فتح الله أرسلان/ الناطق الرسمي لجماعة العدل والإحسان ل "المشعل" "" لسنا لقمة سائغة للهمة أكد فتح الله أرسلان الناطق باسم جماعة العدل والإحسان، أن إدعاءات عالي الهمة بخصوص استفادته من أصوات الجماعة خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، مشيرا في ذات الوقت أن خروج الهمة من القصر إلى الشارع ليس طبيعيا، إنما تُحركه هواجس ما تزال لحد الساعة خفية، إلا أنها مهما كانت فإنها لن تؤثر في شيء على الاتجاهات الإسلامية بالمغرب، لأن هذه الأخيرة ليست لقمة سائغة قد يلتهمها أيٌّ كان. - صرح عالي الهمة بأنه استفاد من أصوات جماعة العدل والإحسان بدائرة الرحامنة خلال المحطة التشريعية الأخيرة، كيف تردون على ذلك؟ + لا أعتقد أن جماعة العدل والإحسان بحاجة إلى أن تنفي هذا التصريح، خاصة وأن موقفها من المسلسل الانتخابي جملة وتفصيلا، معروف ولا حاجة للوك الكلام بخصوصه، فنحن لم نشارك في هذه الانتخابات، وقد أعلنا ذلك مسبقا، لإيماننا بأنه ليست هناك أي جدوى من العملية الانتخابية برمتها، لذلك لا يمكن أن يكون هذا رأينا في المسلسل الانتخابي بصفة عامة، وأن ندعم طرفا، أيا كان، خصوصا إذا كان هذا الطرف يدعي أننا دعمناه في المحطة الانتخابية الأخيرة بدائرة الرحامنة، من بين مهندسي الهجمة الشرسة التي شنتها الدولة على جماعة العدل والإحسان طيلة أزيد من سنة، لذلك فإنه من غير الطبيعي أن يحصل ما ادعاه عالي الهمة بخصوص دعم جماعتنا له، سواء في الانتخابات أو في غيرها من المستويات الأخرى. - هل يريد عالي الهمة من خلال تصريحاته تلك، استغلال ترويجه، لدعم جماعة العدل والإحسان له، فيما يشاع بخصوص تأسيس حزبه المرتقب؟ + للهمة الحق في أن يخطط ما يشاء وكيفما شاء، وأن يرتب أوراقه حسب شهيته، لكن الرأي العام والمتتبعين لما يجري في البلاد بصفة عامة، يعلمون أن جماعة العدل والإحسان ليست وسيلة سهلة قد يستعملها هذا الطرف أو ذاك لتحقيق مشاريعه، سواء تعلق الأمر بالهمة أو غيره، وللتذكير فقط إنه تمت محاولات في هذا الباب قبل فترة، من طرف مجموعة من الجهات من أجل استقطاب عناصر العدل والإحسان لمثل هذه الغايات، لكنها لم تتمكن من تحقيق أية نتائج تذكر، مما يعني أن جماعة العدل والإحسان محصنة بما يكفي، أو بما يضمن عدم استغلالها من طرف أية جهة كانت.. فرغم المحاولات والمراوغات التي لجأ إليها البعض إلا أنها باءت بالفشل وكانت دون جدوى. - يقال بأن عالي الهمة خرج من القصر إلى الشارع في مهمة رسمية، تتلخص في تقليم أظافر التنظيمات الإسلامية وتلطيف الأجواء بين النظام السياسي وفعاليات المجتمع المدني، كيف تقرأون ذلك؟ + كل ما يروج يدخل في باب التخمينات طالما أننا لا نتوفر على معطيات مادية للتأكد من صحتها من عدمها، المسألة الأساسية التي يجب التطرق لها بكل ثقة، هي أن الهمة لم يخرج من المسؤولية الوزارية بشكل عادي وطبيعي، لابد أن ثمة أمور خفية وراء هذا الفعل، وطالما أننا لا نعرفها يبقى من الصعب أن نحدد بالضبط المهمة التي أسندت للهمة خارج مسؤوليته الأولى، لذلك يبقى المجال مفتوحا على مجموعة من الاحتمالات، غير أنه يجب ألا تذهب بنا الاحتمالات إلى تصور أشياء بعيدة عن الواقع، أو صعبة التحقيق، خصوصا