روح الانفتاح للمغرب مقابل الحوار الصم مع الجزائر العلاقات مع المغرب " تتطور في الاتجاه الصحيح" أشادت منظمة العفو الدولية (أمنيستي) التي يوجد مقرها بلندن، بروح الانفتاح التي أبانت عنها السلطات المغربية في تعاملها مع الأحداث الأخيرة بالعيون. ونوه عدد من المسؤولين بالمنظمة في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء ، عقب مباحثات مع السيد أحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الأنسان ، مساء أمس الاثنين بلندن ، على الخصوص ، بقرار السلطات المغربية تمكين فريق من (امنيستي) من التوجه إلى عين المكان واستيقاء المعلومات الضرورية بشأن أعمال العنف بمخيم (كديم إيزيك) وبمدينة العيون. وقال السيد مالكولم سمارث المدير المكلف بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمنظمة التي تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، "إن الأمر يتعلق بأحداث فظيعة" خلفت 11 قتيلا في صفوف قوات الأمن، معربا عن أسفه لكون بعض المعلومات التي تم تداولها في أعقاب هذه الأحداث " لم تكن مبنية على أسس متينة ". ووصف السيد سمارث ، في هذا السياق ، ب"المهم" الشريط الذي عرض مؤخرا والذي يبين الجرائم المتركبة من طرف ميليشيات وأفراد من ذوي السوابق ضد عناصر الأمن التي تدخلت بشكل سلمي من أجل تفكيك مخيم ( كديك إيزيك) وتحرير الأطفال والمسنين الذين كانوا يتواجدون داخل المخيم. واعتبر أن من شأن المتابعات القضائية المرتقبة بخصوص هذه الأحداث، المساعدة على تسليط الضوء على الوقائع. وقال إن المتظاهرين بالمخيم "لم يكونوا يشكلون مجموعة منسجمة"، مما يوحي بوجود أشخاص ، ضمن المتظاهرين الذين كانوا يطالبون بتحسين أوضاعهم، جاؤوا خصيصا لاثارة الفوضى. ومن جانبها، أشارت السيدة دوناتيلا روفيرا وهي باحثة دولية ب(أمنيستي) والتي كانت قد زارت المغرب مؤخرا، إلى أن فريقها تمكن من التوجه بكل حرية إلى العيون حيث وقف بعين المكان على حجم الأضرار الناجمة عن الاعمال التخريبية التي نفذها الجناة ضد الممتلكات الخاصة والعمومية بمدينة العيون. وقالت " لقد استجوبنا بكل حرية عددا من الأشخاص والمسؤولين خلال زيارتنا هذه". روح الانفتاح للمغرب مقابل الحوار الصم مع الجزائر وفي نفس السياق، أعرب السيد سمارث روفيرا عن أسفه لكون منظمة العفو الدولية لا تجد بالجزائر نفس روح الانفتاح التي يتحلى بها المغرب. وقال "نأمل أن نجد بالجزائر نفس روح الانفتاح التي نلمسها في المغرب"، مضيفا أن "الحكومة الجزائرية أبلغتنا بأنه ، بسبب مؤاخذاتنا على الوضع بالجزائر ، فانه لن يكون بوسعنا زيارة هذا البلد للقيام بأعمال تقصي". وتابع "إننا نرغب في أن نلج كافة الأراضي الجزائرية بما فيها مخيمات تندوف" الواقعة تحت مراقبة انفصاليي (البولساريو) فوق التراب الجزائري، مشيرا إلى أن المنظمة تأمل في تسليط الضوء على الخروقات العديدة لحقوق الإنسان بهذا البلد، بما فيها تلك التي تستهدف المهاجرين والانتهاكات الخطيرة الأخرى. وأبرز السيد سمارث أن "معاملة اللاجئين تعد أيضا من بين اهتماماتنا بموضوع الوضع بالجزائر... نرغب في معالجة هذه القضايا على أرض الواقع ، غير أن رغبتنا تصطدم برفض السلطات الجزائرية". وأكد أن المنظمة غير مستعدة " لقبول ولوج محدود للجزائر"، مسجلا أن "الفرع الصغير جدا" الذي تتوفر عيله المنظمة بالجزائر "يواجه صعوبات للعمل في هذا البلد". وقال المدير المكلف بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية "إذا أجرينا مقارنة بين المغرب بالجزائر، يمكننا ، بشكل واضح ، تحديد أوجه الاختلاف على مستوى المقاربات، ذلك أن المقاربة المغربية أتاحت تحقيق عدة مكتسبات"، مضيفا "لقد أبلغنا هذه الملاحظات للسلطات الجزائرية، التي لم تتقبلها ". وتطرق السيد سمارث من جهة أخرى، إلى حالة المناضل المغربي مصطفى سلمة ولد سيدي مولود. وسجل أن المنظمة تريد إثارة الحالات المماثلة في مخيمات تندوف مستقبلا . وذكر ، في هذا الصدد ، بالدعوة التي وجهتها (امنيستي) من أجل الإفراج عن هذا المناضل بعد اختطافه من قبل مليشيات (البوليساريو) فوق التراب الجزائري. وكانت المنظمة قد اعتبرت آنذاك أن "الدعم السلمي لمخطط الحكم الذاتي (الذي اقترحه المغرب) لا يجب أن ينظر إليه كفعل يبرر القيود المفروضة على حرية التعبير" في مخيمات تندوف. العلاقات مع المغرب " تتطور في الاتجاه الصحيح" وحرص السيد سمارث ، من جهة أخرى على التأكيد أن علاقات التعاون القائمة بين المغرب ومنظمة العفو الدولية " تتطور في الاتجاه الصحيح". وقال "نقيم مع المغرب ، منذ سنوات ، علاقات مطبوعة بالانفتاح"، موضحا أن المباحثات مع السيد أحمد حرزني تركزت حول عدد من القضايا، تتعلق بالخصوص بعمل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لاسيما على مستوى تتبع التوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة. وأبرز أن المباحثات تناولت أيضا مشروع إحداث مركز وطني للتوثيق، مسجلا بأن الجهود التي يبذلها المغرب في مجال النهوض بحقوق الإنسان تدل على أن "الأمور تسير في الاتجاه الصحيح". وأكد المسؤول بالمنظمة على بذل المزيد من الجهود بغية تكريس التوجه الذي اختاره المغرب من أجل تجسيد وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان، معتبرا أن لقاءه مع السيد حرزني مكنه من بحث الإصلاحات المؤسساتية والقانونية التي انخرط فيها المغرب، بهدف تعزيز مكتبسات البلاد في مجال احترام حقوق الإنسان الكفيلة بتفادي تكرار وقوع الانتهاكات التي وقعت في الماضي. وشدد ، في هذا الصدد ، على ضرورة الحفاظ على الدينامية التي أطلقتها هيئة الإنصاف والمصالحة، التي شكل إحداثها سابقة على صعيد المنطقة. وسجل أن "الأولويات تتطور بالطبع مع مرور الزمن، لكن يجب الحفاظ على نفس الدينامية ونفس الرغبة السياسية للسير نحو الأمام". وقال إنه " يشعر بالارتياح " ازاء الجهود التي يبذلها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في هذا المجال. ومن جهة أخرى، شدد السيد سمارث على أهمية العلاقات التي تجمع (أمنيستي) بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. وأشاد بروح الصراحة والانفتاح التي تميز هذه العلاقات، مضيفا أن مثل هذا النوع من الروابط أمر مفيد . وكان السيد أحمد حرزني قد نشط بمقر المعهد الملكي للشؤون الدولية بلندن لقاء حول المجهودات المبذولة من طرف المغرب في مجال النهوض وتعزيز حقوق الإنسان والتحديات المستقبلية. وقد تميز اللقاء بحضور برلمانيين بريطانيين وممثلي المنظمات الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان وفعاليات المجتمع المدني وباحثين ودبلوماسيين. كما أجرى السيد حرزني مرفوقا بالسيد ألبير ساسون، العضو بالمجلس الاستشاري لحقوق الانسان، لقاء مع مسؤولين سامين بوزارة الشؤون الخارجية البريطانية، على أن يعقد خلال زيارته للندن (تستمر يومين) جلسات عمل مع كبار المسؤولين بمقر البرلمان البريطاني.