مؤخرا صادفت مثل هؤلاء الأصناف من مصاصي الدماء البشرية، وقد طلب مني أحد الانتهازيين أن أكتب له في جريدته الورقية المحلية السوقية التي لا يقرؤها أحد، باسمه هو لا باسمي أنا. أكتب له في عمود وهو ما عليه إلا أن يضع اسمه المصون. وحينما طلب مني ذلك لم يكن همي الوحيد في الإجابة عن طلبه هذا..، بقدر ما كنت أبحث في حويصلة دماغي، عن جواب لسؤال: كم هو وقح هذا الطلب؟، كم نحن انتهازيون؟!! الحياة مليئة بأناس أجلاف مهنتهم استغلال البشر، ومص دماءهم، والتمتع باستعبادهم، سعادتهم وهاجسهم وتفكيرهم ينصب على من هو الضحية الجديد؟ هدفهم في هذه الحياة هو الوصول بشتى الطرق ولو على حساب الآخرين، إما بالوصول للسلطة، وإما بجني المال والثروة، وإما البحث عن الشهرة والاستمتاع بحب الظهور.. يقطفون ثمار غيرهم ويجنون بذور الحصاد ما كان في الأصل زرع البسطاء والسذج، وجعلوا من أنفسهم محور الحياة التي يجب أن يدور الآخرون في فلكهم، لأنهم الأقوى، بل لأنهم يستغلون الحياة ومن يحوم في محيطهم من ضعفاء لم تسنح لهم الفرصة للبروز، يرتقون على حساب توظيف جهود الآخرين لخدمة وتقوية مصلحتهم العليا التي لا يعلى عليها إلا منطق الآنا. وهكذا إذا وجدوا من الناس يستغفلون ويركبون فإنهم يكونون هُمُ المغفلون إذا لم يركبوا من وجدوه مطية، لعلهم آثمون مذنبون في ترك فرصة الاستحمار. لأن ممارسة الاستحمار وامتهان الانتهازية أسهل بكثير من بذل الجهد. كم من الانتهازيون الذين نراهم قد وصلوا وتسلقوا إما لأجل إحدى هذه الأشياء أو رغبة في جميعها سواء كان مالا أو سلطة أو شهرة. الوصول ليس عيبا، لكن الوصولية في تسلق آلام الناس وأتعابهم، وتنمية الثروات على حسابهم…، هو الذي يعد عيبا وخيانة. وهكذا فإن كَثُرَ الحمير حينما يكون الامتطاء سهلا، فانه لا أحد ينزل كي يصل وقد وجد أمامه فرصة في القفز على المُستحْمَرين، لأن الاستمتاع بركبة الحمار وهو يمشي وهو يتأرجح وهو يهتز بمن فوقه، تعطي متعة لا يستغني عنها من ذاق حلاوتها. وكم يوجد المتسلقون والوصوليون والانتهازيون والمتزلفون والاستغلاليون والمُستحمِرون من حولنا، هم كثر بيننا، وقد لا نشك في أن أكون أو تكون ممن فيهم هذه الصفة القذرة، فإن لم يكن بالكثير فقليله يكفي، وهذه صفة البشر قد خلق فيها الله بصمات الأنفس تذنب مرة وتتوب مرة. وإن تغيير الأنفس أصعب من تغيير مجاري الوديان والأنهر. وهكذا فإن من يظلم أو يستغل أو يستعبد أو ينتهز فالأحرى له أن يعيد الحقوق لأصحابها.. مؤخرا صادفت مثل هؤلاء الأصناف من مصاصي الدماء البشرية، وقد طلب مني أحد الانتهازيين أن أكتب له في جريدته الورقية المحلية السوقية التي لا يقرؤها أحد، باسمه هو لا باسمي أنا. أكتب له في عمود وهو ما عليه إلا أن يضع اسمه المصون. وحينما طلب مني ذلك لم يكن همي الوحيد في الإجابة عن طلبه هذا..، بقدر ما كنت أبحث في حويصلة دماغي، عن جواب لسؤال: كم هو وقح هذا الطلب؟، وتساءلت مع نفسي أين تعلم هؤلاء مثل هذه الوقاحة؟ كيف لنا أن نعرف أمثال هؤلاء الانتهازيين؟ الجواب في نظري: كل معلم، كل طبيب، كل صحفي، كل وزير، كل تاجر، كل مهني، كل إمام، كل عالم، كل سياسي، كل موظف، كل مفكر، كل إنسان.. يتملص من مسؤوليته وإتقانه في العمل، يستغل ظروف البسطاء، لا يراعي مشاعر الآخرين، ولا يحكم ثقافة الأخلاقيات في خطواته، ويأخذ ما ليس من حقه..، هو أحد هؤلاء الانتهازيين الخونة سواء وصل لمبتغاه أم لم يصل. كم نحن انتهازيون؟!! نرى الجياع يمدون أيديهم لكسرة خبز، ولا نعطيهم مما في خزائننا من دقيق، ونصمت حينما يطلب منا الكلام، ونضحك حينما يطلب منا البكاء، ونفر حينما يطلب منا التضحية، ونجبن حينما يطلب منا أن نكون شجعان. انتهازيون نحن، حينما نرى الظلم ولا نأمر بالعدل.