عندما تطرح مسألة استيعاب الاتجاهات الإسلامية وما شابه ذلك، فهذا الأمر في نظري أبعد ما يكون على التحقيق، سواء كان الهمة من كلف به أو غيره، لكن هذا لا يعني أن المحاولات في هذه الاتجاهات منعدمة، على العكس من ذلك إنها متواصلة بشكل كبير جدا، غير أن نجاحها هو مربط الفرس، وهذا ما لا يمكن التوصل فيه إلى نتائج إيجابية. مهمة فؤاد عالي الهمة في نظر هؤلاء قامت أسبوعية "المشعل" باستطلاع رأي مجموعة من الفعاليات في مجالات مختلفة حول النقطة التالية: "يبدو أن فؤاد عالي الهمة تخلى عن موقعه تبعا لصفقة بينه وبين الملك، مفادها تأسيس جبهة سياسية بالمغرب لقطع الطريق على الإسلاميين، وإنشاء مؤسسة إعلامية كبيرة لضمان نصيبه في التأثير على الرأي العام وتحقيق امتداد في المجتمع المدني". فكانت الحصيلة الجزئية (باعتبار أن الكثيرين لم يلتزموا بالإجابة في الوقت المحدد) كالتالي: يحيى اليحياوي/ باحث ومؤلف إذا تحكم الهمة في كل شيء سيصبح المغرب لا يطاق أنا لست متأكدا من أنه كانت هناك صفقة من نوع ما، بين عالي الهمة والملك. الصفقة تفترض طرفين على مستوى معين من موازين القوة، وهو ما لا مجال لاستحضاره في هذه الحالة، لأن الملكية بالمغرب لا تتعامل على أساس مبدأ الصفقات، بل تعمد إلى ترتيب الأمور، والبحث فيما بعد، عن المنفذين، أشخاصا كانوا أم أحزابا أو ما سواهم. وهي هنا غير عجلة من أمرها. بالتالي، فأنا أتصور أن ذهاب عالي الهمة من الداخلية (أقول ذهاب وليس إقالة أو استقالة) إنما يدخل في سياق الترتيب لمرحلة قادمة، لا شك قد نختلف حول توصيفاتها ومداها الزمني وبنيتها النهائية، لكننا لا يمكن أن نختلف حول كونها آتية لا محالة، وقد بدأت بعض ملامحها تظهر من خلال التحاق الشخص بحزب مهترئ، كاد القائمون عليه حلّه في أعقاب انتكاستهم بعد انتخابات السابع من شتنبر الماضي. وأتصور أيضا أن ترتيبات من هذا القبيل ليست جديدة في تاريخ المغرب الحديث، فقد تم تجريب الترتيب ذاته حينما استنبتت أحزاب هجينة (بزعامة رضا كديرة، أحمد عصمان، ثم المعطي بوعبيد، وغيرهم)، منحت لها الأغلبية قسرا بالانتخابات، ودفع بها لتنفذ سياسات مبنية على ترتيبات كانت قائمة. ليس لعالي الهمة مشروع سياسي، فهو ذاته يعترف بأن مشروعه هو مشروع الملك، ولن يعمل سوى على ترجمته على أرض الواقع، بأدوات ربما قد تكون متجددة بالقياس إلى أدوات أحزاب مهترئة، متهالكة، غير ذات نجاعة، ولا تشتغل بنفس وتيرة الملك. أما القول بأنه يعتزم قطع الطريق على الإسلاميين وعلى الصحافة المستقلة، فلا أعتقد بذلك، اللهم إلا إذا كان المراد الإجهاز على ما بقي من حراك سياسي، وفرض نموذج أحادي في التفكير والفعل والحركة. أنا أزعم أن الحركة الإسلامية بالمغرب في معظمها معتدلة، ولا تنافس القصر، أو تزايد عليه في الصلاحيات. على العكس، فهي تعترف له بالفضل في صون قضايا الدين والدنيا. بالتالي فلا خطر يمكن أن يأتي منها، سيما وأنها تراهن على العمل جنبا إلى جنب مع الملك، ولا ترفع مطالب مزعجة، دعك من بعض التنظيمات التي لا تزال تزايد باسم الدين، أو تتبنى المواجهة المباشرة مع النظام. بهذه الحالة، النظام يستخدم معها العصا من أجل التطويع. بالمقابل، إذا كان بإمكان