الاندماج التي طبلت لها أبواقه إعلاميا بشكل ملفت للانتباه، سوف تعتريها الشيخوخة قبل الأوان، وتتساقط تباعا كما تتساقط أوراق الخريف ..! غير أني، وبارتباط مع المتغيرات التي طرأت على حزب الأصالة والمعاصرة، وما رافقها من انقلابات وانفلاتات ذات رمزية عالية، أوصلت السيد فؤاد عالي الهمة إلى ردهة المحاكم.. وبعد أن تمكن نفر من حزب العهد القديم، إلى فك الاندماج الهمهمي وتأسيس حزب العهد الجديد.. بدأت أغير نظرتي حول مؤسس "حركة لكل الديمقراطيين" وعراب "الأصالة والمعاصرة"، الذي دخل السياسة واهما وسيخرج منها لا محالة واهما أيضا.. وهذا ما جعلني أنقب في سيرته المحدثة، عن مبررات موضوعية أتكأ عليها لأعلن للملأ أن ما فعله السيد عالي الهمة ليس كله خواء في خواء، وليس كله زبد.. بل فيه قليل مما ينفع الناس.. كيف ذلك؟ تقول العرب: "كل نقمة في طيها نعمة"، ولكن حتى لا يفهم الناس أن ولوج الهمة لعالم السياسة كان نقمة، نؤكد لهم أن المشكلة ليست كذلك، ولكنها على صلة بفلسفة "التهافت" و"تهافت التهافت".. رحم الله الغزالي وابن رشد.. فالنقمة كانت في الاندماج وتقويم اعوجاج باعوجاج بديل، استوطن قلوب ونفوس المتهافتين، مما حول الهمة من طامح في الزعامة السياسية إلى حارس حديقة عمومية، مفتوحة في وجه كل من هب ودب.. أما النعمة فهي من فضل الله ومكر التاريخ.. كيف ذلك..! إن فك الارتباط مع الهمة من طرف القادري والوزاني والعلمي وتأسيهم لأحزاب جديدة، أتبث مما لا يدعو مجالا للشك، أن هذا البلد ابتلاه الله بشلة من أشباه السياسيين، الذين لا يفقهون في علم السياسة شيئا، يميلون حيث تميل مصالحهم، ويسترزقون بالكذب على عباد الله الطيبين، سعيا وراء زعامة ليسوا أهلا لها.. فبالله عليكم من فرض على هؤلاء ركوب جرار الهمة؟ ومن ذا الذي أمرهم بالترجل منه وركوب ماركات مسجلة جديدة؟ تقول العرب أيضا: "ولرب ضارة نافعة"•• ونفع الهمة في كل ما جرى يكمن في إماطة اللثام عن واقع سياسي عليل.. ينطبق عليه المثل القائل: "لن يصلح العطار ما هدمه الدهر"•• مع التذكير أن عالي الهمة ليس عطارا.. بل وزير داخلية سابق..!