اعتبر فتح الله أرسلان، الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان، أن الخلاف بين خيار المشاركة الذي تنهجه حركة التوحيد والإصلاح وخيار الرفض والمقاطعة الذي تنهجه جماعة العدل والإحسان هو اختلاف في منطقين من العمل والتدافع، وأكد أرسلان الذي كان يتكلم في لقاء مصغر مع الصحافة ببيته في الرباط برفقة كل من عبد الواحد المتوكل وعمر أمكاسو، الزمن هو الكفيل وحده بأن يظهر من هو الخيار الأصوب للتدافع في المغرب. مشيرا إلى أن جماعة العدل والإحسان تشتغل باستمرار وهي ليست متوقفة.وأكد أرسلان رفض الجماعة المستمر الاستقواء بالخارج، وقال أرسلان عندنا ألف وألف فرصة للاستقواء بالخارج، لكن رفضنا ذلك، وشدد القيادي في الجماعة على مبادئها الثلاث المعروفة لا للسرية، لا للعنف، لا للاستقواء بالخارج. وتطرق أرسلان في هذا السياق إلى الاعتقالات التي شملت أعضاء في الجماعة بإيطاليا، وقال إن الحكم الابتدائي والاستئنافي جاء لصالح الجماعة، مبرزا أن يد السلطات المغربية كانت واضحة في الملف، وقال أيضا إن ما تم القيام به في الخارج بخصوص التأطير الديني كان بسبب جماعة العدل والإحسان، كما أن تشجيع الزوايا ومحاربة الأمية إنما هو لمحاصرة الجماعة وسحب البساط منها. وتطرق أرسلان إلى خلافة مرشد الجماعة الشيخ عبد السلام ياسين، وقال إن هناك مؤسسات في الجماعة، وهناك انتخابات تجري بشكل طبيعي، مبرزا أن لا أحد خطر في باله أن المرشد، الذي يبلغ من العمر 80 عاما، خالد في مكانه. وبخصوص مفاوضاتها مع السلطة، التي كانت تنفي أي حوار لها معها من قبل، كشفت قيادة جماعة العدل والإحسان عن ثلاث جولات للحوار بينها وبين مبعوثي الملكين الحسن الثاني ومحمد السادس، انتهت جميعها إلى الفشل. وقال أرسلان، في اللقاء، إن الجولة الأولى من التفاوض كانت في سنة ,1991 أي لما كانت قيادة الجماعة في السجن(9290)، إذ كان الوسيط حينها هو وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي كان يديرها عبد الكبير العلوي المدغري، وقال أرسلان إن مبعوثو الأوقاف قالوا لقادة الجماعة حينها إن الملك بلغه أن الجماعة ضده شخصيا، ولهذا يطلب لقاء معكم وأن تصرحوا له بأن لا مشكلة، وفي مقابل ذلك، اقترح مبعوثوا الوزارة أن تتحول الجماعة إلى حزب سياسي والدخول إلى البرلمان، وبالتالي تلقي أموال من الدولة، بالأحزاب تستفيد والجماعة أحق بها منها، وعقّب أرسلان على ذلك بالقول هم كانوا حريصين على إخراجنا من السجن قبل إكمال المدة ونحن كنا حريصين على البقاء فيه، ثم بعدها، يقول أرسلان، قلنا لا مشكلة في اللقاء، أما منح الجماعة حزبا، فقلنا حتى نخرج من السجن ونطرح الأمر على القواعد، وبالنسبة للقاء مع الملك الحسن الثاني وافقت الجماعة، يقول أرسلان، لكن بشرط أن لانقبل اليد ولا نبايع، وأضاف هم وافقوا، في إشارة إلى الوفد المفاوض، وطلبوا أن يتم اللقاء أولا، وهنا يقول أرسلان كنا نعرقل ما أمكن، وأضاف لا نتصور أن المدغري كان يتصرف لوحده، لكن لا نعرف من كان معه. وأبرز أن هناك دستور قائم رغم علاته ونحن نحترمه، أما حقنا فنحن لا نستجديه يقول القيادي في الجماعة. بعد متغير إقليمي يتمثل في صعود الجماعة الاسلامية للإنقاذ وقربها من الحكم، الدولة كانت تريد جسّ النبض ومعرفة موقف الجماعة مما حدث، وهي مفاوضات تكسرت على عقبة البيعة وإمارة المؤمنين، وعلى إثر فشل تلك المفاوضات، جرت اعتقالات في الجامعة في سنتي 1991 و1993 ووظفت للضغط على الجماعة وابتزازها بها. هم كانوا حريصين على أن نكتب رسالة، يقول أرسلان، إلى الملك، وفعلا كتبنا الرسالة ليس إلى الملك بل إلى المدغري، قلنا فيها أن لا مشكلة لنا في اللقاء معه أي الحسن الثاني، لكن المدغري لم تعجبه عبارة في اللقاء معه باعتبارها لا تليق بمقام الملك، ودعاهم إلى تغييرها، فكان جواب الشيخ ياسين أن الله تعالى خاطب رسوله في القرآن بقوله محمد والذين معه، فكان أن فشلت المفاوضات للمرة الثانية. أما ثالث جولة بين الجماعة والدولة فكانت على عهد الملك محمد السادس، كان مرشد الجماعة محاصرا، وكان الوسيط في التفاوض هو حسن أوريد الناطق باسم القصر الملكي سابقا، عبر أحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الحالي، وفسّرت قيادة الجماعة هذه الخطوة من الدولة بأنها كانت محرجة بسبب الحصار، ولذلك كان أول ما قاله حسن أوريد لقيادة الجماعة أن الملك محمد السادس يريد حل مشكلة الحصار على الشيخ ياسين، فردّت الجماعة بأن الأمر يتعلق بحصار جماعة لا حصار رجل، ويحتاج الأمر إلى لقاء، وهو ما لم يرفضه أوريد الذي قال أنه يمكن أن يأتي ذلك، وأكدت الجماعة أن هناك أكثر من ملف، فبالإضافة إلى الحصار، هناك ملف المعتقلين ,12 والوضعية القانونية للجماعة، وملف الإسلاميين في السجن، وهو ما ردّ عليه حسن أوريد بأن حلّ هذه الملفات يحتاج إلى تدرج، فيما قالت الجماعة مرحبا بالتدرج لكن لنبدأ بملف المعتقلين، وهكذا فشل الحوار بين الجماعة والدولة.