عالي الهمة أن يؤسس مجموعة إعلامية (ولن تنقصه السبل في هذا الباب)، فهو لا يستطيع إلغاء مد، ما أسميته في سؤالك، بالصحافة المستقلة، اللهم إلا إذا كان الترتيب القائم يستهدف إعدامها جملة وتفصيلا، وتعويضها ب"الصحافة الإدارية". العمل السياسي يفترض حدا أدنى من التناقض الطبيعي بين الأفراد والجماعات، وإلا فإنها النمطية في أعلى مراتبها. والعمل الصحفي أيضا يشترط حدا أدنى من الرأي والرأي المضاد والتدافع، وإلا فسيساق الناس كالبهائم، فنعيد من هنا إنتاج منظومات التهليل للرأي الواحد، ونقتل الحاجة إلى السياسة والصحافة. إذا كان الغرض مما سيعمل عالي الهمة على تنفيذه هو تبخيس العمل السياسي، عبر الدفع بمبدأ أن لا برنامج يعلو فرق برنامج "حزبه"، وألا صحافة تعلو فوق صحافته، فسيضيق بنا العيش حقيقة بهذا البلد، بدرجات قد لا تطاق. أما عن قدرة الشخص على اختراق منظمات "المجتمع المدني"، فأظن أن ذلك ممكن، سيما والرجل ذو حظوة كبيرة لدى رئيس الدولة. هذه المنظمات في معظمها أصلا، ضعيفة للغاية وسهلة الاستقطاب، خصوصا وأنها تبحث لها عن موطئ قدم في زمن، الكل يتسابق فيه على غنيمة السلطة والثروة، والقرب من مركز القرار. أنظر كيف كان جزاء "فنانة من المجتمع المدني" عاشت في فلك إحدى تنظيمات "اليسار"، فباتت وزيرة دون انتماء سياسي، بعد زيارة قصيرة لصخور الرحامنة. مخطئ من يراهن على أناس من هذه الطينة، لبناء مقومات مجتمع مدني لا تغريه المناصب، أو يعتريه النفاق من بين يديه ومن خلفه. محمد الحنفي/ فاعل حقوقي وجمعوي (أحد أبناء بن جرير): الهمة مجرد خادم لا يملك حق عقد الصفقة في البداية، لابد أن نؤكد أن فؤاد عالي الهمة ليس إلا أداة كباقي الأدوات المخزنية، التي تعدها المؤسسة المخزنية، للقيام بدور معين، وأن هذا الدور لا يتجاوز ما يتم التخطيط له لضمان استمرار الدور المخزني في هذه البلاد، باعتبار أن ذلك الدور ضروري لخدمة مصالح الطبقة الحاكمة، التي يعتبر فؤاد عالي الهمة جزءا لا يتجزأ منها. كما نؤكد أنه لا يوجد شيء اسمه الصفقة بين الملك وفؤاد عالي الهمة، الذي لا يتجاوز كونه خادما للملك وللمؤسسة الملكية؛ لأن الصفقة تتم بين شخصين متجانسين على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والسياسية. وما دام فؤاد عالي الهمة مجرد خادم، فإنه لا يملك حق عقد الصفقة، بقدر ما يتلقى التوجيه الذي يعمل على أجرأته، انطلاقا من توظيف آليات معينة. وبناء على ذلك، فإن ما قام به فؤاد عالي الهمة مؤخرا، ليس إلا التزاما بتنفيذ التوجيه الذي تلقاه من الملك. إن إقدام فؤاد عالي الهمة على تأسيس حزب كبير، لقطع الطريق على الإسلاميين، وعلى كل الأحزاب الوطنية، والديمقراطية، واليسارية، يبقى أمرا واردا، ويدخل في سياق إعادة إنتاج نفس الهياكل السياسية، التي تقف وراءها المؤسسة المخزنية، وأجهزتها الإدارية، كما حصل في انتخابات 1976 – 1977 على يد أحمد عصمان، الذي وقفت المؤسسة المخزنية، وأجهزتها الإدارية المخزنية، وراء إعداد الأعضاء المؤسسين لحزبه، وإقدامه على إنشاء مؤسسة إعلامية كبيرة، فإن ذلك سيكون، ولا شك، على حساب نهب المال العام، بالإضافة إلى اكتتاب أموال طائلة من التحالف البورجوازي الإقطاعي، من