تشن السلطات الأمنية، منذ حوالي أسبوعين، حربا ضد جماعة العدل والإحسان المحظورة، وهي الحرب التي أسفرت عن اعتقال حوالي 107 أشخاص من أعضاء الجماعة بمدن مختلفة بتهم التجمهر والتظاهر غير المرخص لهما. وحسب مراقبين للشأن السياسي، فإن حرب الدولة ضد جماعة العدل والإحسان عادت إلى الواجهة بعد سلسلة الاعتقالات الأخيرة والناتجة عن تفريق اجتماعات داخلية للجماعة بعدد من المدن المغربية. وكانت السلطات الأمنية اقتحمت، نهاية الأسبوع الماضي، مجلسا للنصيحة كان يعقد بمنزل أحد أتباع الجماعة بمنطقة دريوش التي تبعد بحوالي 70 كيلومترا عن مدينة الناظور. وتبعا لذلك، تم اعتقال 45 عضوا من أتباع الجماعة، تم نقلهم إلى مدينة ميدار، حيث أنجزت لهم محاضر. كما اقتحمت السلطات الأمنية مجلسا آخر للجماعة بسيدي يحيى الغرب ليلة الجمعة الماضية، وهو الاقتحام الذي أسفر عن اعتقال 18 عضوا من أتباع الجماعة، فضلا عن اعتقالات أخرى في الصويرة وغيرها من المدن. إلى ذلك، قال فتح الله أرسلان، الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان، إن الاعتقالات الأخيرة في صفوف أعضاء الجماعة هي استمرار للتضييق الذي تنهجه السلطات ضد الجماعة منذ أكثر من سنة ونصف. وأضاف أرسلان، في تصريح ل«المساء»، أن الجماعة تعاني حصارا وتضييقا منذ إعلانها عن برنامج الأبواب المفتوحة في ماي 2006، حيث صارت السلطات تضيق على كل اللقاءات التي تعقدها الجماعة. وأردف قائلا: «إن الحصار الذي تعانيه الجماعة وإن كان يخبو في بعض الأحيان، فإنه يبقى متواصلا ومستمرا، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على استمرار التعسف في حق الجماعة ونشاطاتها الداخلية من خلال ممارسات غير قانونية». وبالموازاة مع سلسلة الاعتقالات التي طالت أعضاء الجماعة انطلاقا من اجتماعات مجالس النصيحة، اعتقلت قوات الأمن عناصر من جماعة العدل والإحسان خلال وقفات ومسيرات التضامن مع الشعب الفلسطيني المنظمة في مختلف المدن المغربية منذ اشتداد حالة الغليان الأخيرة بالأراضي المحتلة. وحسب مصادر من جماعة العدل والإحسان، فإن الشرارة الأولى لهذه المواجهات انطلقت يوم الأحد ما قبل الماضي، عندما بدأ أتباع الجماعة ينظمون وقفات انطلاقا من مساجد عدة مدن مغربية تضامنا مع الشعب الفلسطيني استجابة لنداء ما يعرف بالهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، وهي الهيئة المتخصصة في شؤون التضامن بالجماعة. وكانت هذه الهيئة وجهت نداء لتنظيم وقفات مختلفة بالمدن المغربية انطلاقا من المساجد والجامعات تضامنا مع الشعب الفلسطيني وتنديدا بالتصعيد التي تعيشه الأراضي المحتلة في الآونة الأخيرة. وتبعا لذلك، تم الإعداد لتنظيم وقفة أمام مقر الأممالمتحدة بالرباط انطلاقا من مسجد السنة، غير أن المشاركين فوجئوا بمحاصرة قوات الأمن للمسجد وبمنعهم من تنظيم الوقفة عن طريق العنف، حيث تمت إصابة عدد من المشاركين أثناء تفريق الوقفة. وبعد صلاة يوم الجمعة الماضي، خرجت مسيرات العدل والإحسان انطلاقا من المساجد بعدة مدن مغربية، وهي المسيرات التي ووجهت بالمنع والتفريق بالعنف الذي نتجت عنه عدة إصابات في صفوف المشاركين. وتبعا لذلك، تم اعتقال سبعة أشخاص من أعضاء الجماعة بمدينة أكادير و8 آخرين بمدينة فاس وعضوين من الجماعة بوادي زم وعضو آخر بالدارالبيضاء، بالإضافة إلى عنصر من حركة التوحيد والإصلاح التي شاركت في مسيرة الدارالبيضاء إلى جانب العدل والإحسان. إلى ذلك، اعتبرت مصادر من العدل والإحسان أن ما شهدته مدينة الناظور، أول أمس الأحد، يعد أخطر تدخل عرفته الجماعة في الآونة الأخيرة، حيث تم اعتقال 25 عضوا من الجماعة خلال المسيرة التي انطلقت بالمدينة بعد صلاة العصر، كما سجلت إصابات بليغة في صفوف عدد من المشاركين. وتحولت ساحة مسجد «للاأمينة» وعدد من المناطق بالناظور أول أمس الأحد، إلى ساحة مواجهات حقيقية، وتم إيقاف المسيرة الاحتجاجية التي كان يزمع عناصر من جماعة العدل والإحسان تنظيمها ببعض شوارع الناظور ، تضامنا مع أطفال غزة ضحايا العدوان الإسرائيلي. وحسب شهود عيان، فإنه مباشرة بعد خروج المشاركين في المسيرة من مسجد الحاج مصطفى « للا أمينة» وشروعهم في ترديد شعارات مناوئة للعدوان الإسرائيلي على فلسطين، تمت مواجهتهم بعنف نتجت عنه إصابة بعض أعضاء الجماعة الذين تم نقلهم، على وجه السرعة، إلى المستشفى الإقليمي من أجل تلقي الإسعافات الأولية، بينما نقل الآخرون إلى مخفر الشرطة بمقر الكوميسارية الإقليمية للناظور. وقد أسفر التدخل الأمني العنيف عن إصابة بعض الصحفيين الذين كانوا يقومون بتغطية أطوار المسيرة. وفي هذا الإطار، قال فتح الله أرسلان، الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان، إن التضييق الذي يطال الجماعة في هذا الباب لا يخرج عن سياق التضييق الذي تعرضت له عدة فعاليات أخرى شاركت في مسيرات التضامن مع الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن تنظيمات أخرى منعت من تنظيم وقفات للتضامن مع الشعب الفلسطيني وعرفت اعتقالات في صفوف أعضائها هي الأخرى.