أجل الإيغال في تضليل الجماهير الشعبية الكادحة، عن طريق الإعلام الذي لا يتجاوز أن يكون معبرا عن وجهة نظر ذلك التحالف، وفي خدمة المؤسسة المخزنية، والرأسمالية العالمية المتجسدة، بالخصوص، في عولمة اقتصاد السوق. وكون فؤاد عالي الهمة يهدف إلى قطع الطريق على الإسلاميين، فإن وجود الإسلاميين، كإفراز لواقع مترد، ليس رهينا بإرادة شخص، أو بإرادة فريق بكامله من البشر، بقدر ما هو رهين بالشروط القائمة في الواقع المحكوم بالاختيارات الرأسمالية التبعية، اللا ديمقراطية واللا شعبية، التي تلحق الكثير من الأذى بالجماهير الشعبية الكادحة، وهذه الاختيارات المذكورة، هي نفسها التي وقفت وراء إفراز فؤاد عالي الهمة، ومن على شاكلته، ممن ساهموا بشكل كبير في تزييف إرادة الشعب المغربي. ولذلك فحزبه المنتظر، والكبير، لا يمكن أن يقطع الطريق على الإسلاميين، إلا اذا اعتمد نفس الإيديولوجية القائمة على أساس أدلجة الدين، وإذا اختار نفس المسار، فإنه سوف يتحول بطريقة غير مباشرة إلى حزب إسلامي ممخزن. أما قطعه الطريق على الصحافة المستقلة، فإن ذلك لا يعني سوى السعي وراء مضايقة الأصوات الحرة، ولكن هذه المرة عن طريق إعلام الحزب الكبير، الذي سوف يكون إعلاما هجوميا، على كل ما هو متحرر، وتنويري، ومن أجل إيجاد مجال إعلامي، لا وجود فيه لشيء اسمه الرأي المختلف جملة وتفصيلا، ليصير الرأي الواحد والوحيد، هو السائد، وعن طريق تسييد إعلام حزب فؤاد عالي الهمة الكبير، الذي سوف لا يختلف عن إعلام المؤسسة المخزنية، كما يتبين ذلك من خلال ممارسة عالي الهمة السياسية، والإعلامية المحدودة، التي أنجزها خلال حملته الانتخابية. والخلاصة إننا أمام إعادة عملية قيصرية لإنتاج الأحزاب الإدارية، ولكن هذه المرة باسم الحداثة، والتطور، والرغبة في التنمية، التي تحولت الى مجرد تنظيم "السعاية"، وبإشراف فؤاد عالي الهمة، وتنفيذ مرتزقته المهرولين نحوه، من أجل نيل رضاه. ففؤاد عالي الهمة إنتاج مخزني، وأداة في خدمة المؤسسة المخزنية. فهل يمكن أن يكون فؤاد عالي الهمة غير ذلك؟ أديب عبد السلام/ محلل اقتصادي الهمة رجل مستبد أعتقد أن فؤاد عالي الهمة الذي يرضع من "بزولة المخزن" ويتغذى من اسقاطاتها، ينتمي لنفس مدرسة رضا كديرة مؤسس جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية FDIC، والذي كان حريصا على تكريس بنود دستور 1962 الممنوح، على حساب رغبات الجماهير الشعبية آنذاك في بناء نظام برلماني ديموقراطي عبر دستور ديموقراطي صياغة ومضمونا. فؤاد عالي الهمة حر في أن يؤسس ما يشاء من الأحزاب وفي خلق المؤسسات الإعلامية التي يريد، لكنه سيبقى أحد خدام المخزن الأوفياء، وممارساته في إطار وزارة الداخلية وكذا تصريحاته الصحافية تفصح عن النزعة الاستبدادية التي يتشبع بها، وتؤكد أن توجهاته لن تخرج عن تكريس النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي القائم الذي رفضته الجماهير الشعبية بشكل واسع في انتخابات 7 شتنبر 2007. عبد الرحيم الوالي/ صحافي بوكالة الأنباء الدولية آي.بي.إس الرجل عديم الخبرة في العمل الحزبي ولا يتوفر على مواصفات القائد السياسي موضوع استقالة أو إقالة السيد فؤاد عالي الهمة من منصبه كوزير منتدب في الداخلية، أعطي له في تقديري حجم مبالغ فيه. و الآن، بعد أن سقطت كل القراءات التي راهنت على تنصيب الهمة وزيرا أول، هل يجوز أن نتكهن بأن الرجل سيقوم بتأسيس حزب لقطع الطريق على الإسلاميين ولخلق امتداد جماهيري وسط الأغلبية العازفة عن العمل الحزبي وعن الانتخابات؟ السؤال يستتبع سؤالا آخر بالضرورة: هل السيد عالي الهمة مؤهل فعلا للعب دور من هذا القبيل؟ وهل تعيد الدولة المغربية إنتاج أحزاب إدارية جديدة أو حزب إداري جديد؟ بل أكثر من ذلك، هل تعيد الدولة المغربية تجربة إعادة إنتاج ما كان يسمى ب"الحزب السري"؟ الجواب الأقرب إلى الواقع هو أن إعادة مثل هذه التجربة سينتج عنه انحراف العهد الجديد انحرافا كليا عن الصورة التي حاول ويحاول أن يرسمها عن نفسه. وهذا من شأنه أن يكون له أثر عكسي تماما، أي أنه سيقود إلى مزيد من فقدان الثقة في الأحزاب والمؤسسات، وبالتالي إلى مزيد من العزوف الحزبي والانتخابي. كما أنه حتى في حالة تأسيس هذا الحزب الجديد، ووجود صفقة من هذا القبيل بين الملك وزميل دراسته، فهذا لن يقود أبدا إلى قطع الطريق على الإسلاميين وإنما سيكون أكبر هدية تقدم لهم، إذ سيكون من السهل الاستناد إلى زيف عمل كهذا للطعن في مشروعية الأحزاب والمؤسسات، ودعوة الناس إلى صفوف الحركة الإسلامية، ولا سيما إلى تلك الفصائل التي لا تؤمن بالأحزاب ولا بالانتخابات ولا بغير ذلك وتكفر الجميع. وبالنتيجة سنصبح أمام مزيد من التطرف والعدمية بدل أن ينتج عن ذلك مزيد من الاعتدال والمشاركة في الحياة العامة. إضافة إلى كل هذه العوامل الموضوعية يبقى هناك عامل ذاتي يتعلق بشخص السيد فؤاد عالي الهمة نفسه. فالرجل عديم الخبرة في العمل الحزبي باستثناء ترشحه سابقا للانتخابات المحلية باسم حزب إداري معروف. ورغم أنه قد يكون برلمانيا ناجحا فهو لا يتوفر على مواصفات القائد السياسي الذي يمكن أن يلتف حوله الناس. وحتى الآن لا نعرف شيئا عن تصوراته في مجال السياسة ولا نعرف عنه أي اطلاع على الفكر السياسي ولا أي إيمان باتجاه سياسي معين، اللهم قربه من الملك الذي يبقى علاقة شخصية أكثر منها علاقة سياسية. لذلك فتصوري هو أن المهمة التي أسندت إلى السيد فؤاد عالي الهمة تتعلق أساسا بقضية الصحراء واحتمالات قيام حكم ذاتي في هذه المنطقة، مع احتمال توسيع حدودها جغرافياً لتشمل كل المناطق التي تستوطنها قبائل صحراوية بما فيها منطقة الرحامنة، التي يعرف الجميع أن القبائل التي استوطنتها تاريخيا هي قبائل صحراوية تعود أصولها إلى عرب بني معقل أساسا. فبهذا البعد تكون للسيد عالي الهمة بحكم أصوله الصحراوية كما يوحي بذلك إسمه العائلي بشكل واضح كل الحظوظ ليلعب دورا ما من داخل البرلمان، وعبر الدبلوماسية البرلمانية، لفائدة مشروع الحكم الذاتي بالمناطق الجنوبية. أما إذا ألغينا هذا الاحتمال الأخير وصدقنا تصريحات السيد عالي الهمة نفسه بعدم وجود أي أجندة سياسية وراء استقالته أو إقالته فيبقى، ببساطة، أن أمورا لا نعرفها حدثت بين القصر والسيد عالي الهمة أدت إلى إقالته من منصبه مع الإبقاء عليه في كرسي الاحتياط وتمتيعه بحصانة برلمانية حتى يظل دائما رهن إشارة الدولة في المستقبل. هند عروب (باحثة)